مجتمع » بطالة

كيف كشف "بائع شاي" حجم أزمة البطالة بين السعوديين؟

في 2020/08/29

متابعات- 

لم تمكن شهادة الماجستير في نظم المعلومات وإدارة الأمن بتقدير امتياز من إحدى الجامعات الأمريكية، حاملها الباحث السعودي عبد اللطيف الجرفان، من الحصول على أي وظيفة داخل بلده السعودية، في ظل الواقع الاقتصادي المتراجع بسبب انهيار أسعار النفط، وسيطرة الوافدين على آلاف الوظائف.

واضطر الباحث الجرفان، الذي كلف السعودية آلاف الدولارات على دراسته في الولايات المتحدة، إلى ارتداء ثوب احتفال تخرجه وبيع الشاي في مدينة أبها، بعد تعذر حصوله على وظيفة حسب تخصصه.

وتداول أحد النشطاء السعوديين مقطع فيديو يظهر الجرفان وهو يبيع الشاي، وسط حالة دهشة كبيرة من وجود خريج الماجستير في هذا المهنة، وعدم تمكنه من الحصول على وظيفة.

عبداللطيف أحمد _حاصل على #شهادة_الماجستير من أمريكا لم يحصل على وضيفة فعمل في بيع الشاهي في ابهاشاب سعودي طموح خريج ماجستير امن معلوماتي من امريكا ومن الاوائل على الدفعه الله يكتب له الرزق pic.twitter.com/RppYlEkdbq

— فهد القحطاني (@fahadm94) August 21, 2020

وأثار مظهر الباحث الجرفان غضب السعوديين، وهو ما دفع بقناة الإخبارية شبه الرسمية إلى إظهاره عبر شاشاتها لتبرير أن العمل ليس عيباً، دون حديثها عن مشكلة البطالة وقلة الوظائف بين السعوديين.

معدل البطالة

ويعكس حال الجرفان الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشباب السعودي وقلة توفر فرص عمل لهم، وازدياد معدلات البطالة التي تحاول السلطات دائماً إخفاءها، حيث تظهر الأرقام الرسمية استقرار معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الرابع 2019 عند مستوياتها نفسها في الربع الثالث، والبالغة 12%.

وحسب آخر إحصائيات رسمية صدرت في أبريل الماضي، بلغ معدل البطالة في السعودية بين المواطنين 5.4% للذكور، و33.7% للإناث، وارتفع المعدل الإجمالي (سعوديون وأجانب) إلى 5.6% في الربع الأخير من 2019، من 5.5% في الربع الثالث.

وبلغ عدد المشتغلين 13.39 مليون فرد؛ منهم 10.22 ملايين أجنبي (76%)، و3.17 ملايين سعودي (24%).

وكان معدل البطالة قد ارتفع بين السعوديين إلى 12.9% في 2018، عقب تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014، وانكماش الاقتصاد في 2017.

محاولات فاشلة

حاولت السلطات السعودية تشغيل مواطنيها، خاصة الشباب، من خلال طرحها عدة مشاريع أبرزها مشروع نيوم، الذي قيل إنه سيضمن تشغيل 450 ألف سعودي، ومشروع القدية الترفيهي الذي سيشهد توظيف 300 ألف، ووجود السينما سيوفر 100 ألف وظيفة.

وبلغة الأرقام ووفق معطيات رسمية، وحسب ما رصده "الخليج أونلاين"، لم تحقق هذه المشاريع الأهداف المرجوة منها في مجال الوظائف وتشغيل السعوديين، حيث ازدادت وظائف الأجانب بأكثر من 100 ألف وظيفة خلال الربع الثاني لعام 2019، وفق تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

وخسر السعوديون، وفق التقرير، أكثر من 20 ألف وظيفة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعطي مؤشراً على "فشل جديد لرؤية 2030"، التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، وكانت تهدف إلى توطين السعوديين في كثير من الوظائف الجديدة، خاصة في قطاع السياحة.

