مجتمع » حريات وحقوق الانسان

عماد حجاج آخر ضحاياها.. كيف أوصلت أبوظبي قمعها إلى بلدان عربية؟

في 2020/08/29

الخليج أونلاين-

لم يكن يعلم رسام الكاريكاتير الأردني عماد حجاح، أن التعبير عن رفضه للتطبيع مع "إسرائيل" واستخدام ريشته لانتقاد خطوة الإمارات لاتفاق سلام مع دولة تحتل فلسطين سيتسبب له بالاعتقال والزج به في السجن.

وبينما أصبح الانتقاد داخل الإمارات محرماً منذ سنوات طويلة، ويودي بصاحبه إلى السجن، امتدت يد أبوظبي إلى خارج أراضيها، ودفعت دولاً لاعتقال مواطنيها؛ بسبب انتقادات تستهدف حكام الإمارات أو سياستها الخارجية وتدخلاتها في دول عربية.

ومنذ سنوات، وبزعم تشكيلهم تهديداً استراتيجياً على أمن الإمارات وانتقاصهم لسيادتها، تعرض الكثير في دولٍ عربية للسجن والمحاكمة لمجرد انتقادهم لأبوظبي، في حين تزج الأخيرة في غياهب السجون بالمئات من النشطاء السلميين ونشطاء حقوق الإنسان المطالبين بإصلاح سياسي وحقوقي في بلادهم.

آخرهم عماد حجاج

بعد ساعات من نشره كاريكاتيراً يسخر من موقف "إسرائيل" الرافض لبيع الولايات المتحدة للإمارات طائرات "F-35"، سريعاً ما اعتقلت السلطات الأردنية، في 26 أغسطس 2020، رسام الكاريكاتير عماد حجاج، المعروف بشخصية "أبو محجوب، والذي يعمل في صحيفة وموقع "العربي الجديد".

وفي اليوم التالي لاعتقاله قرر مدعي عام عمان رامي الطراونة، تحويل رسام الكاريكاتير عماد حجاج إلى محكمة أمن الدولة؛ للتحقيق في التهمة الموجهة له.

وأفاد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، في تغريدة عبر حسابه في موقع "تويتر"، بأن رسام الكاريكاتير حجاج تم توقيفه أثناء عودته من الأغوار.

وبين منصور أنه تواصل مع وزير الداخلية والدولة لشؤون الإعلام، وأبلغوه بأن اعتقاله جاء على خلفية قضية نشر؛ بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.

والكاريكاتير سخر فيه حجاج من موقف الإمارات وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد؛ بعد رفض "إسرائيل" بيع واشنطن طائرات "إف 35" لأبوظبي بعد أسبوعين على تطبيع العلاقات بين الأخيرة و"تل أبيب".

أفعال مجرمة ومدانة

يقول توفيق الحميدي، الناشط الحقوقي ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف، إن اعتقال أي شخص أبدى رأيه "يعد جريمة وانتكاسة من انتكاسات حقوق الإنسان لدى تلك الدول".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" عما يتعرضه له الكتاب والصحفيون والناشطون من حملة اعتقالات واسعة في الدول العربية على خلفية آرائهم يقول: "إن الدول العربية والإسلامية تأتي في مقدمة الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان".

وأضاف: "ما سجل مؤخراً من انتهاكات لصحفيين وكتابات، سواء في الأردن أو الإمارات والسعودية ومصر وغيرها، هي أفعال مجرمة ومدانة، وتكشف حقيقة الأنظمة القمعية، وإساءة حقيقية لكل الدول التي تتغنى بحقوق الإنسان وتسكت عن كل هذه الممارسات إلا بصورة انتقائية".

ويؤكد أن تكميم الأفواه واعتقال الصحفيين وكتاب الرأي "ليس دليل قوة بل دليل ضعف؛ فالرأي لا يهدد الحاكم ولا يمكن أن يثير فوضى أو انقلاباً، بل يأتي في سياق طبيعي في البلد الذي يعيش فيه ذلك الكاتب".

ولفت إلى أن حرية الرأي التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيرها من الاتفاقيات، "أصبحت معياراً أساسياً يقاس به مدى التزام الدول بحقوق الإنسان، وتأتي في مقدمة الحقوق "الحريات الصحفية والإعلامية".

