سياسة وأمن » حروب

اليمن: أميركا تخشى شمولها بـ«جرائم الحرب» السعودية

في 2016/10/11

لا مؤشرات مقنعة على أن المجزرة التي نفذها العدوان السعودي في صنعاء السبت الماضي قد تؤدي إلى ضغط دولي على الحليف السعودي لضبط إيقاع جرائمه في اليمن، أو تقليص ضرباته، أو حتى «تحديد أهدافه بشكل أكثر دقة»، لو صدق «حسن النية» الأميركي الذي عبّر عنه مسؤولون في وثائق سرّبت لـ «رويترز»، حول اعتقاد قديم لديهم بأن السعوديين لن يفلحوا في قصر ضرباتهم الجوية على أهداف للحوثيين أو حلفائهم.
ولعل أوضح دليل على أن الجنون السعودي لم يعد بالإمكان «ترويضه»، استشهاد 11 مدنياً أمس بضربة جديدة لـ «التحالف» في صعدة، فيما أظهرت وثائق «رويترز» أن واشنطن، التي طالبت بالتحقيق بـ «جرائم حرب روسية» في سوريا منذ أيام، عاشت الخشية من شمولها باتهامات في جرائم حرب على خلفية دعمها المباشر لحرب اليمن.
في هذه الأثناء، لم تخرج إدانة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لجريمة صنعاء عن كونها «آخر الكلام» لمسؤول أممي مغادر، فيما لم يطالب المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد حتى بـ «تحقيق مستقل» من باريس التي دعت إلى ذلك، كما لم يتجرأ على تحديد مرتكبي المجزرة بالاسم، بل طالب فقط بإحالتهم إلى العدالة بعد «نشر نتائج التحقيق الذي يجريه التحالف العربي حول مذبحة صنعاء على وجه السرعة».
في المقابل، حاول الأميركيون أمس إعادة توجيه البوصلة نحو «الانقلابيين» وخطرهم على أمن الملاحة في باب المندب، عبر إعلان القيادة الوسطى للبحرية الأميركية أن صاروخين أطلقا من مناطق يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم في اليمن، سقطا أمس الاول على مقربة من مدمرة تابعة لها في البحر الاحمر، وهو ما نفته «أنصار الله»، وذلك بعد إعلان السعودية اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه مدينة الطائف جنوب المملكة.
وأوضحت وثائق حكومية وروايات مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما باعت أسلحة قيمتها 1.3 مليار دولار للسعودية العام الماضي «رغم تحذيرات من مسؤولين من إمكانية توريط الولايات المتحدة في جرائم حرب بدعم حملة القصف السعودية في اليمن». كما أظهرت رسائل الكترونية وسجلات ومقابلات حصلت عليها «رويترز» أن المسؤولين في وزارة الخارجية أبدوا تشكيكهم في قدرة القوات السعودية على استهداف مقاتلي الحوثيين دون المدنيين وتدمير «البنية التحتية الحيوية اللازمة» لاستعادة اليمن عافيته.
وقال أربعة مسؤولين حاليين وسابقين إن خبراء القانون في الحكومة الأميركية لم يتوصلوا بعد لرأي نهائي بشأن ما إذا كان الدعم الأميركي للحملة الجوية يجعل الولايات المتحدة شريكاً في الحرب بمقتضى القانون الدولي، وهو أمر إذا استقر الرأي عليه، فسيلزم واشنطن بالتحقيق في الاتهامات الخاصة بارتكاب جرائم حرب في اليمن، ولأثار خطراً قانونياً يتمثل في إمكانية مقاضاة بعض رجال الجيش الأميركي من الناحية النظرية على الأقل.
ويذكر أن «نيويورك تايمز» كانت قد أكدت أن واشنطن أو الكونغرس لم يقوما بأي تحقيق داخلي حول حرب اليمن، كما أن الجيش الاميركي حذر السعوديين من ضرب أهداف بعينها في اليمن، ولكن «التحالف» لم يستجب لمطالبه.
وتسلط المعلومات الضوء على النقاش الدائر خلف أبواب مغلقة الذي صاغ رد الرئيس الأميركي على ما وصفها المسؤولون بـ «معضلة مفجعة في السياسة الخارجية»، وتتلخص في كيفية تهدئة المخاوف السعودية من الاتفاق النووي مع إيران، دون تفاقم الصراع في اليمن.
وقال مسؤول إن مكتب المستشار القانوني لوزارة الخارجية «أبدى قلقه بشأن التورط الأميركي في انتهاكات سعودية محتملة لقوانين الحرب وأيده في ذلك خبراء حقوق الإنسان في الحكومة الأميركية». وقال ثلاثة مسؤولين إن قيام الولايات المتحدة بتزويد طائرات سلاح الجو السعودي بالوقود في الجو وما تقدمه من دعم لوجستي ينطوي أكثر من مبيعات الأسلحة على خطر جعلها شريكاً في الحرب بمقتضى القانون الدولي.
وأظهرت رسالة لأحد مساعدي انتوني بلينكن، نائب وزير الخارجية، أنه ترأس في أواخر كانون الثاني 2016 اجتماعا مع مسؤولين من مختلف إدارات الوزارة لبحث موضوعات، من بينها «خيارات الحد من الانكشاف الأميركي في ما يتعلق بالمخاوف الخاصة بقانون الصراع المسلح».
إلى ذلل، وفيما طلبت إيران من الأمم المتحدة تسهيل توصيلها مساعدات إلى صنعاء، دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في رسالة إلى بان كي مون إلى «محاسبة السعودية عن جرائم الحرب في اليمن، وكذلك الذين دعموا عدوان التحالف على الشعب اليمني».
من جهته، رفع بان كي مون سقف تنديده بالجرائم السعودية في اليمن، مطالباً بالمحاسبة على «الإدارة المروعة» للحرب، مضيفاً أن «الهجمات الجوية التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية سببت بالفعل مذبحة هائلة ودمرت كثيرا من المنشآت الطبية في البلاد وغيرها من البنية التحتية المدنية الحيوية».
إلى ذلك، دعت منظمات حقوقية عربية وخليجية، من بينها «منتدى البحرين لحقوق الإنسان» و «معهد الخليج للديموقراطية وحقوق الإنسان» إلى تقديم المتورطين في مجزرة مجلس العزاء في صنعاء للعدالة

رويترز-