اقتصاد » فساد

وثائقي أوروبي يكشف.. كيف تحولت الإمارات إلى وجهة للدعارة؟

في 2019/11/29

الخليج أونلاين-

حاولت الإمارات جاهدةً الاختباء خلف شعارات براقة كـ"التسامح" و"السعادة" و"الذكاء الاصطناعي"؛ في مسعى حثيث منها لإخفاء الانتهاكات الحقوقية الجسيمة التي تجري على أراضيها على قدم وساق، وتحت مرأى الحكومة ومسمعها.

ورغم خروج أبوظبي، بين فترة وأخرى، معلنةً استحداث وزارات تحمل معاني ومفاهيم عظيمة، لخلق رأي عام "إيجابي" حولها إقليمياً ودولياً؛ فإن الواقع المرير يؤكد في كل مرةٍ، أن الإمارات باتت مرتعاً وأرضاً خصِبة لجميع الأعمال المشبوهة و"القذرة"؛ على غرار الاتجار بالبشر، والجنس والبغاء وغسل الأموال، إضافة إلى الجرائم الإلكترونية.

وتعالت الأصوات عالياً على لسان إماراتيين وخليجيين وعرب، أن من الضروري وضع حد لانتشار الدعارة والبغاء في الإمارات، لكن السلطات الحاكمة تغض الطرف عن الواقع المرير، رغم أن القوانين الناظمة حالياً لا تجيز تشريع تجارة الجنس.

وما يزيد الطين بلة؛ أن المجني عليه قد يجد نفسه بقفص الاتهام ولديه سلسلة من المزاعم والادعاءات، في حال تقدَّم ببلاغ يفيد بإجباره على ممارسة الجنس أو الاغتصاب أو  تعرُّضه لتحرش جنسي في الإمارات، وفق شهادات متطابقة أتت على لسان بعض الضحايا.

50 دقيقة تكشف المستور

جامعة "فلورنسا" الإيطالية بالتعاون مع عدة مؤسسات أوروبية من بينها فرع اليونسكو، عرضت الثلاثاء (26 نوفمبر 2019)، على هامش استضافتها مؤتمراً دولياً، فيلماً وثائقياً مدته 50 دقيقة، حول الدعارة والجنس والاتجار بالبشر في الإمارات.

والاتجار بالبشر هو عملية استغلال الإنسان بالتهديد أو الابتزاز، واستغلال ظروف الشخص المستهدَف؛ بقصد التربح من ورائه أو ممارسة البغاء أو العمل الإجباري أو نقل الأعضاء، وتصنفه مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها ضمن الجرائم المنتهكة لحقوق الإنسان.

وكشف الفيلم الوثائقي كيف تحولت دبي إلى قِبلة ووجهة للمهربين والعصابات الدولية المفضَّلة، التي تهرِّب البشر، مستعرضاً حالات ضحايا من شرقي القارة العجوز تم خداعهن من أجل القدوم إلى الإمارة الخليجية بغية العمل، لكن الواقع كان مغايراً؛ إذ أُجبرن على العمل في قطاعات الترفيه، وما تخفيه من دعارة وبغاء وجنس وملاهٍ ليلية.

وقدَّم الوثائقي، الذي أُنتج على مدى عامين كاملين، وتضمن تصويراً سرياً ومقابلات وتحليلات خبراء، شهادات موثقة لعدد من الضحايا الأوروبيات من دولة مولدوفا، التي تعرف فقراً مدقعاً.

وأكد الفيلم، الذي حمل عنوان "هي ليست للبيع"، أنه يتم استغلال النساء العاملات في صالات المساج والتدليك بالإمارات جنسياً، موضحاً أن ما نسبته 96% من ضحايا الاتجار بالبشر في الدولة الخليجية من النساء والأطفال.

وسلَّط الوثائقي، الضوء على سوء الوضع القانوني للأجانب والمغتربين فوق الأراضي الإماراتية، في ظل انتهاك حقوقهم، واعتمادهم كلياً على صاحب العمل، الذي يُمكنه حجب الأوراق ومنع المستحقات والرواتب الشهرية، دون تدخُّل حكومي يُنصفهم.

وجاء الوثائقي الأوروبي بعد أكثر من شهر بقليل من تحقيق تلفزيوني مروع عن تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر، والجنس والبغاء القسري بالشرق الأوسط، خاصة في دولة الإمارات.

