اقتصاد » علاقات واستثمارات

الإمارات وإيران.. تبادل اقتصادي ضخم رغم الخلافات السياسية

في 2018/01/01

سبوتنيك عربي-

على الرغم من الخلافات السياسية الواسعة بين البلدين وعلى رأسها الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى» التي تسيطر عليها منذ جلاء القوات البريطانية من الخليج عام 1971، لكن ذلك لم يشكل يوما عائقا أمام العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ورغم الأهمية الاستراتيجية للجزر الواقعة في مضيق هرمز، وما تمنحه من مميزات لمن يسيطر عليها بالتحكم في الخليج كممر مائي وملاحي مهم يقرب المسافة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، فضلا عن ثروات الجزر النفطية والمعدنية، لكن الإمارات لم تشأ أن تصل بدرجات الاحتقان بينها وجارتها إيران إلى القطيعة بسبب هذه الجزر.

وكشف الجمرك الإيراني، أن الإمارات تأتي في صدارة التبادل التجاري مع طهران خلال الشهور التسعة الأخيرة، رغم الخلافات السياسية الواسعة بين البلدين.

وأشارت وكالة «مهر» الإيرانية، اليوم الأحد، إلى أن «الدول الأكثر استيرادا للبضائع والسلع الإيرانية خلال الأشهر التسعة الماضية على التوالي، هي الصين بما يعادل 6 مليارات و527 مليون دولار من الاستيراد، والعراق بما يعادل 4 مليارات و628 مليون دولار من الاستيراد، والإمارات العربية المتحدة بما يعادل 4 مليارات و458 مليون دولار من الاستيراد».

وأوضحت أن الدول الأكثر تصديرا لبضائعها إلى إيران خلال نفس الفترة هي «الصين بتصدير ما يعادل 9 مليارات و452 مليون دولار من التصدير، والإمارات العربية المتحدة بما يعادل 6 مليارات و656 مليون دولار من التصدير، وتركيا بما يعادل مليارين و576 مليون دولار».

مناوشات

الإمارات التي تحرص على الاستفادة من علاقتها الاقتصادية مع إيران وتوظيفها للتبادل التجاري بين البلدين في تحقيق ازدهار اقتصادي، حتى باتت الإمارات أبرز الشركاء التجاريين لإيران لم تترك أيضا محفلا دوليا إلا وطالبت فيه بجزرها.

ودعا الرئيس الإماراتي، «خليفة بن زايد آل نهيان»، إيران إلى الجلوس على طاولة الحوار، أو قبول تحكيم دولي لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، بما يرسخ الأمن والاستقرار في الخليج العربي.

وأكد «آل نهيان»، مطلع الشهر الجاري في كلمة وجهها بمناسبة العيد الوطني الـ46 لدولة الإمارات، أن «الإمارات ترفض أي تدخل خارجي يمس أمنها أو أمن واستقرار الأشقاء في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين أو أي دولة شقيقة أو صديقة»، حسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).

واتهم وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية «أنور قرقاش»، الأربعاء الماضي، كلا من إيران وتركيا بمحاولات السيطرة على القرار في العالم العربي، من خلال نفوذها بين الجماعات الطائفية والحزبية في الدول العربية؛ مشدداً على ضرورة التكاتف العربي تحت قيادة السعودية ومصر، لصد هذه المحاولات.

علاقات مشبوهة

في مطلع 2015، ورغم الخلاف السعودي الإيراني في أزمة النفط، كانت الإمارات تغرد خارج سرب الخليج؛ حيث وقعت أبوظبي وطهران مذكرة تفاهم مشتركة، تتضمن 17 بندا حول تسهيل تأشيرات الدخول والإقامة بين البلدين؛ إضافة إلى مواصلة التعاون القضائي في مجال مكافحة المخدرات.

وفي يوليو/تموز 2015 وعلى عكس معظم دول الخليج، رحبت الإمارات باتفاق جنيف الذي توصلت إليه إيران، مع الدول الكبرى، والذي بموجبه رفعت فيه العقوبات عن طهران.

