من هنا وهناك » من هنا وهناك

whatsapp يكشف المستور

في 2018/08/02

منيرة الخميري- الوطن السعودية-

هو عالم افتراضي ذو فلسفة خاصة بالتواصل المجاني، خلال التراسل الفوري بالنص والصوت والصورة والفيديو، مع المدرجين في دليل أرقام هاتفك.
في اعتقادي هو بعض الهروب من الواقع الاجتماعي مع الأهل والأقارب والوصاية، إلى أسلوب الحياة الفردية.
أحد التطبيقات التي غيرت حياتنا وأربكت أوقاتنا وأعاقت إنجازاتنا، وسلبت العقول والعلاقات الأسرية والاجتماعية، وأظهرت هشاشة تفكيرنا، خلال الاستهزاء والتهكم ببعض وفي قضايانا وبعض بلداننا ومناطقنا وقبائلنا، بل بين الرجل والمرأة، وتداول هذه الرسائل مما تُصغر منا كمجتمعات.
وفيما يحدث من نقل وتلقي الفكرة والمعلومة والإشاعة بسهولة والتفاعل معها، بل والتأثر بها والترويج لبدع في الدين لأمور لم ينزل الله بها من سلطان، خاصة أنه في متناول الجميع بكل المستويات العمرية والثقافية.
لا يوجد في مجتمعنا ممن ليس لديه «قروبات واتساب»، الأمر الذي كشف لنا المستور مما لا نعرفه من تفكير وميول وأفكار وتوجه الأصدقاء والأقارب، وبعض الشخصيات المجتمعية.
نتلقى دعوات كثيرة من الأصدقاء والأهل للمشاركة في «قروبات» تحمل اسما معينا يفترض أنها تُمثل هذا الاسم في غالب الأطروحات، ويدير هذا الـ»قروب» شخص واحد ويضع مساعدين له بمنصب «مُشرفين»، وبمشاركة أعداد كبيرة من الأعضاء بمختلف الثقافات والمقامات، وبمستويات تعليمية متفاوتة، وقد تجد في الـ»قروب» الواحد ما يقارب 300 عضو، والنشطون قد لا يتجاوزون العشرين، فالأسماء تتكرر والباقي بوضعية الصامت لا تعرف لهم توجها، ولا تعلم أي فكر يحملون!.
تُطرح في الـ»قروبات» أمور متعددة، فيها المُفيد وفيها المُقلق والمُزعج والمُثير والقص واللصق، وما يُحدث فوضى وثقافات مختلفة من جميع مناطق المملكة، بل تجاوزت الحدود إلى دول مجلس التعاون، وبعض الدول العربية الأخرى.
والجميع يسعى إلى السبق الصحفي في الأخبار التي يوردونها دون التحري والتأكد من مصداقيتها، مما يُحدث كثيرا من الضوضاء الإخبارية في المجتمعات، والتصدير أيضا للعالم الخارجي أخبار غير صحيحة.
تقف مندهشا مما يظهر من الثقافة التي تنضح بها الـ»قروبات»، وذلك خلال النقاشات بين الأكاديميين والمثقفين، وقد أقصوا بأدب الاختلاف بعيدا لتجد نفسك بين تنظيمات داخلية، ومجموعات تدعم فكرا، وتوجه مختلف عن مجموعات أخرى أو أشخاص، إذ عند أي نقاش يمس توجهاتهم تقع المصادمات، وكأنك في جبهة حربية، صولات وجولات، وقد ينتهي الأمر في حذف أسماء معينة أو عدة مجموعات، ليأتي أحدهم شفيعا ووسيطا، ويُعاد الشخص المنفي في شريط مزعج من مشاهد الحذف والإعادة، يتكرر حتى تتم تسوية الأمر، والتي تكون قد تمت المناقشات والاتفاقات في الخاص، وبذلك تنتهي الحرب وترفع راية السلام!.
تحزبات وانقسامات تكشف التفكير الذي تحمله المجموعات الواتسابية التي تأثير إفرازاتها سلبي على المجتمعات.
في الوقت الذي لا ننكر أن بعض المجموعات الواتسابية أحدثت تواصلا بين الأشخاص المؤثرين والمميزين على مستوى الوطن، مما أثرى الحركة الأدبية والثقافية ليأتي آخرون جُل اهتمامهم جمع أكبر عدد من الأعضاء!
لا أعرف ماذا يجني مؤسسو الـ»قروبات» من مصالح غير العلاقات الاجتماعية، في الوقت الذي يتحمل فيه مسؤولية أي طرح يلامس الوطن أو ثوابت الدين، وهو الأمر الذي يجب أن يكونوا حذرين فيه، وفي اختيار أعضائهم.