سياسة وأمن » حروب

عُمان.. دبلوماسية "الأبواب المغلقة" لحل النزاعات الإقليمية

في 2016/10/05

في خطابه بالعيد الوطني السابع عشر لسلطنة عمان، قال السلطان قابوس بن سعيد: "إننا جزء من هذا العالم.. نتفاعل مع ما يدور حولنا من أحداث بكل الإيجابية والوضوح، ونكرس كل إمكانياتنا للمشاركة الموضوعية والفعالة لخدمة قضايا السلام والتعاون على كافة المستويات الإقليمية والدولية"، وبذلك فهو يترجم طبيعة السياسة الخارجية للبلاده.

وبربط ما ذكره السلطان قابوس بالتحركات العُمانية الخارجية، نجد أن آخر ما سجلته الوساطة العُمانية من إنجازات هو الإفراج عن الرهينة الفرنسية نوران حوص، وهو إنجاز لم يكن الأول من نوعه في التدخل لحل أزمات إقليمية، غير أنه لم يُعلن عن التحركات العُمانية إلا بعد ظهور النتيجة مكللة بالنجاح، وهو ما شدد عليه محللون عمانيون لـ"الخليج أونلاين".

ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت مسقط عن نجاحها في الإفراج عن رهائن محتجزين في اليمن، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية العُمانية آنذاك. وسابقاً، أعلنت سلطنة عُمان عن تحركات وساطة لها في الجزائر لإنهاء أزمة طائفية مكتومة في بلدة جزائرية تدعى "غرداية" ذات أغلبية إباضية، تلك الطائفة المنتشرة في السلطنة أيضاً؛ ما يجعلها الأقرب للتدخل في حل مشاكل الإباضيين في الجزائر.

كيف أصبحت عُمان لاعباً رئيسياً في الملف النووي الإيراني؟

المشاركة الموضوعية والفعالة لخدمة القضايا الإقليمية والدولية التي أشار إليها السلطان قابوس اتضحت معالمها، كذلك، في دورها الفعال إبان الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة 5+1، وهو الاتفاق الذي بدا جلياً كدور محوري يعمل منذ أكثر من ست سنوات، في أول اجتماع سري يجمع واشنطن وطهران على ساحل مسقط، نتج عنه تفاهم مبدئي كان نواة أولية للاتفاق الأخير.

وبرغم أن العلاقة بين إيران ودول الخليج سوداوية، ولا تختلف عُمان عن باقي دول الخليج في هذه القناعة، إلا أنها "تفضل التعامل مع أزمات المنطقة بواقعية أكثر" وفق ما ذكر المحلل السياسي العماني، سالم الجهوري، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، خاصةً مع دولة كبيرة بحجم إيران، وتهديدها المستمر لأمن الخليج، فأبت أن تتعامل مع إيران إلا بمرونة تعود بالنفع على باقي دول التعاون الخليجي؛ الأمر الذي اشتركت فيه جزئياً قطر في التعامل مع المشروع الإيراني بنوع من البراغماتية، بحسب الجهوري.

ونهجت عُمان في سياستها الخارجية بشكل عام نهج الحياد الإيجابي، اعتماداً على الواقعية السياسية، وضرورة التنسيق بين دوائر الاهتمام المختلفة، كما عززت من قيمة المصلحة الوطنية، وحرصت على الانتماء للعروبة، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وسعت، ولا تزال، إلى حل الصراعات السياسية بشكل سلميٍ في رفض تام لعسكرتها، بحسب الأدبيات السياسية والإعلامية للمسؤولين العمانيين.

سواحل اليمن.. ميدان جديد للصراع والمليشيات تهدد الملاحة الدولية

الجهوري يرى أن عُمان تعتمد القراءة الواقعية على الأرض للأحداث، ومن ثم قد تجد عُمان بعيدة في بعض المواقف مثل القطيعة العربية لمصر إبان توقيع اتفاقية كامب ديفيد، في نهاية سبعينيات القرن الماضي، فقد احتفظت عُمان بعلاقتها مع مصر؛ إدراكاً منها، وفقاً للمحلل العماني، أن المستقبل لن يستمر في قطيعة مصر عربياً، وهو ما ثبت بعد ذلك.

وأشار الجهوري أيضاً إلى الحرب العراقية الإيرانية، حيث أكد أن الموقف العُماني آنذاك كان أقرب لموقف العراق، ومن ثم فهي حريصة على الإجماع العربي، إلا أن لها مفردات في التعاطي السياسي مع بعض القضايا، والاحتفاظ بعلاقة متوازنة مع الجميع، "تهدف إلى إيجاد نافذة يمكن أن يتحاور من خلالها أطراف النزاع عبر مسقط أو عبر جهود الأمم المتحدة".

وخليجياً، فإن عُمان لا زالت تنأى بنفسها عن الخلافات البينية، وهو ما ظهر جلياً في امتناعها عن سحب سفيرها من الدوحة مثلما قامت به كل من الرياض وأبوظبي والمنامة، فضلاً عن سعيها بشكلٍ جديٍ لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ولذا فإن خطوات عُمان خارجياً "ذات المرونة العالية، والتي تتحمل الضغوط وتسعى للحؤول دون أن تتأثر مواقفها السياسية، أضفت عليها ثقة إقليمية ودولية مكنتها من تحمل مخاطر التزام الحياد في الأزمات المتتالية التي ألمت بها المنطقة".

محمد عبّود - الخليج أونلاين-