ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

«الأيادي السوداء».. وثائقي يفضح إفشال الإمارات للثورات والتعاون مع (إسرائيل) وإخضاع «بن سلمان»

في 2017/06/09

كشف وثائقي «الأيادي السوداء» عن حقائق تتعمد حكومة أبوظبي» إخفائها، في ظل سياسات توسعية ودعم للثورات المضادة، ومواجهة ثورات الربيع العربي.

الفيلم الوثائقي الذي تداوله مغردون خليجيون، أماط اللثام عن فضائح لقيادات إماراتية، وتجنيد مخبرين وجواسيس، وكشف علاقات أبناء «زايد» بـ(إسرائيل) وأمريكا، وكيفية استغلال المال في السياسة وشراء الذمم، والضغط على الحكومات,

الفيلم أيضا كشف دور الإمارات المشبوه في اليمن وسوريا وليبيا، وما قامت به في مصر قبل وبعد الانقلاب العسكري، فضلا عن علاقتها بالسعودية وسيطرتها على ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».

«زايد» الأب

الوثائقي، الذي حكى تاريخ تأسيس الإمارات، في ديسمبر/ كانون الأول 1971، وانتخاب الشيخ «زايد آل نهيان» كأول رئيس للإمارات لمدة 5 أعوام، امتدت إلى 30 عاما.

ولفت الوثائقي، إلى جهود «زايد» للتنمية عقب اكتشاف النفط، وسياسته الناعمة البعيدة عن التورط في صراعات خارجية.

«زايد» بحسب الوثائقي، ورغم أزمة النفط مع الولايات المتحدة الأمريكية، خلال حرب 1973 بين مصر و(إسرائيل)، إلا أنه ركز على اختياره التحالف مع واشنطن، كي يحمي دولته من إيران والسعودية، حتى باتت بلاده واحدة من 3 دول في العالم شاركت واشنطن بلا انقطاع في تحالفاتها العسكرية الدولية، خلال الـ20 عاما الماضية.

وفي العام 1994، منحت اتفاقية التعاون الدفاع المشترك، أمريكا الحق في بناء قواعد عسكرية في الإمارات، خاصة في «جبل علي» الاستراتيجي بإمارة دبي، كونه الشاطئ الوحيد في المنطقة الذي يسمح عمقه برسو حاملات الطائرات الأمريكية.

وباتت تمثل الإمارات أكبر سوق للولايات المتحدة في المنطقة.

وظلت الإمارات طوال فترة الشيخ «زايد»، بحسب الوثائقي، بعيدة عن الصراعات الخارجية، واتخذت سياسة ناعمة بعيدة عن التورط في الأزمات، إلا أنها كان لها دور إغاثي بارز في المحيط العربي والإسلامي.

كما أنه (زايد)، وضع الحوار مبدأ لحل الخلافات مع الدول الأخرى، ورفض الحروب والنزاعات المسلحة.

انقلاب أبناء «زايد»

وبحسب الوثائقي، ومع وفاة الشيخ «زايد» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، لتتحول سياسة الإمارات جذريا الداخلية الخارجية، علي يد أولاده.

هذا التحول قاده «محمد» و«عبد الله» و«سيف» أبناء «زايد»، حيث تبنوا سياسة شديدة العدائية، وتورطوا في تدخلات عدة، مع تغير الظروف، مستغلة التراجع الذي شهدته الأطراف الفاعلة في المنطقة.

حتى أن سلطنة عمان، أعلنت عن اكتشاف خلية تجسس في العام 2011، تابعة لدولة الإمارات، مهددة الأمن القومي بعمان، وتسعي للبحث عن موالين لها داخل السلطنة، ليكون خليفة للسطان «قابوس».

ولولا تدخل أمير الكويت حينها بين البلدين للصلح، لحدثت أزمة بين البلدين.

ثورات الربيع العربي

ومع موجة الثورات العربية في 2011، استغلتها أمريكا التي تعاملت مع الأزمة من خلف الأبواب، لتكون أحد أدواتها في إدارة الصراع، فأصبحت السياسة الإماراتية، رهن لما تمليه عليه أمريكا.

ومع إقرار حكام الإمارات أن هذه الثورات تمثل تهديدا على بقاء حكمهم، خاصة مع تقدم رموز مجتمعية إماراتية عريضة تطالب بإصلاحات دستورية محدودة، فتدخلوا بطرق شتى لإجهاض الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن.

وبحسب الوثائقي، وضع أولاد «زايد» الإمارات بصورة غير مسبوقة في عداء مع الشعوب العربية، خاصة مع تحول مسار الصراع الإماراتي من إيران التي تحتل جزرها، إلى جماعة الإخوان المسلمين، ليس في بلدها فقط، وإنما في كل الدول العربية.

فبدأت الإمارات بث الفتن وزرع العملاء في الدول التي شهدت ثورات عربية، من أجل إسقاطها.

وفيما يتعلق بـ«عريضة الإصلاح»، قال الفيلم الوثائقي، إن «بن زايد» صعد ضد الموقعين على العريضة باعتقال الموقعين عليها وحظر أنشطة الجمعية، حتى لا يصل إليها موجة الثورات العربية.