ووفق التقرير، فقد بلغ إجمالي المشتغلين، من السعوديين وغير السعوديين، 12 مليوناً و857 ألفاً، بينهم مليونان و300 ألف فتاة، ووصل عدد السعوديين الذين يشغلون عملاً إلى 3 ملايين، بينهم مليون فتاة، ومليونا شاب، خلال الربع الثاني من 2019.

وحسب تقرير هيئة الإحصاء السعودية، فقد وصل عدد غير السعوديين الذين يعملون إلى 9 ملايين و653 ألفاً، منهم مليون و195 فتاة، وهو ما يعد رقماً كبيراً وضربة جديدة لمخططات السلطات في "سعودة كثير من الوظائف".

إخراج الأجانب

بعد الفشل السعودي في توظيف الخريجين، ذهب السعوديون إلى تحميل مسؤولية عدم تشغيل أبنائهم إلى الوافدين، حيث تعالت أصوات تطالب بسعودة الوظائف، وهو ما عملت عليه السلطات، ولكنها لم تحقق أي نتائج مرجوة.

وأدخلت السعودية كذلك برنامجاً حكومياً جديداً هدفه تحفيز القطاع الخاص على تعيين السعوديين، وذلك لمواجهة فشل برامج توطين الوظائف مع ارتفاع حجم البطالة بين السكان.

ويعمل البرنامج الجديد على دعم برامج توطين الوظائف في السعودية من خلال تحمل جزء من رواتبهم على مدار 3 سنوات، بالإضافة إلى تأهيلهم لسوق العمل، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

ويهدف برنامج الدعم الجديد إلى تحفيز مؤسسات القطاع الخاص على التوطين، ورفع مساهمة السعوديين في سوق العمل، وإكسابهم المهارات اللازمة، حيث يستبعد أصحاب الأعمال في القطاع الخاص توظيف السعوديين، ويعطون في ذلك أولوية للكفاءات والخبرات الأجنبية التي لا تتوفر في كثير من الأحيان في أقرانهم السعوديين.

ويستهدف البرنامج السعودي الجديد العاطلين عن العمل والخريجين الجدد ومساعي دمجهم في القطاع الخاص، ودعم رواتبهم لمدة 3 سنوات، وتقسم 30% في السنة الأولى و20% في السنة الثانية و10% في السنة الثالثة، فضلاً عن تأهيلهم لسوق العمل.

وبعكس التوقعات، سجلت الأسواق السعودية خروج أكثر من 8268 عاملاً وعاملة سعوديين من أعمالهم في الأسواق، ودخول 3488 عاملاً أجنبياً بدلاً منهم، خلال الربع الأخير من 2018، وهو ما يعد ضربة قوية لبرنامج "السعودة".

وأكدت إحصائية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية، ونُشرت في مارس الماضي بصحيفة "الوطن" المحلية، أن عدد العاملين غير السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية بالربع الثالث بلغ 7.157 ملايين عامل، في حين تجاوَز عددهم بالربع الثاني 7.421 ملايين.

كذلك، أكدت صحيفة "بلومبيرغ" الأمريكية أن الخطوات والبرامج السعودية لم تنجح في خفض نسب البطالة التي لا يزال معدلها مرتفعاً بنسبة 12%.

وفي محاولة مستمرة لإيجاد فرص عمل للخريجين السعوديين، بدأت السعودية، الخميس (20 أغسطس الجاري)، توطين منافذ بيع الجملة والتجزئة في 9 أنشطة اقتصادية بنسبة 70%؛ تطبيقاً لقرار وزير الموارد البشرية السعودي أحمد الراجحي، الصادر في مارس الماضي.

وبحسب ما ذكرت وزارة الموارد البشرية يطبق القرار على أنشطة بيع القهوة والشاي والعسل والسكر والبهارات، والمياه والمشروبات، والفواكه والخضراوات والتمور، وبيع الحبوب والبذور والزهور والنباتات والمواد الزراعية.

ويشمل أيضاً أنشطة بيع الكتب وأدوات القرطاسية وخدمات الطالب، ومحال الهدايا والكماليات والأعمال والمشغولات اليدوية والأثرية، وبيع الألعاب وألعاب الأطفال، وبيع اللحوم والأسماك والبيض والألبان والزيوت النباتية، ومواد التنظيف والبلاستيك والصابون.