وأكد التحقيق، الذي بثته قناة "Vouli" اليونانية (19 أكتوبر 2019)، أن الإمارات تشهد عديداً من انتهاكات حقوق الإنسان، خاصةً الاتجار بالمرأة التي تبحث عن وظائف في قطاع الخدمات، خصوصاً العاملات بصالات التدليك، حيث يتم استغلالهن جنسياً.

مطالب حقوقية

ما تشهده الإمارات من "استثمارات ليلية منظَّمة" دفع منظمات حقوقية إقليمية ودولية إلى رفع صوتها عالياً، مطالِبةً بضغط أوروبي على الدولة الخليجية لوقف ظاهرة الاتجار بالبشر، وهو ما أكده تقرير سابق للخارجية الأمريكية بأن أبوظبي من أكثر الدول تورطاً في ظاهرة العبودية الحديثة.

وتُجمع منظمات حقوقية على أن النظام الإماراتي يوفر البيئة الخصبة لممارسات الدعارة والاتجار بالبشر، فرغم أن قوانين الإمارات المعلنة ﻻ تسمح بالدعارة، فإن النظام يسمح بها.

ففي أواخر 2017، أطلقت مؤسسات حقوقية غربيةٌ حملة دولية لمقاطعة الإمارات، تستهدف تعريف الرأي العام الغربي بالوجه الحقيقي للبلد الذي يسوِّق نفسه باعتباره واحة السعادة ورعاية حقوق الإنسان بالمنطقة، الغارقة في الحروب والانتهاكات.

وبحسب الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات (ICBU)، فإن أبوظبي تمتلك سجلاً سيئاً في مجال حقوق الإنسان، مثل تسهيل الاتجار بالبشر، والعبودية الحديثة للعمالة، فضلاً عن استغلال العاملات في البغاء طوعاً أو جبراً.

وفي يوليو 2017، دشن نشطاء على موقع "تويتر" وسماً تحت عنوان #أوقفوا_الدعارة_في_دبي، مطالبين النظام الإماراتي بالكف عن ملاحقة النشطاء والسياسيين، والالتفات إلى شؤون الدولة، التي وصلت أوضاعها إلى الحضيض؛ بعد انتشار الجرائم والشذوذ والدعارة في مختلف مناطقها.

"مدينة المومسات"

الظاهرة المنتشرة في دبي، التي توصف بأنها الإماراة الاقتصادية للبلاد، اعترف بها مسؤول أمني رفيع المستوى، وهو ضاحي خلفان نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، وعضو المجلس التنفيذي للإمارة، في لقاء متلفز سابق، معتبراً أنها "بلوى عامة"، لا يمكن منعها أو الحد منها، محاوِلاً تسويغ تورط النظام في هذه الظاهرة، بشكل مشين.

وتقول إحصائيات إن أكثر من 80% من سكان إمارة دبي أجانب، من بينهم ما لا يقلّ عن 2% من العاهرات، وفق ما ذكره موقع "ميدل نيوز" العبري.

وسبق أن نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً بعنوان "الحياة الليلية في دبي"، تحدث فيه الصحفي ويليام بتلر عن الحياة الجنسية في إمارة دبي، بعد أن عاش فيها أربع سنوات كاملة.

وقال الصحفي البريطاني: "من المستحيل الحصول على عدد العاهرات في دبي؛ لأن السلطات لن تقدم أبداً مثل هذه الأرقام، كما أن من الصعب أيضاً حساب العاهرات المتخفيات أو اللاتي يمارسن الجنس في أوقات الفراغ".

لكن إحدى الإحصائيات، بحسب بتلر، تشير إلى وجود نحو 30 ألف عاهرة في دبي عام 2010! "ولو قارنّا هذا الرقم ببريطانيا، لكان ذلك يعني أن سكان غلاسكو وليدز كليهما يمثلون عدد العاهرات في دبي"، وفق قوله.

وفي عام 2009، كشفت المصورة الصحفية البلغارية ميمي تشاكاروفا، التي قضت سبعة أعوام في التحري عن تجارة الجنس بالعالم، أن حركة الاتجار بالنساء قد تكثّفت تجاه إمارة دبي، حيث تُقدِّر وزارة الخارجية الأمريكية عدد النساء اللائي يُجبَرن على الدعارة فيها، بنحو 10 آلاف امرأة.

صحيفة "إيران أمروز" أيضاً، سلطت الضوء على ظاهرة الدعارة في دبي، وقالت إن شبكاتٍ منظَّمة تهرِّب الإيرانيات إلى دبي بذريعة العمل، ومن خلال تصوير الحياة هناك بالجنة القريبة أو الجنة المتاحة للجميع.