سياسة وأمن » حوادث

هل اقتربت الدوحة والرياض من مصالحة خليجية تستثني أبوظبي؟

في 2019/12/07

الخليج أونلاين-

لعل بطولة كأس الخليج لكرة القدم "خليجي 24" قد ألقت بظلالها على اقتراب حل الأزمة الخليجية فعلاً، تزامناً مع اقتراب عقد قمة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض، في الـ10 من الشهر الجاري.

ولكن اقتراب الحل يفتح عدة تساؤلات متعددة حول شمولية الحل، هل سيكون بين الجانبين القطري والسعودي فقط، بحكم عدة مجريات حدثت في الآونة الأخيرة، لا تظهر وجود أية بوادر من قبل الإمارات للدخول في المصالحة الحالية، أو أن المنامة ربما قد تكون مع الرياض في خطوتها فيما تبقى أبوظبي منفردة في سياساتها.

وتذهب توقعات المراقبين إلى إمكانية حدوث انفراجة في جدار الحصار المستمر منذ عام 2017 على قطر، ولكن ليس كاملاً إنما يكون مع السعودية ثم رويداً رويداً مع البقية.

دلائل انفراج

ورغم أن غالبية ما سبق حول اقتراب الانفراجة كانت تسريبات صحفية، وتصريحات من قبل الوسيط الكويتي، إلا أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال يوم الجمعة (6 ديسمبر 2019)، إن "هناك مباحثات مع الأشقاء في السعودية"، معرباً عن أمله في أن تسفر عن نتائج إيجابية.

وأوضح الوزير القطري، خلال منتدى "حوار المتوسط" بالعاصمة الإيطالية، أنه لم يعد الحديث يدور عن المطالب الـ13 التعجيزية، مؤكداً أن المفاوضات تبتعد عنها.

وأكمل موضحاً: "انتقلنا من طريق مسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن العلاقة".

وشدد رأس الدبلوماسية القطرية على أن بلاده "لديها سياستها المستقلة"، مشيراً إلى أن شؤون قطر الداخلية "لن تكون محل تفاوض مع أي طرف".

وبيّن وزير الخارجية القطري "لم ندعم الإسلام السياسي ولا حركة الإخوان المسلمين، لكن دعمنا كان للشعوب وليس للأحزاب السياسية"، مؤكداً بالقول: "دعمُنا لمصر لم ينقطع حتى بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي"، مؤكداً أن الإخوان المسلمين ليس لديهم وجود رسمي في قطر.

وبشأن العلاقة مع إيران، قال الوزير القطري، إن بلاده ملتزمة بعلاقة حسن الجوار مع طهران، ولن تنسَ أنها فتحت أجواءها لقطر بعد الحصار.

وعلق الباحث الإسلامي مهنا الحبيل على تصريحات الوزير في تغريدة على "تويتر" قائلاً: نقطتان مهمتان، المفاوضات ثنائية مع الرياض، وخارج المطالب 13، وعليه هناك تغير في حراك الدبلوماسية السعودية يبتعد عن أبوظبي".

وشدد الحبيل أن الطرف القطري "لا يعلن مثل هذه المواقف عبر شخصية عالية المستوى إلا بعد تقدم على الأرض".

ويبدو أن قطر بقيت متمسكة بشروطها لإنهاء الحصار، بدون شروط وعبر الحوار، لوضع أسس وآليات تبني العلاقة الأخوية بين الجيران من جديد.

وهذا ما يتم تأكيده في المحافل الدولية وللوسطاء، وكان في آخر مرة بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حيث جمع لقاء في 12 نوفمبر 2019، وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع نظيره الأمريكي، وأكد خلاله الوزير القطري أن بلاده تقدر جهود واشنطن "لإعادة مجلس التعاون لسابق عهده".

وأكد الوزير القطري أن بلاده أبدت استعدادها للحوار، لكنه شدد في معرض حديثه على أن هذا الحوار يجب أن يكون غير مشروط، ومبنياً على احترام سيادة الدول والاحترام المتبادل، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية.

وذكر أيضاً أن جهود وساطة الكويت في الأزمة الخليجية لا تزال مستمرة، مؤكداً أن الزيارات التي أجراها مسؤولون كويتيون إلى السعودية وقطر في الآونة الأخيرة كانت في إطار بحث الأزمة الخليجية وتطورات أخرى.

