اقتصاد » احصاءات

ايهما اخطر..كورونا ام ممارسات السعودية النفطية؟

في 2020/03/28

 

أحمد شوقي- راصد الخليج- 

 شكل اجتياح وباء كورونا لدول العالم اختبارا قاسيا لامكانات واستعدادات الدول للطوارئ، كما اختبر مصداقية الدول والمؤسسات الكبرى، وكشف مكامن الضعف والاهتراء في اقتصادات البلدان وخاصة تلك التي تعتمد على الريع.

ولأن بلدان الخليج لاتزال تعتمد على الريع فإنها من اكثر الدول تضررا، وكما قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني،  فإن هبوط أسعار النفط الخام عند المستويات الحالية أو أعلى بقليل سيضعف الاحتياطات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي.

واضافت الوكالة "نتوقع أن يتحول مزيج التمويل في دول مجلس التعاون الخليجي لصالح السحب من الاحتياطيات المالية".

وتوقعت الوكالة أن يصدر مجلس التعاون الخليجي نحو 42 مليار دولار من الديون الخارجية هذا العام، من 48 مليار دولار العام الماضي؛ وسيرافق ذلك 110 مليارات دولار من السحب من الاحتياطيات المالية وصناديق الثروة، مقارنة بـ15 مليار دولار فقط في 2019".

ورغم ان دول الخليج تمتلك احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية يمكن الاعتماد عليها، مثل أبوظبي والتي لديها صندوق ثروة سيادي بقيمة 850 مليار دولار، والرياض التي تمتلك احتياطيات بقيمة 502 مليار دولار.

ولكن في حين أن أبو ظبي أكثر مرونة من دبي مثلا، فهي تشعر بالتأثير أيضًا؛ فقد تم إلغاء سباق الدراجات الذي كان من المقرر عقده في أواخر فبراير عندما تم تشخيص اصابة مشاركين إيطاليين. ونتيجة لذلك ، تم إغلاق اثنين من فنادق جزيرة ياس الخمس نجوم ، كراون بلازا و دبليو.

و دبي تعتمد على مصدري النفط الخام الإقليميين فضلاً عن التجارة العالمية، وحاليا تفتقر إلى الوسادة المالية لعائدات النفط الضخمة. وكما قال مصرفي كبير، على عكس أزمة عام 2009 التي أثارتها الديون، فإن المشكلة تكمن في انهيار مفاجئ في الطلب، مما أثر على جميع ركائز اقتصاد دبي.

وتفيد التقارير، بأنه، ومع انخفاض الطلب العالمي ، قالت شركة الضيافة ماريوت أنها كانت تقلل من ساعات العمل وتقدم إجازة مؤقتة للتخفيف من الأثر. انخفض معدل إشغال الفنادق في دبي في الأسبوع الأول من مارس بنسبة 28 في المائة على أساس سنوي إلى 61 في المائة ، وفقًا لمزود البيانات STR.
وتقول ذات التقارير، انه، بينما تفكر اليابان في تأجيل الألعاب الأولمبية الصيفية، فإن جدوى استضافة دبي لمعرض إكسبو 2020 - التي تأمل أن يجلب 25 مليون زائر من أكتوبر - هي موضع تساؤل. وفي إشارة إلى الإجراءات القوية التي اتخذتها دولة الإمارات لاحتواء الفيروس ، قال منظمو المعرض أنهم سيفعلون في الأسابيع المقبلة "إعادة تقييم وتعديل الاستعدادات المخططة" للمعرض التجاري.

واعادت هذه المخاطر تذكير الخبراء بخطورة عدم تنويع الاقتصاد، وقال جوناثان فولتون في تقرير للمجلس الأطلسي: ( شيء واحد يتضح بشكل متزايد في الخليج هو الحاجة الماسة للتنويع الاقتصادي المستدام. شرعت جميع دول مجلس التعاون الخليجي في برامج تطوير "الرؤية" المصممة لإبعادها عن النماذج الريعية أحادية الموارد على أمل أن تتمكن من الانتقال إلى نماذج ما بعد المحروقات. ومع ذلك ، تعتمد هذه البرامج على عائدات صادرات الطاقة لبناء قطاعات ما بعد الطاقة، وانخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة يجهد تلك الجهود. الصدمة الحالية لأسواق الطاقة العالمية ، مع انخفاض الأسعار بنحو 15 في المائة منذ بداية العام ، تجعل من الصعب إدارتها).

وإلى جانب التأثير على التجارة ، فهناك تأثيرات اقتصادية اخرى مثل ايقاف السعودية العمرة وربما الحج، وهي مصادر مهمة للدخل للمملكة العربية السعودية

وقد لخص جون سفاكياناكيس، خبير خليجي في جامعة كامبريدج خطورة الوضع بالقول: "يمكن أن تواجه اقتصادات الخليج واحدة من أخطر اختباراتهم على الإطلاق". "صدمة أسعار النفط هي أنباء سيئة لدول الخليج حيث سيتم اختبار الوسادة المالية".

واللافت في هذا الوضع، ان هناك اجراءات سعودية اشبه بالمقامرة، فقد استأجرت السعودية، أكبر مصدر للنفط، أسطولاً من السفن لغمر السوق بكميات إضافية من الخام، لكن شركات التكرير مترددة في قبول الشحنات؛ لكون العملية رفعت تكاليف الشحن لمستويات فلكية.

وقد القى تقرير لوكالة "رويترز" الضوء على هذه المقامرة، حيث افاد بأن المملكة قد تعجز من جراء ذلك عن تصريف عشرات الملايين من البراميل المحمّلة على متن سفن راسية باهظة التكلفة، في ظل انهيار الطلب على النفط بفعل فيروس كورونا، وفقدان الأسعار العالمية أكثر من نصف قيمتها مقارنة مع بداية العام.

ونقلت الوكالة عن مصادر بقطاع الشحن قولهم إن السعودية حجزت عدداً كبيراً من الناقلات العملاقة يصل إلى 25، واستأجرت بشكل مبدئي 15 سفينة أخرى لإرسال النفط إلى عملاء جدد وقدامى بهدف إزاحة روسيا، ويمكن للسفن أن تحمل معاً 80 مليون برميل من النفط، وهو ما يوازي تقريباً يوماً من الطلب العالمي.

وتسببت حمى استئجار السفن في زيادة ضخمة في أسعار الناقلات، ما دفع المملكة إلى إخطار المشترين بتخليها عن سياستها المعتادة بتقديم تعويض عن القفزات في أسعار الشحن، مما قلل من جاذبية الخصومات السعودية الكبيرة.

ونقلت الوكالة عن أربعة مصادر تجارية قولها إن عدداً من شركات النفط الأوروبية الكبرى وشركات التكرير تخوض محادثات مع "أرامكو" السعودية لمحاولة خفض مشتريات أبريل.

وأشارت إالوكالة لى أن الاندفاع على السفن تسبب في ارتفاع أسعار الناقلات لمستويات قياسية تجاوزت 200 ألف دولار يومياً في الأيام العشرة الأخيرة، وما زالت الأسعار فوق 100 ألف دولار في اليوم، مقارنة مع متوسط بنحو 40 ألف دولار يومياً في العام الماضي.

ترى، هل يحتاج الوضع الراهن الى اجراءات حكيمة، ام الى اجراءات مقامرة تزيد الوضع انهيارا؟

وهل نحن بحاجة الى ارساء قواعد راسخة للاقتصاد ام نترك الاقتصاد عائما في مهب موجات عاتية لا يعرف مدى وحجم مخاطرها بعد؟