مصر وليبيا

واعتبرت الإمارات ما جرى في مصر من تسليم السلطة للإخوان عبر انتخابات حرة، يهددها ويضر بمصالحها، فدعمت حركة «تمرد» ماليا وسياسيا للتصعيد ضد «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب، حتى الانقلاب عليه.

كما كانت الإمارات أبرز الداعمين لنظام الانقلاب، سواء بالدعم المادي أو تقديم منتجات بترولية، وهو السخاء الذي يضع العديد من علامات الاستفهام، حول ما ستستفيده الإمارات، وهو ما ذكره الفيلم، برغبة الإمارات في السيطرة على قناة السويس، والسماح لها بوضع يدها على شرق ليبيا المحازي لمصر.

الإمارات، بحسب الفيلم، سعت عقب الإطاحة بنظام «معمر القذافي» بدعم «خليفة حفتر» سياسيا وماديا وعسكريا، فضلا عن استقبالهم رجالات الثورة المضادة في ليبيا, حتى دخلت في خلاف مع المجتمع الدولي.

وكانت الفضيحة الأبرز هو ما تم الكشف عنه من شراء المبعوث الأممي إلى ليبيا «برناردينو ليون» عبر تعيينه براتب 35 ألف جنيه إسترليني شهريا (53 ألف دولار أمريكي) في وظيفة رئيس «أكاديمية الدبلوماسية»، فضلا عن ما تم الكشف عنه من تنفيذه إملاءات طلبات الإمارات في ليبيا.

سوريا

وعن الوضع في سوريا، كشف الوثائقي، عن دور مشبوه، لعبته الإمارات، عبر العلاقات الاقتصادية التي تربط الإمارات مع نظام «بشار الأسد»، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار، فضلت حمايتها على وقف نزيف الدم السوري.

هذه العلاقة الاقتصادية، دفعت الإمارات، بحسب الفيلم الوثائقي، إلى تقديم دعم لوجستيا وعسكريا، وتسجيلات لرموز المعارض السورية، إلى «الأسد» من أجل الحفاظ عليه.

وعلى الرغم من إعلان الإمارات سحب سفيرها من دمشق، إلا أن هذه الخطوة لم تكن إلا «شو إعلامي»، في ظل تضييق الخناق على المعارضين السوريين، ودعم القنوات التي تشوه صورتهم، ووضع أكثر من 20 فصيلا معارضا على قوائم الإرهاب.

السعودية

وعن العلاقة بين أولاد «زايد» والسعودية، قال الفيلم الوثائقي، إن العلاقة شهدت أزمات عدة، وملفات معقدة كثيرة، وخلافات ظهرت للعلن تارة وأخرى بقيت خفية، كما حدث في اليمن وسوريا، وملف إيران النووي.

وعلى الرغم من نظرة ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، السلبية لحكام السعودية، والتي فضحتها وثائق «ويكيليكس»، حيث وصف في اجتماع مع مسؤول أمريكي وزير الداخلية السعودي آنذاك الأمير الراحل «نايف آل سعود» بأوصاف «لا تليق»، لكنه تمكن من تجاوز الآثار السلبية التي نتجت عن افتضاح هذه الوثيقة على العلاقات مع السعودية، عن طريق استمالة الأمير «محمد بن سلمان» والتأثير عليه مستغلا طموحه في الصعود لكرسي الحكم بالمملكة.

وأظهر الفيلم الوثائقي، رغبة الإمارات في السيطرة على السياسة الخارجية المستقبلية للسعودية، عن طريق السيطرة على «بن سلمان» باعتباره الملك المرتقب حتى أصبح يسير في ركاب أبناء «زايد»، وبالتالي الحصول على دور إقليمي مهيمن، فعال وحاسم ومنجز.

اليمن

وفي اليمن، وبحسب الوثائقي، هناك تنافس بين الإمارات والسعودية، رغم دخولهما في تحالف واحد، فتدعم الإمارات انفصال الجنوب عن الشمال، وتعمل جاهدة للسيطرة على عدن، حتى تتمكن من السيطرة على خليج عدن، رغبة في تعزيز مصالحها الاقتصادية.

كما تدعم الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» ونجله، وتواجه الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي».

كل هذا، من أجل وقف أي تمدد للإسلاميين في الوصول إلى الحكم في اليمن، فبدأت التصفية للمقاوميين الإسلاميين، خاصة في الجنوب اليمني.

العلاقة مع (إسرائيل)

ملف آخر، كشف عنه الفيلم الوثائقي، بإبرازه برقية مسربة على موقع «ويكليكس»، للدبلوماسي الأمريكي في (تل أبيب) «مارك سيفرز»، تعود إلى 2009، تؤكد متانة العلاقة بين الإمارات و(إسرائيل) برعاية «عبد الله بن زايد» وزير الخارجية الإماراتي.

مليار دولار سنويا ورحلة جوية بين الإمارات و(إسرائيل)، هو الجانب المعلن من العلاقة بين البلدين.