خطوات في طريق الحل

ولم تكن القمة الخليجية التي ستنعقد في العاصمة الرياض هي الخطوة الأولى لكسر الجمود في العلاقة بين قطر ودول الحصار، حيث بدأ الأمر مع بطولة "خليجي 24" حيث شاركت السعودية والإمارات والبحرين فيها بعد أن كانت قد أعلنت أنها لن تشارك، ما لفت الانتباه إلى بداية بوادر الحل.

ووصل منتخبا السعودية والبحرين إلى العاصمة الدوحة بطيران مباشر رغم الحصار الجوي المفروض على قطر من قبل الجانبين، في حين فضّل المنتخب الإماراتي القدوم إليها عبر الكويت، وهو ربما يشير إلى تفاهم سعودي بحريني في اقتراب الحل، في ظل تعنت إماراتي.

زاد من صحة الشكوك أنه كان من المقرر أن تنعقد القمة الخليجية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، قبل أن يعلن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، أن القمة الخليجية الـ40 ستعقد في الرياض.

وكان رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، أكد في تصريح له، يوم الأحد 1 ديسمبر 2019، أن القمة الخليجية المقبلة ستكون "محطة مهمة جداً للمصالحة الخليجية".

تبع ذلك، تلقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم الثلاثاء (3 ديسمبر 2019) دعوة خطيَّة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لحضور قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي المزمع عقدها بالرياض في العاشر من ديسمبر الجاري.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتلقى فيها قطر دعوة لحضور القمم الخليجية وسط استمرار الأزمة، حيث تلقت دعوات مماثلة أكثر من مرة خلال العامين الماضيين.

ولكن قطر حضرت بتمثيل عالٍ في واحدة (القمم الخليجية والعربية والإسلامية الطارئة في مكة)، واكتفت بتمثيل دبلوماسي منخفض في اثنتين ما يؤكد حرصها على التواجد الدائم في كل المناسبات، رغم عدم وجود أرضية آنذاك لحل الأزمة.

الإمارات خارج المصالحة

يظهر ما سبق أن السعودية والبحرين تبديان مرونة في سبيل وقف حصار قطر وإعادة العلاقات، والعودة لسابق العهد، فيما أن الإمارات على العكس تماماً تواصل محاربتها الإعلامية لقطر، في ظل توترات تشهدها المنطقة خصوصاً أن المحيط العربي مشتعل، ويعاني من أزمات وحروب، بالإضافة لأزمة ناقلات النفط التي شهدتها مياه الخليج، وعمليات جماعة الحوثي اليمنية ومن خلفها إيران على الحدود السعودية، إلى أن وصلت إلى عمق المحطات النفطية الاستراتيجية للمملكة.

وقال حساب إماراتي على تويتر، يعرف نفسه بأنه ضابط في الأمن، إن زيارة وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى الرياض، الشهر الماضي، غير صحيحة، ومسربة للصحافة الأمريكية بسبب رفض الإمارات المصالحة الجزئية بين السعودية وقطر.

وكان المغرد الإماراتي المثير للجدل، حمد المزروعي، قال في تغريدة إن مقاطعة قطر "باقية"، وذلك بعد أنباء عن اقتراب مصالحة خليجية، بعضها صادر عن شخصيات إماراتية، أبرزها الأكاديمي "عبد الخالق عبد الله" الذي قال إن مشاركة دول الحصار في بطولة "خليجي 24" في قطر تعني انتهاء المقاطعة.

من جانبه قال الباحث مهنا الحبيل في تغريدة له حول عدم وجود الإمارات في المصالحة القادمة، إن "الرياض حاولت جاهدة إدخال أبوظبي ورفضت الدوحة بقوة"، مضيفاً أن "إظهار التنسيق السعودي لتغطية موقف أبوظبي مراعاة لها لا يتعارض مع تعاملها الجديد بعد فشل الحصار".

جدير بالذكر أن الأزمة الخليجية اندلعت في يونيو 2017، بزعم مكافحة الإرهاب، لكن قطر نفت ما وُجه إليها من اتهامات وأكاذيب، وأكدت أنها تواجه حملة تستهدف النيل من سيادتها الوطنية والتخلي عن قرارها الوطني المستقل، ومحاولة التدخل في شؤونها الداخلية ورسم سياستها الخارجية.

وتأسس المجلس الخليجي لدول مجلس التعاون في 25 مايو 1981، ويضم السعودية وقطر والكويت وعُمان والإمارات والبحرين، وكان يعتبر من أنجح التكتلات الإقليمية والقارية، قبل أن تهز الأزمة الخليجية أركانه وتدخله في مرحلة "غيبوبة طويلة".