ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

هل يتخلى محمد بن سلمان عن رؤية 2030؟

في 2019/11/20

مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية-

تساءلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عما إذا كان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سيتخلى عن رؤية 2030 بعد التقييم المتدني لشركة النفط "أرامكو" التي بنى طموحاته عليها.

ويشير تقرير للكاتب كيث جونسون، نُشر أمس الثلاثاء، إلى أن الأمر قد يكون هكذا، لافتاً إلى أن السعودية أعلنت نهاية الأسبوع، عن شروط اكتتاب شركة النفط العملاقة الذي طال انتظاره، لكن ثمن الشركة والنسبة التي ستباع منها أقل مما توقع ولي العهد. 

ويفيد جونسون بأن المسؤولين السعوديين أعلنوا في يومي الأحد والاثنين الماضيين، إلغاء حملات الترويج التي كان من المزمع القيام بها في أمريكا وأوروبا وآسيا، لجذب المستثمرين الدوليين.

وتقول المجلة: "في النهاية ستكون حفلة جوهرة التاج السعودي، التي طالما تم التباهي بها، شأناً محلياً، حيث سيتم بيع الأسهم للمواطنين السعوديين والصناديق الاستثمارية في السعودية والشرق الأوسط ودول مثل الصين وروسيا". 

ويجد التقرير أن هذا كله يؤشر إلى مستقبل صعب أمام طموحات بن سلمان لتنويع الاقتصاد والابتعاد عن النفط، وهما أساس رؤيته التي طرحها لأول مرة عام 2016، مشيراً إلى أنه "عندما طرح بن سلمان فكرة اكتتاب شركة النفط السعودية، فإن أصحاب البنوك الاستثمارية أصيبوا بالدهشة، وتحدثوا عن إمكانية تقييم للشركة يصل إلى 10 تريليونات دولار، لكن الأمير تحدث على مدى السنوات الماضية، عن طرح نسبة مهمة من الشركة تمثل 5%، لجمع 100 مليار دولار، كافية لتمويل خطط تنويع الاقتصاد ورؤية 2030".

ويلفت الكاتب إلى أن الطرح العام سيكون في النهاية أصغر وأرخص مما يريده بن سلمان، ففي يوم الأحد أعلن المسؤولون السعوديون عن شروط الاكتتاب، الذي سيبدأ في 11 ديسمبر المقبل، وستُطرح نسبة 1.5% من أسهم الشركة، قيمة كل سهم تتراوح بين 30 و32 ريالاً (8-8.52 دولارات)، وبناء على تقييم للشركة يتراوح بين 1.6 و1.7 تريليون دولار، مشيراً إلى أنه "يظل أكبر تقييم لشركة في العالم، لكنه أقل بكثير من رقم تريليوني دولار الذي تحدث عنه بن سلمان".

وترى المجلة أن هناك عدداً من الأسباب التي تجعل المستثمرين الدوليين حذرين من شراء جزء من أسهم الشركة، وهذا أبعد من تلوث سمعة الشركات من القيام بأعمال تجارية مع السعودية بعد جريمة مقتل الصحفي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي العام الماضي، مشيرة إلى أن أهم هذه المحاذير التقييم ذاته، فمعظم الشركات الاستثمارية الكبرى أرادت تقييماً يتراوح بين 1.2 و1.5 تريليون دولار. 

ويلفت التقرير إلى أن السبب هو أن المستثمرين الدوليين يريدون شراء أسهم بأسعار مغرية تساعدهم على تحقيق مكاسب، بالإضافة إلى أن تقييماً مرتفعاً لـ"أرامكو" يضعها في موقع ممتاز بين الشركات المربحة، مثل "إكسون موبيل". 

ويستدرك جونسون بأن النظرة الاقتصادية العالمية قاتمة في ضوء ركود أسعار النفط، والحرب التجارية بين أمريكا والصين، والتي تلقي بظلالها على منظور النمو، وهو ما يجعل شراء أسهم "أرامكو" بسعر كامل مخاطرة قد لا تعود بعوائد في العام المقبل. 

وتنقل المجلة عن المؤسس المشارك في شركة الاستشارات "إنيرجي أسبيكتس"، أمريتا سين، قوله: "هناك رغبة محدودة من المستثمرين الدوليين".

ويشير التقرير إلى أن هناك عدداً من المخاطر الأخرى المتعلقة بالاستثمار في تجارة النفط بشكل عام وفي "أرامكو" بشكل خاص، وهو ما يلقي بظلاله على مشاعر المستثمر، فالشركات التي تحضر للاكتتاب العام كلها تنشر نشرة تشرح فيها عملياتها وتمويلها وعوامل أخرى للمخاطر، وفي العادة ما تكون أموراً شكلية، لكن في حالة "أرامكو" فإن المخاطر حقيقية ومتعددة. 

ويبين الكاتب أن "الشركة لا تقرر ما ستضخُّه من نفط، أو حجم المال المستثمر في الحقول الجديدة، لكن الحكومة السعودية هي التي تقرر ذلك، كذلك يجب أن تكون لديها قدرة احتياطية لإنتاج النفط، وهو ما يكلف المال، لكنه يمنح المملكة النفوذ الجيوسياسي، وهذا يعني اتخاذ الشركة قرارات جيدة في مصلحة السعودية وليس المساهمين". 

كما يؤكد الكاتب أن عدم الاهتمام بالاستثمار في "أرامكو"، التي تحقق أرباحاً، يعكس عدم الاهتمام العام باستثمار أموال في مجالات أخرى بالمملكة، لافتاً إلى أن السعودية تحتاج في الوقت الحالي المال، فسعر برميل النفط، الذي وصل فيما بين 2011 و2014 إلى 100 دولار، استقر على ما بين 40 و70 دولاراً الآن، وهو ما يمثل ضربة للميزانية السعودية، التي يجب عليها الإنفاق على البرامج الاجتماعية المكلفة في الداخل إلى جانب حرب اليمن في الخارج، وهذا هو سبب إسراع السعودية إلى بيع ولو حصة من "أرامكو" رغم الاستقبال الفاتر.