وقال وزير الخارجية الإماراتي: «أملنا أن يفتح ذلك الباب أمام انطلاق طاقات أكبر للتعاون بين إيران ودول العالم وفي مقدمتها دول الجوار».

وعلى خلفية اقتحام السفارة السعودية بطهران عام 2016، وقرار المملكة ودول خليجية وعربية وإسلامية سحب سفرائها من طهران، أو قطع علاقتها بها، اكتفت أبوظبي فقط بتخفيض تمثيلها إلى مستوى القائم بالأعمال، وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الإمارات.

سوريا واليمن

كما أن الدور «المشبوه» الذي تلعبه الإمارات في سوريا واليمن، الذي كشف عنه الفيلم الوثائقي «الأيادي السوداء»، يصب بشكل كبير في صالح إيران.

فوفق هذا الفيلم الوثائقي، فضلت أبوظبي حماية العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع نظام «بشار الأسد»، حليف إيران، التي تصل إلى 10 مليارات دولار، على وقف نزيف الدم السوري، ودفعت الإمارات إلى تقديم دعم لوجستي وعسكري، وتسجيلات لرموز المعارض السورية، إلى «الأسد» من أجل الحفاظ عليه، وهو أمر صب في صالحه وصالح حليفته طهران.

وتتوافق الإرادة السياسية بين البلدين في حرب اليمن، وهو تقسيمها إلى شمال وجنوب، رغم أن الظاهر هو دخولهما متضادتان في حرب واحدة، وتدعم الإمارات انفصال الجنوب عن الشمال، وتعمل جاهدة للسيطرة على عدن، حتى تتمكن من السيطرة على خليج عدن، رغبة في تعزيز مصالحها الاقتصادية، حسب مراقبين.

بوابة خلفية

كانت دبي منفذا رئيسيا لطهران لوراداتها وصادراتها، وهذا الأمر يصب في صالح دبي حيث تعتمد بنيتها التحتية التجارية على تقديم خدمة الترانزيت والخدمات النقدية والنقلية، وتلعب دور وسيط في تصدير السلع لأنحاء العالم؛ لأن إيران حينها كانت في وضع لا يمكنها أن تكون منفتحة بشكل طبيعي مع دول العالم، ولذلك استفادت دبي أكثر مما استفادت إيران، وكثيرا من الرأسمال الإيراني من خلال ما يملكه الأفراد تم توظيفه في الاستثمار العقاري والنفطي والتجاري بدبي، ما جعل دبي تزدهر كثيرا.

هذا العمل الذي قامت به الإمارات لدعم إيران، كشفه قرار الولايات المتحدة مطلع 2012، عندما استهدفت بنك «نور الإسلامي» في الإمارات لمعاملاته التجارية مع إيران، لترد على هذا الاستهداف أبوظبي، بلقاء جمع حينها وزيري خارجية البلدين في طهران.

ورغم إبداء الإمارات تخوفها من طموحات إيران النووية في أكثر مناسبة، وبالأخص في عهد الرئيس الإيراني السابق «محمود أحمدي نجاد»، فإنها لم تبد تحفظا كبيرا تجاه الاتفاق النووي (سوى ضمن إطار التحفظ الخليجي العام).

بل إن الإمارات ربما تنظر إلى الاتفاق النووي مع طهران على أنه فرصة لتنمية العلاقات التجارية بين البلدين.

فوفقا لتقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» في أبريل/نيسان 2015، فإن الإمارات تقدم نفسها على أنها نقطة عبور بالنسبة للإيرانيين، خاصة أن إمارة دبي تمتلك بنية تحتية وأسلوب حياة مريحا جاذبا للشركات متعددة الجنسيات التي تسعى للدخول إلى إيران، فضلا عن العدد الكبير للوافدين الإيرانيين ومواطني دولة الإمارات العربية المتحدة الذين تعود جذور عائلاتهم إلى بلاد فارس، وفقا للصحيفة.