ليست الأولى

لم يكن اعتقال شخص غير إماراتي انتقد الإمارات بطريقته الخاصة هي الحادثة الأولى التي تحدث للأردني حجاج؛ فعلى مدى السنوات الماضية اعتقل العشرات في عدة دول لذات الموقف.

ويرصد "الخليج أونلاين" أبرز تلك الاعتقالات، ومن بينها في الأردن أيضاً، باعتقال السلطات هناك، في نوفمبر 2014، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، زكي بني أرشيد، بعد مقال كتبه انتقد فيه حكومة الإمارات بعد تصنيفها جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، وحكم عليه بالسجن لمدة عام ونصف العام مع الشغل.

وفي أكتوبر 2017، اعتقلت السلطات السعودية الشاعر والراوي السعودي فواز غسيلان، وزجت به في السجن؛ بعد تغريدات له حول الأزمة الخليجية وانتقاد موقف الإمارات من قطر.

وفي يوليو 2018، اعتقلت السلطات السعودية عبد العزيز الفوزان، أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء، وتداول مغردون في السعودية مقطع فيديو لخطيب جامع الشيخ زايد الكبير بالإمارات، وسيم يوسف، (أعفي لاحقاً) وهو يتفاخر بتحريضه على سجن العلماء السعوديين ويبشر باعتقال الفوزان.

وصدر حكم بالسجن خمس سنوات على الدكتور محمد الحضيف، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود؛ بعد تحذيره مما أسماه الدور المشبوه الذي تمارسه الإمارات في السعودية، حيث اعتقل في مارس 2016.

كما اعتقلت السعودية الأمير عبد العزيز بن فهد، نجل الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، في سبتمبر 2017؛ بعد نشره عدة تغريدات في يوليو من العام نفسه انتقد فيها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وسياسات الإمارات.

واعتقلت السلطات السودانية، في أبريل 2019، رئيس حزب دولة القانون والتنمية، محمد علي الجزولي، قبل أن تفرج عنه لاحقاً؛ على خلفية انتقاده الإمارات واعتبار دورها تخريبياً في كل البلدان التي شهدت ثورات، على حد تعبيره.

وفي مايو 2015، قضت محكمة الجنايات الكويتية بحبس الناشط والمغرد الكويتي مساعد المسيليم؛ بسبب تغريدة له عن دولة الإمارات.

وفي يناير 2020، أصدرت محكمة الجنايات الكويتية أمراً بضبط وإحضار المفكر الكويتي الشهير الدكتور عبد الله النفيسي؛ على خلفية اتهامه بالإساءة للإمارات.

كما قضت محكمة الاستئناف الكويتية، في يوليو 2020، بسجن الكاتب السياسي والبرلماني السابق ناصر الدويلة 6 أشهر؛ بسبب اتهامه بالإساءة إلى دولة الإمارات على خلفية تغريدات نشرت في 2014، بعد تقدم سفارة الإمارات بالكويت بشكوى ضده.

وقضت ذات المحكمة، في فبراير 2020، بسجن الداعية حامد العلي 3 سنوات، في قضية الإساءة لدولة الإمارات، بعدما هاجمها في 2017 بأبيات شعرية.

وفي شهر يونيو 2019، اعتقلت قوات أمنية تابعة للمجس الانتقالي الجنوبي باليمن الناشط السياسي عبد الحميد الصبيحي؛ عقب انخراطه في صفوف حركة سياسية تعارض الوجود الإماراتي باليمن، وانتقاده المستمرة لأبوظبي.

ويؤخذ على الإمارات وقوفها في الجهة المضادة لتطلعات الشعوب التي تتوق شوقاً نحو الحرية والديمقراطية وممارسة العملية الانتخابية بكل شفافية ونزاهة، وإبعاد العسكر عن الحياة المدنية، علاوة على إنهاء فكرة الانقلابات العسكرية ومحاربة الحكومات المنتخبة.

وتلاحق أبوظبي اتهامات من كل حدب وصوب بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ومنها مصر واليمن وسوريا وليبيا وموريتانيا وفلسطين وغيرها، وتعمل على إيصال رجالها المقربين إلى كرسي الحكم؛ على غرار اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، والفلسطيني محمد دحلان، فضلاً عن دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يرفع شعار انفصال جنوب اليمن عن شماله.