سياسة وأمن » تصريحات

مصر وفتور العلاقة مع السعودية.. مغامرة خطيرة أم توازن حرج؟

في 2016/10/20

"من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف العربي من المندوب المصري"، كلمات قالها المندوب السعودي في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، معبراً عن أسفه من الموقف المصري تجاه قرار مجلس الأمن بشأن الأزمة السورية، السبت 8 أكتوبر/تشرين الأول، إذ كانت مصر الداعم العربي الوحيد لمشروع القرار الروسي، من بين 4 دول أخرى في مجلس الأمن.

الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، قابل تصريح المعلمي بقوله إن السياسة المصرية مستقلة بشأن سوريا، وإن بلاده "لن تركع إلا لله"؛ ما دل على توتر واضح بين البلدين لم يكن معلناً من قبل.

وكشف التصويت المصري لمصلحة روسيا والنظام السوري في مجلس الأمن عن أول خلاف علني بين مصر والسعودية منذ وصول السيسي لسدة الحكم، برغم حصوله على مليارات الدولارات من السعودية ودول خليجية أخرى؛ بُغية انتشال الاقتصاد المصري من كبوته؛ الأمر الذي أزعج كثيرين باعتباره خلافاً بين دولتين سنيتين في وقتٍ تحتفظ فيه إيران بتحالفاتها في المنطقة، خاصةً التيارات والمليشيات الشيعية؛ ما كان سبباً في عدم استقرار الأمن في عديد من الأقطار العربية.

الباحث السياسي السعودي الدكتور خالد باطرفي يرى أن الأزمة بين الجانبين تتعلق بالخلاف حول سوريا فقط، مشيراً إلى أن "النظام السوري عسكري، وهو كذلك في مصر والجزائر، ولذا فإنه من الطبيعي أن تجد التلاقي بين هذه الأنظمة الثلاثة؛ لأنها هي البقية الباقية من حكم العسكر في العالم العربي، بالإضافة إلى أن النظام المصري يعتقد أن أمريكا خذلته ولم تكن متحمسة في دعمه مثلما دعمت الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأن روسيا حليفٌ أكثر وفاءً لحلفائه وأكثر صموداً".

باطرفي شدد، في حديثه الهاتفي لـ"الخليج أونلاين"، على أن وجهة النظر المصرية تجاه روسيا "محقة"، مستشهداً بمعاناة السعودية من تخاذل الأمريكيين، معتبراً أن "الروس يقفون مع حلفائهم في الباطل في حين أن الأمريكيين لا يقفون مع حلفائهم في الحق، ومن ثم فإن النظام المصري ربما وصل لنتيجة مفادها ضرورة التوازن في العلاقات بين أمريكا وروسيا والصين، والخليج وكذلك إيران، ولذا يوجد نوع من التنافس بين الأصدقاء ونوع من التوازن بينهم".

وحذر باطرفي من هذه النظرية، واعتبرها "لعبة خطرة" لأنها "تحتاج إلى دبلوماسية عالية جداً، تقيس الأمور بمقياس الذهب، وهو ما يفتقده النظام المصري من ذكاء دبلوماسي يسمح له باللعب على جميع الأوتار؛ ولذا فإنه سوف يخسر طرفاً لحساب طرفٍ آخر"، إلا أنه أكد أنه "بهذه الرؤية سيخسر الطرف الأقوى والأقرب له، والأكثر عطاءً ووفاءً له"، معبراً عن اعتقاده أن النظام المصري سيخسر "لأنه سيعجز عن التوازن بين معسكر الشر متمثلاً في إيران وحلفائها والمعسكر العربي والإسلامي السني".

واعتبر المحلل السعودي أن استخدام السيسي عبارة أن "مصر لن تركع إلا لله" هو استخدامٌ في غير محله، حيث أنه أكد عدم سعي أحد لتركيع مصر، وأن مصر غير قابلة للتركيع، وأن المسألة تتعلق فقط بخلاف حول قرارٍ أممي.

من جهته يرى الخبير المصري في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد عامر، ضرورة أن تحسم السعودية مواقفها في هذه الفترة الحرجة، وفي ظل التحالفات الحالية، في ظل خذلان السيسي ومخالفته للقرار العربي.

عامر أكد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن اجتماع وزراء خارجية التعاون الخليجي مع نظيرهم التركي خطوة بالغة الأهمية، مشيداً بزيارة وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وهي الخطوة التي فاجأت السيسي ولم تكن في حسبانه.

واعتبر عامر أن "المنطقة العربية مهددة حالياً باتفاقية كيري لافروف، وهي مغايرة لاتفاقية سايكس بيكو، حيث إنها لا تعتمد على تغيير الحدود والخرائط بقدر ما هي تعتمد على التغيير بالدم، عبر عمليات التهجير القسري لأهل السنة في المناطق المختلفة".

وحول الدخول الروسي إلى سوريا، أشار عامر إلى أن روسيا لم تدخل إلى سوريا إلا بموافقة أمريكية، وكل ما يجري في المنطقة يتم بموافقة أمريكية، معتبراً أن التقارب المصري الروسي والمصري الإيراني سيكون مآله الفشل، خاصةً مع انخفاض الاحتياطي النقدي الروسي إلى مستوى يهددها كدولة عظمى، ومع نكوص إيران عن التزاماتها تجاه الحوثيين وخفضها دعمها لحزب الله، ومن ثم فإنها ستعجز عن دعم مصر، وهو ما ذهب إليه أيضاً المحلل السياسي السعودي خالد باطرفي.

 

محمد عبّود - الخليج أونلاين-