ملفات » نيوم السعودية

خطة سعودية بمليارات الدولارات لمواجهة هروب الاستثمارات

في 2018/07/24

وول ستريت جورنال- ترجمة شادي خليفة -

تكثف المملكة العربية السعودية جهودها لجذب الشركات العالمية وإحياء خطط ولي العهد «محمد بن سلمان» لإجراء تغيير اقتصادي، بعد أن انخفض الاستثمار الأجنبي إلى أدنى مستوى له منذ 14 عاما في عام 2017.

وتشمل هذه الخطوات خططا لإنشاء صندوقين استثماريين، يبلغ مجموعهما أكثر من 18 مليار دولار، يسمحان للحكومة بالدخول في مشاريع مع شركات أجنبية، حسبما قال أشخاص مطلعون على المسألة.

كما تعمل المملكة على ضخ مليارات الدولارات في شراكات في مجال الترفيه، والعمل مع صندوق «رؤية»، التابع لمجموعة «سوفت بنك»، لجلب شركات التكنولوجيا إلى المملكة.

ومن المقرر أن يدخل قانون الإفلاس السعودي الأول حيز التنفيذ قريبا، كما وضعت الحكومة قانونا حول الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهي الخطوة الأولى نحو بيع مليارات الدولارات من الأصول المملوكة للدولة، حيث تأمل الحكومة في أن تجذب تلك الخطوة الاستثمار الأجنبي في مشاريع البنية التحتية الكبرى.

وتسلط تلك التحركات الضوء على المخاوف في المملكة حول انتشار الركود في الأنشطة التجارية، في الوقت الذي يحاول فيه ولي العهد، البالغ من العمر 32 عاما، إحداث انفتاح اقتصادي وثقافي تاريخي.

ويحاول «بن سلمان» تحويل الاقتصاد بعيدا عن النفط، ودفعه إلى الصناعات التي توفر النمو وفرص العمل للسعوديين.

وشملت الخطوات الأولى نحو الإصلاح الاقتصادي خفض الإعانات وإضافة ضرائب لتضييق عجز الميزانية.

وقد أدخل إصلاحات اجتماعية، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات وفتح دور السينما، كما قام بتشكيل تحالف مع إدارة «ترامب» لنقل المملكة إلى موقف أكثر قوة ضد إيران، لكن بعض خططه الاقتصادية تعطلت حتى الآن.

تراجع درامي للاستثمارات

وعانى الاقتصاد السعودي في العام الماضي، ويعود ذلك بدرجة كبيرة إلى انخفاض أسعار النفط، ولم يخرج من الركود إلا في الربع الأول من هذا العام.

وساعدت توقعات انخفاض أسعار النفط لأعوام على إطلاق دعوات ولي العهد للإصلاح الاقتصادي، على الرغم من ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة.

وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد إلى 1.4 مليار دولار في العام الماضي، من 7.4 مليارات دولار في عام 2016، وفقا لأرقام الأمم المتحدة الصادرة الشهر الماضي.

ويقارن ذلك بمتوسط ​​18.2 مليار دولار سنويا في الأعوام التي سبقت الأزمة المالية العالمية، في العامين 2007 و2008، ويعود التراجع العام الماضي جزئيا إلى قلة الاستثمارات بين الشركات متعددة الجنسيات، بحسب ما قال المسؤولون السعوديون.

وفي ظل البيئة الاقتصادية الهشة، كان المستثمرون متخوفين من الإنفاق قبل أن يروا نتائج إصلاحات «بن سلمان».

ومما يثير القلق أيضا لدى بعض المستثمرين احتجاز قادة الأعمال السعوديين في الخريف الماضي فيما قالت المملكة إنها حملة لمكافحة الفساد، ولم يتم بث هذه الاتهامات علنا، ​​وظل بعض رجال الأعمال مسجونين، وتقول الحكومة إنها أخذت أكثر من 100 مليار دولار من أصول هؤلاء المعتقلين.

رحلة خارجية

وقال مسؤولون سعوديون إن حملة جذب الاستثمارات يجب أن تطمئن المستثمرين بأن المملكة جادة بشأن تأمين حكم مستقر للقانون، وقد سعى ولي العهد إلى كسب المزيد من الشركات الأمريكية في زيارة استمرت قرابة 3 أسابيع للولايات المتحدة هذا الربيع.

وتعطلت ركيزة خطة الإصلاح الاقتصادي التي وضعها الأمير، التي تمثلت في الطرح العام الأولي لشركة النفط العملاقة المملوكة للدولة، شركة النفط العربية السعودية المعروفة باسم «أرامكو»، وربما لا يحدث ذلك الاكتتاب أبدا.

وقالت «كارين يونج»، خبيرة الاقتصاد السياسي في الخليج العربي، في معهد واشنطن: «إذا لم يتمكنوا من خلق بيئة ترحب بالاستثمار الأجنبي وتدعمه من خلال اقتصاد قائم على قواعد، فلن يتمكنوا من النجاح في أي نوع من التغيير».

