علاقات » اميركي

كيف ستتغير السياسة الأمريكية تجاه الخليج بغض النظر عن الرئيس المقبل؟

في 2020/03/13

تشتعل معركة الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لتحديد من سيواجه "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، "بيرني ساندرز" أو "جو بايدن".

ولكن بصرف النظر عمن سيفوز في الانتخابات التمهيدية والانتخابات النهائية، هناك شيء واحد مؤكد هو أن الرئيس الأمريكي المقبل سيحدد التغييرات الأساسية في الالتزام العسكري الأمريكي تجاه الخليج وكيف ستبدو البنية الأمنية الإقليمية الجديدة.

لا شك أن "ساندرز" (بناءً على وعود حملته الانتخابية) سيشرف على التحول الأساسي في سياسة الولايات المتحدة الممتدة منذ عقود تجاه الخليج وبقية الشرق الأوسط.

حتى إذا فشل "ساندرز" في أن يصبح المرشح الديمقراطي في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، أو خسر أمام "ترامب"، فمن المؤكد أن عناصر مهمة في تفكيره ستكون في صميم سياسة الإدارة المقبلة. مما يعكس اتجاهًا أوسع في المواقف الأمريكية تجاه الالتزامات الخارجية بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص.

من الصعب التفكير في أي شيء يتفق عليه "ساندرز" و"ترامب". وحتى إذا كان هناك شيء، مثل التزام أقل بأمن الخليج، فإنهم سيفعلون كل شيء لإنكار وجود أي أرضية مشتركة.

ومع ذلك، ربما يكون هذا هو الشيء الوحيد الذي يتفقون عليه.

ومن الفروق الرئيسية بين الرجلين هو أن "ترامب"، الذي يفتقر إلى رؤية سياسية تتجاوز شعارات مثل "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" و "لماذا يجب على الولايات المتحدة تحمل مسؤولية الآخرين؟" ناقض نفسه ويرى السعودية والإمارات و(إسرائيل) كحواجز حماية.

وبغض النظر عما إذا كنت تتفق مع "ساندرز" أم لا، أو إلى أي مدى تبدو رؤيته واقعية، فلا شك أنه فكر من خلال مفهوم "ما يجب أن تكون عليه السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط".

ونتيجة لذلك، فإن رئاسة "ساندرز"، التي ينظر إليها بتخوف من دول مثل (إسرائيل) والسعودية والإمارات، قد تثبت أنها إما الإدارة الأكثر تأثيرا في تغيير السياسة في المنطقة أو الأكثر انقساما وتدميرا.

من المرجح أن يكون المشهد المتغير مدفوعًا برغبة الولايات المتحدة في تقليل التزامها العسكري ما يعزز الشكوك الخليجية بشأن موثوقية الولايات المتحدة.

وبدأت الشكوك بدعم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" للثورات العربية الشعبية عام 2011 واتفاقه النووي مع إيران، وتعززت لاحقًا بسبب عدم القدرة على التنبؤ بسياسة "ترامب" ورفضه الرد بقوة على العديد من الاستفزازات الإيرانية، بما في ذلك هجوم سبتمبر/أيلول الماضي على منشأتين سعوديتين رئيسيتين للنفط .

ورحبت دول الخليج بمقتل "قاسم سليماني" في يناير/كانون الثاني لأنه تسبب بإخراج خصم مخيف، ولكن ذلك أيضًا شكّل عملية تخاطر بسحب المنطقة إلى حرب شاملة.

أثار "ترامب" المزيد من التساؤلات حول إصراره على فعالية خطوة انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران وحملة الضغط القصوى التي تفرضها العقوبات ضد طهران.

يبدو التحرك نحو هيكل أمني متعدد الأطراف جذابًا بشكل متزايد نظرًا لعدم اليقين الإقليمي بشأن الانتخابات الأمريكية، وأنه لا الصين ولا روسيا ترغب أو لديها القدرة على استبدال الولايات المتحدة كضامن أمني في الخليج.

بالرغم أنه من المتوقع اقتراب "بايدن" أكثر من نهج "أوباما"، فقد أثار "ساندرز" مخاوف في الرياض والقدس مع وعد حملته بالعودة إلى الانضمام إلى الاتفاق النووي في اليوم الأول من رئاسته.

مثل هذا الفهم هو في صميم المقترحات الروسية والإيرانية لترتيب متعدد الأطراف من شأنه أن يدمج مظلة الدفاع الأمريكية الأحادية القطب الحالية التي تم تصميمها لحماية دول الخليج المحافظة ضد إيران.

من المرجح أن يعتمد نجاح سياسة "ساندرز"المستقبلية، على ما إذا كانت (إسرائيل) والسعودية والإمارات ستستجيب له وكيف ستتعامل مع سياسته.

دفع إحساس في الرياض وأبوظبي بأن المصالح السعودية والإماراتية قد تم تجاهلها خلال المفاوضات مع إيران وأنه لم يعد من الممكن الوثوق بالولايات المتحدة بشكل كامل، إلى الشروع في سلسلة من السياسات المتهورة. أثار هذا الشعور بعدم الثقة الحرب الكارثية في اليمن وأقنعهم بصياغة علاقات وثيقة وإن كانت غير رسمية مع (إسرائيل)، التي تعتبر النظام في طهران تهديدًا وجوديًا.

كما أن عدم الموثوقية تجاه "ترامب" دفعت الإمارات والسعودية إلى التواصل مع إيران. يبدو أن الإماراتيين أحرزوا تقدماً في خفض التوترات، بينما انهارت الاتصالات السعودية الإيرانية غير المباشرة مع مقتل "سليماني".

يمكن لفك الارتباط العسكري الأمريكي مع الخليج والعراق، وكذلك وقف دعم الانخراط السعودي في اليمن في عهد "ساندرز"، أن يضخ حياة جديدة في الجهود الإقليمية لخلق بيئة مواتية لهندسة أمنية جديدة.

وقالت الباحثة الشؤون الدولية "دانية الخطيب": "بالرغم أن البعض قد يرون أن رئاسة ساندرز ستتسبب في المزيد من الاضطرابات في المنطقة، إلا أن الاحتمال الأكبر أنه سيقود نهجًا متعدد الأطراف، مما يعطي مساحة أكبر للأمم المتحدة لحل النزاعات في المنطقة".

جيمس دورسي- إنسايد أرابيا - ترجمة الخليج الجديد