غير أن الجانب الخفي، هو ما فضحه الشيخ «رائج صلاح» رئيس الحركة الإسلامية في الضقة، من مساعدة الإمارات في تهويد القدس، عبر شراء منازل بمبالغ ضخمة لصالح مؤسسات يهودية.

«فادي السلامين» أحد المقرب من «محمد دحلان» مستشار الإمارات الأمني، هو أحد أبرز من يقوم بتلك العمليات، بحسب الوثائقي.

فضلا عن تسريبات عن عقد لقاء بين وزير الدفاع الإسرائيلي «افيغادور ليبرمان» ووزير خارجية الإمارات «عبد الله بن زايد»، قبل الحرب الأخيرة على غزة.

برقية أخرى كشفتها «ويكليكس»، تعود إلى 2006، تتحدث عن قلق «بن زايد» من فوز «حماس» بالانتخابات التشريعية، وأن الإماراتيين أبلغوا الأمريكان أنهم يعتبرون الحركة الفلسطينية حركة إرهابية.

كما أكد اغتيال «محمود المبحوح» في الإمارات، بحسب الوثائقي، الشكوك حول علاقة البلدين، وذلك قبل أن تلقي «حماس» القبض في 2014 على مجموعة من الهلال الأحمر الإماراتية يتجسسون عليها في قطاع غزة.

«محمد دحلان»

الوثائقي، قال إن «دحلان» الذي يشغل منصب مستشار أمني لولي عهد أبوظبي، له دور كبير في عقد شبكة من العلاقات الأمنية بين الأجهزة والقيادات المناهضة للشعوب العربية، باعتباره مهندس علاقات أنظمة القمع ورجال الأمن والقمع السابقين في دول الربيع العربي.

الوثائقي، وصف «دحلان» بأنه عراب الانقلاب العسكري في مصر، وعراب الانتهاكات التي تحدث ضد «حماس» في غزة والضفة، وهو عراب اختراق الأراضي الليبية، وعراب العلاقات الروسية الإماراتية، وتقديم المساعدات لنظام «الأسد» في سوريا.

دبي احتضنت «دحلان» عقب فصله من حركة «فتح» واتهامه بالتجسس لصالح (إسرائيل) والفساد، ويعد كلمة السر للعديد من الأدوار التي تلعبها الإمارات، في عدد من الملفات.

«دحلان»، أيضا هو حلقة الوصل بين الإمارات و(إسرائيل)، بفضل علاقاته الطيبة مع قيادات بالجيش والموساد الإسرائيلي، بخلاف دوره في صفقات السلاح.

كما أنه بحسب الوثائقي، المسؤول الأول عن رسم سياسات جهاز أمن الدولة الإماراتي، المتهم بانتهاك حقوق الإنسان.

الإخوان المسلمون

العداء مع جماعة الإخوان، دفع الإمارات لشراء «توني بلير» رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، للعمل كمستشار للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» من أجل مواجهة الإخوان، بحسب الفيلم.

كما ابتزت الإمارات، بريطانيا العظمى، من اجل تصنيف جماع الإخوان إرهابية، ووصل الأمر بتهديد لندن بوقف العقود التجارية ووقف الصفقات السلاح، ووقف التعاون الأمني، إذا لم تستجب بريطانيا للطلب الإماراتي.

حيث أن الإمارات، بحسب الفيلم الوثائقي، ترى أن الصراع بينها وبين الإخوان، وجوديا.

كما شكل الشيخ «يوسف القرضاوي» رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، صداعا لدى الإمارات، حتى أطلقت الإمارات صبيانها للنيل من «القرضاوي».

انقلاب تركيا

وعن انقلاب تركيا، قال الوثائقي إن نشرات الإعلام في الفضائيات التي تتبع الإمارات، كانت تدعم المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف العام الماضي.

وبحسب الوثائقي، تشير أصابع الاتهام إلى ضلوع الإمارات بشكل أساسي، في التدبير لمحاولة الانقلاب الفاشلة.

حقوق الإنسان

الوثائقي ختم بالتأكيد أن هناك تنقضا كبيرا بين ما ترسمه الإمارات عن نفسها أنها دولة متحضرة، وبين عالمها السري، وسجونها الخفية، التي تنتهك فيها حقوق الإنسان، تحت إشراف «دحلان».

حتى أن مقررة الأمم المتحدة الخاصة لشؤون استقلالية القضاء «غابيررلا كانول»، منعت من زيارة السجون في 2014.

كما أن منظمتا «هيومان رايتس ووتش» و«فريدام هاوس»، انتقدتا ملف حقوق الإنسان، فألغت السلطات مؤتمرهما الصحفي.

سياسة الإخفاء القسري، هي المتبعة في الإمارات منذ اندلاع الربيع العربي، بحسب «العفو الدولية»، حتى باتت تسمى «دولة الخوف»، والتي يعد فيها مفقودا كل من يغرد خارج السرب.

أولاج «زايد» لا يكتفون فقط بقمع داخل حدود بلادهم، بل امتدت بقمع مخالفيهم ولو في دول أخرى، بحسب الفيلم الوثائقي. لمشاهدة الفيلم الوثائقي إضغط

الخليج الجديد-