وقال «باسم السلوم»، نائب محافظ الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، إن عكس تراجع الاستثمار الأجنبي يعد أولوية.

وقال: «نحن مهتمون بالعمل مع الشركات التي لديها التكنولوجيا والمعرفة والخبرة اللازمة لرؤيتنا، ولا يمكننا القيام بذلك بمفردنا، والآن هو الوقت المناسب للبدء، وهناك الكثير من الفرص هنا».

ويخطط صندوق الثروة السيادية في المملكة ومجموعة «سوفت بنك» اليابانية لتنفيذ أكبر مشروع لتوليد الطاقة الشمسية في العالم باستثمارات تبلغ مليار دولار.

ودخلت الحكومة في المراحل الأخيرة من إنشاء صندوق بقيمة 50 مليار ريال سعودي (13.3 مليارات دولار) لتطوير الشراكات مع الشركات الأجنبية، حسب قول أشخاص مطلعين على المسألة.

وسيدير هذا الصندوق، المعروف باسم «صندوق الشراكة الدولية»، الصندوق السعودي للتنمية الصناعية، الذي يستثمر في القطاع الصناعي.

وتخطط الهيئة العامة للاستثمار في المملكة، التي تعمل كجهة ترخيصية وتنظيمية للاستثمار، لتوسيع نطاق ولايتها من خلال إنشاء صندوق استثماري منفصل للدخول في شراكات مع شركات أجنبية، وفقا لأشخاص على دراية بالأمر.

وقالوا إن الحكومة السعودية خصصت مبدئيا 5 مليارات دولار للصندوق، والفكرة وراء الصندوق الجديد، الذي لم يتم اعتماده رسميا بعد، هي أن الحكومة سوف تتحمل بعض المخاطر مع الشركات الأجنبية التي تدخل السوق السعودية.

وقال أحد الأشخاص المطلعين على الصندوق الجديد: «الاتجاه الآن هو أنهم يريدون الاستثمار مع الأجانب لجعل السعودية تبدو أقل مخاطرة، وهم يقولون بذلك إنهم على استعداد لوضع أموالهم حيث سيضعها المستثمر نفسه».

وقال «السلوم» إنه لم يكن على علم بوجود صندوق مخطط له، وقال إن هيئة الاستثمار خفضت الروتين الحكومي لتسهيل تأسيس الشركات في البلاد، ورخصت 303 شركات أجنبية في النصف الأول من هذا العام، مقارنة بـ122 في الفترة نفسها من العام الماضي.

وقد تشهد المملكة نموا قويا هذا العام مع ارتفاع أسعار النفط، حسبما أفادت «كابيتال إيكونوميكس»، وهي شركة أبحاث مستقلة في لندن.

وتقوم بعض البنوك الاستثمارية بتوسيع عملياتها في المملكة؛ حيث تخطط الحكومة لإدراج الأصول المملوكة للدولة وإنشاء مشاريع البنية التحتية الممولة من القطاعين العام والخاص.

مخاوف

لكن بعض الإصلاحات، رغم أنها قد تكون جيدة للاقتصاد على المدى الطويل، جعلت الاستثمار في المملكة أقل جاذبية.

وقد خفضت المملكة دعم الطاقة، وفرضت ضريبة القيمة المضافة الجديدة على معظم السلع، واشترطت أن تقوم الشركات بتوظيف المزيد من العمال السعوديين، وهو ما أقلق الشركات الأجنبية.

ولمعالجة واحدة من هذه المخاوف، قامت الحكومة بتعميم مشروع قانون يغطي الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمنح المستثمرين إعفاءات من قوانين عمل معينة.

واعترفت تلك الخطوة بالتحدي الذي تواجهه الشركات في استبدال العمالة الأجنبية ذات الأجور المنخفضة لصالح السعوديين.

كما يعمل صندوق الاستثمار العام، صندوق الثروة السيادية للبلاد، مع صندوق «رؤية» الخاص بشركة «سوفتبانك»، لجلب الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا إلى المملكة؛ للقيام بعملياتها هناك، حسبما أفاد الأشخاص المشاركون في البرنامج.

وتصب الدولة المال في قطاعات أخرى أيضا، وفي فبراير/شباط، قال المسؤولون السعوديون إن الاستثمارات في صناعة الترفيه على مدى العقد القادم ستصل إلى ما يقدر بنحو 64 مليار دولار، بتمويل من الحكومة وكذلك القطاع الخاص.

وعلى سبيل المثال، قالت شركة «إيه إم سي القابضة للترفيه»، التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، إنها تريد فتح ما يصل إلى 40 دار سينما في 15 مدينة في جميع أنحاء المملكة في غضون ٥ أعوام، وما يصل إلى 100 دار بحلول عام 2030.