دول » دول مجلس التعاون

تأملات في "أمن الخليج"

في 2017/08/10

احمد شوقي- خاص راصد الخليج-

امن الخليج، كلمة هامة وفضفاضة ومتعددة المدارس الا انها ينبغي ان تخرج عن مجال التوظيف السياسي، لان الامن يعلو فوق السياسة وهو المحدد والموجه للسياسات، اي ان الامن هو الذي يوظف السياسة.

الأمن  تتعدد تعريفاته الا ان مضمونه لا يختلف عليه، وهو من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعني "حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية".

وتذكر الدراسات المتعلقة بالامن تعريفات متعددة مثل تعريف هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والذي يقول ان الامن يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء.

وكذلك ما قاله "روبرت مكنمارا" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مفكري الإستراتيجية البارزين في كتابه "جوهر الأمن".. حيث قال: "إن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة".

كما اتفق المتخصصون على ابعاد متعددة للامن أولها البُعْد السياسي.. ويتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة.

والبُعْد الاقتصادي.. الذي يرمي إلى توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.

والبُعد الاجتماعي.. الذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.

والبُعْد المعنوي أو الأيديولوجي.. الذي يؤمِّن الفكر والمعتقدات ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم.

والبُعْد البيئي.. الذي يوفِّر التأمين ضد أخطار البيئة خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث حفاظاً على الأمن.

كما حددوا له مستويات وهي، أمن الفرد ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته.

وأمن الوطن ضد أية أخطار خارجية أو داخلية للدولة وهو ما يُعبَّر عنه "بالأمن الوطني".

والأمن القُطري أو الجماعي، ويعني اتفاق عدة دول في إطار إقليم واحد على التخطيط لمواجهة التهديدات التي تواجهها داخليًّا وخارجيًّا، وهو ما يعبر عنه "بالأمن القومي".

والأمن الدولي.. وهو الذي تتولاه المنظمات الدولية سواء منها الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي و دورهما في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

وفي ضوء هذه الأطر النظرية العلمية يمكن مناقشة امن الخليج، وذلك بتحديد انتمائه اولا وهل هو للامة العربية والاسلامية ام هو كيان مستقل، وهل يملك شروط الاستقلال عن الامة؟

كما ينبغي مناقشة تعريف وتوصيف اصدقائه واعدائه وفقا لانتمائه ومشروعه وهل هو الغرب الاستعماري ام دول الجوار، وعلى اي اساس تم تحديد هذا العداء هل على اسس اقتصادية ام وظائفية ام وجودية؟

وينبغي كذلك مناقشة ابعاد هذا الامن والكيان السياسي لدول الخليج والامن الداخلي لشعوبه وما هي المفاهيم التي تعمق انتماءهم وولاءهم وما هو فكر الخليج وايدلوجيته.

ثم تنطلق المناقشات لتشمل مستويات الامن، ومن هو المهدد لحياة الافراد داخل الاقطار ومن هو المهدد والطامع في اراضي وخيرات الاقطار ومن هو العدو الحقيقي، والتمييز الدقيق بين مستويات التنافس والصراع والعداء.

مانراه حاليا في الخليج ان هناك التباسات كبيرة وتمييع للمفاهيم ووضع امن الخليج في خدمة سياسات لاتعبر عن الخليج وشعوبه بقدر ما تعبر عن نزوات انظمة معينة وقد تعصف هذه السياسات بامن شعوب الخليج وامن الخليج ذاته ما لم تحدث استفاقة واعادة لترتيب الاوراق على اسس علمية وعقلية وقبل ذلك اخلاقية تراعي الانتماء للامة العربية والاسلامية وقيمها.