سياسة وأمن » اتفاقيات

تركيا والكويت.. شراكة تاريخية تعززها علاقات الاقتصاد والمال

في 2018/07/16

الخليج أونلاين-

لم تتوقف تركيا منذ وصول حزب "العدالة والتنمية" إلى سدة الحكم عام 2002، عن تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول الشرق الأوسط خاصة في الخليج العربي، لإدراكها الأهمية الاقتصادية الاستراتجية لهذه المنطقة.

وتعد الكويت إحدى أهم دول الخليج التي عملت أنقرة على تنمية علاقتها معها خلال السنوات الأخيرة بشكل متسارع، فارتفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 1.3 مليار دولار بـ2017، صعودا من 600 مليون دولار في  العام 2015، و300 مليون دولار في 2003، وقرابة 165 مليون دولار فقط عام 2002.

ويرجع تاريخ هذه العلاقات إلى عام 1969 عندما وقع الطرفان اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية والتي أعقبها تبادل افتتاح السفارات في البلدين عام 1970، الذي شهد أيضا توقيع اتفاقية النقل البري للبضائع والمسافرين.

وتواصل تعزيز العلاقات في عام 1975 عندما وقع الطرفان اتفاقا ثقافيا، وآخرا للتعاون في الخدمات الجوية عام 1977، واتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني والصناعي عام 1982، واتفاقية للحوالات البريدية عام 1986 ومثلها لتشجيع وحماية الاستثمارات عام 1988، بحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).

-منحى تصاعدي

وفي عهد "العدالة والتنمية" أخذت العلاقات بين أنقرة والكويت منحاً تصاعدياً أكثر تسارعاً فأقرت الدولتان سلسلة قوانين لتسهيل التعاون الاقتصادي، وارتفعت قيمة التبادلات التجارية وحجم الاستثمارات إلى مستويات قياسية.

أخر محطات تطور العلاقات الكويتية التركية، كانت في مايو الماضي، عندما وافق البرلمان الكويتي، على تعديل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي على الدخل ورأس المال، الموقعة بين البلدين في سبتمبر 2017.

كذلك، وافق البرلمان على مشروع قانون بالموافقة على اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية.

وأوضح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي، أنس الصالح، في تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول" الحكومية التركية، أن التعديلات على اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي تتضمن تسهيلات ميزات تجارية جديدة بين البلدين، وتعد قيمة مضافة للاتفاقيات الضريبية السابقة التي وقعتها الكويت مع تركيا.

وذكر الصالح أن البلدين طورا مادة إجراءات الاتفاق المتبادل بشأن تسوية النزاعات الضريبية، ليصبح دافع الضريبة له الحق بعرض قضيته أمام كلا السلطتين الضريبيتين، والتي كانت منحصرة بالسابق على دولة الإقامة فقط دون المصدر.

وسبق قرار البرلمان الكويتي بنحو عام، رفع الحكومة التركية، في 30 يوليو 2017، تأشيرة الدخول عن المواطنين الكويتيين.

-اتفاقيات تعاون

وخلال العام الماضي، وقعت تركيا والكويت العديد من اتفاقيات التعاون بشتى المجالات خاصة الاقتصادية، آخرها كان في نوفمبر 2017، على هامش زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الكويت.

وأبرمت الدولتان، حينها، اتفاقات للتعاون في المجال الرياضي ومذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمار، وبروتوكول تعاون في مجال الأبحاث العلمية والتكنولوجية.

وفي سبتمبر 2017، وقعت تركيا والكويت 6 اتفاقيات تعاون في عدد من مجالات الأمن والملاحة الجوية والاتصالات والاقتصاد والمالية.

وشملت الاتفاقيات، التي أبرمت خلال زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى الكويت، مذكرة تفاهم بين الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت ومنظمة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الجمهورية التركية، تتعلق بالتطوير المتبادل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بكلا البلدين.

وتعكس العديد من البيانات الاقتصادية المستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات بين أنقرة والكويت، فبحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية في سبتمبر الماضي، فقد وصل حجم الصادرات التركية إلى الكويت في 2016، إلى 431 مليون دولار، فيما بلغت قيمة الواردات نحو 856 مليون دولار.

في حين وصلت قيمة المشروعات التي نفّذتها شركات المقاولات التركية في الكويت إلى 6.5 مليارات دولار، وحجم الاستثمارات الكويتية المباشرة في تركيا وصل إلى نحو 1.7 مليار دولار، وفق ذات المصدر.

كما بلغ عدد الشركات الاستثمارية ذات رأس مال كويتي في تركيا 300 شركة إضافة إلى 388 فرعًا لبنك (كويت ترك) الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نسبة 62.24 % من أسهمه. وتأتي الكويت في المرتبة الأولى في مجال الاستثمارات بالعقارات في تركيا على مستوى دول الخليج حيث يتملك الكويتيون أكثر من ستة آلاف عقار.

-سوقاً جيداً

ومعلقاً على هذه البيانات، قال المحلل الاقتصادي، محمد الشهري، لـ"الخليج أونلاين"، إن "تركيا توجهت منذ وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى المنطقة العربية والقارة الإفريقية بقوة لإدراكها أهمية المنطقتين الاقتصادية الاستراتيجية".

وأضاف الشهري: "تركيا دولة صناعية ولديها الآلاف من المنتجات التي تريد إيجاد أسواق خارجية لها، والدول العربية وبينها الكويت، تصنف على أنها من بين أكثر دول العالم استهلاكا، وذلك فهي أفضل مكان لتسويق هذه المنتجات".

وتابع: "إضافة إلى تسويق المنتجات الصناعية والزراعية، فإن الشركات التركية بدأت تستحوذ بقوة على مشروعات البنى التحتية الضخمة في الكويت وعدد من الدول العربية الأخرى، ففي العام 2016، وقعت شركة تركية عقدا مع الكويت لتوسعة مطار العاصمة بكلفة إجمالية وصلت إلى 1.3 مليار دينار (4.3 مليار دولار)".

وفي مايو 2016، وقع وزير الأشغال الكويتي، علي العمير، عقداً مدته 6 سنوات، مع شركة "ليماك" التركية، لإنشاء مبنى جديد للركاب في مطار الكويت الدولي ليصبح قادراً على استقبال 25 مليون مسافر سنويا.

ويعتقد الشهري أن الكويت تجد في تركيا سوقاً جيداً لاستثماراتها خاصة أن أرقام النمو التي يحققها الاقتصاد التركي بين الأفضل عالمياً، كما أن الأوضاع هناك مستقرة ولا يوجد أي تهديد لتلك الاستثمارات.

وإضافة إلى المصالح الاقتصادية، فإن تركيا والكويت تسعيان بشكل متواصل لتعزيز علاقاتهما السياسية لما تملكانه من مكانة رفيعة إقليمياً ودولياً، فالكويت لها ثقل سياسي وازن في المنطقة العربية ودول الخليج، بينما تملك أنقرة قوة سياسية وعسكرية عالمية، فهي عضو بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وترتبط بعلاقات دولية قوية.