دعوة » مؤتمرات

الإمارات والسعودية: الصراع على تمثيل الإسلام

في 2016/10/03

تقود دولة الإمارات هجوما مباشرا على الحركات المحافظة التي تدعمها السعودية. وظهر أن اجتماع عدد من علماء السنة البارزين في العاصمة الشيشانية غروزني، مع حرمان بعض العلماء المحافظين المدعومين من السعودية قد يسبب صدعا جيوسياسيا في العالم الإسلامي وليس فقط صدعا دينيا.

ويشير المؤتمر الذي حضره علماء من دول تعتبر من أقرب حلفاء السعودية، أن التمويل السعودي لوجهات نظر عالمية محافظة يواجه مقاومة من التفسيرات الأكثر ليبرالية للإسلام التي تدعم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا.

عقد الرئيس الشيشاني «رمضان قديروف»، وهو إسلامي له علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، مؤخرا مؤتمرا مع بعض من أبرز العلماء لتحديد المسؤولية الدينية والسياسية عن الإسلام السني.

ويتبنى «قديروف» المنهج الصوفي، الذي يمثل تفسيرا أكثر روحانية للإسلام، ولكنه يفتقر إلى المؤهلات الدينية خارج وطنه الشيشان. وقد أعيد انتخابه مؤخرا بنسبة 98٪ من الأصوات.

تبرز قدرة «قديروف» على جمع مجموعة لامعة من علماء المسلمين نجاح المناورة التي تتزعمها دولة الإمارات العربية المتحدة من وراء الكواليس في مواجهة السلفية.

ويأتي هذا، على الرغم من تعاون دولة الإمارات الوثيق مع السعودية كعضو في مجلس التعاون الخليجي (GCC) وفي الحرب في اليمن. كما يسلط الأمر أيضا الضوء على الجهود الروسية لزراعة الزعماء الدينيين المسلمين.

هجوم مباشر

شارك في مؤتمر غروزني إمام الجامع الأزهر في القاهرة، أحمد الطيب، ومفتي مصر شوقي علام، ومفتي الصوفية والديار المصرية السابق «علي جمعة»، وهو مؤيد كبير للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ومستشار «السيسي» للشؤون الدينية ، «أسامة الأزهري»، ومفتي دمشق «عبد الفتاح البزم»، وهو من الأصدقاء المقربين من الرئيس السوري «بشار الأسد»، ورجل الدين اليمني «الحبيب علي الجفري»، رئيس مؤسسة طابا الإسلامية التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، والذي لديه علاقات وثيقة مع دولة الإمارات ومع ولي العهد «محمد بن زايد آل نهيان».

وفي هجوم مباشر على الحركات المحافظة المدعومة من السعودية مثل الوهابية والسلفية، ادعى المؤتمر أن تسمية السنة تم اختطافها من قبل المنحرفين الذين شوهوا الإسلام من خلال الممارسات المنحرفة.

وفي إطار تحديد الإسلام السني، استبعد المؤتمر صراحة الوهابية، النسخة السعودية المعتمدة من الإسلام، فضلا عن السلفية من تعريفه.

أكثر الأمور أهمية في هذا الصدد هو المعطى الذي يفيد أن السعودية استثمرت على مدى العقود الأربعة الماضية عشرات المليارات من الدولارات في تعزيز مستوى التفسيرات المحافظة للإسلام في العالم.

هل تؤتي جهود روسيا ثمارها؟

يبدو أن المؤتمر قد نظم من قبل دولة الإمارات، جنبا إلى جنب مع روسيا، من أجل النجاح في مواجهة الجهود السعودية التي مكنت التفسيرات المحافظة من تحقيق تقدم ملموس في المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

ويشير الوجود المصري الكثيف أيضا أن دولة الإمارات ، التي هي جنبا إلى جنب مع السعودية تقومان بتمويل مصر، تعمل على توسيع المسافة والتباعد بين المملكة وسائر الدول في العالم العربي. كما أنه بمثابة دليل على أن الجهود الروسية لجذب التيارات الإسلامية وكذلك الزعماء الإسلاميين قد بدأت تؤتي ثمارها على الرغم من دعم موسكو لـ«نظام الأسد» في سوريا.

في حفلة سياسية، تمكنت روسيا قبل أربع سنوات من جمع مجموعة قادة من المشارب الإسلامية المختلفة، بما في ذلك السلفيين الذين تدعمهم السعودية، والإخوان المسلمين وحزب الله اللبناني الشيعي على طاولة واحدة. وقد أكد المسؤولون الروس أن القيم الأرثوذكسية الروسية المحافظة متشابهة، إن لم تكن متطابقة، مع نظيرتها الإسلامية المحافظة.

النفور المتجذر

وقد شارك في تنظيم مؤتمر غروزني مؤسسة طابا، راعية مجلس حكماء المسلمين، وهي المجموعة التي ترعاها الإمارات، والتي تهدف إلى استعادة الخطاب الإسلامي الذي يؤكد العديد من غير السلفيين أنه تم اختطافه من خلال السخاء السعودي.

تم إنشاء المجلس أيضا لمواجهة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة الشيخ «يوسف القرضاوي» ومقره الدوحة، والذي ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين.

تدعم الإمارات مبادرات مقاومة السلفية وتعارض جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من أن الأخيرة لا تلتزم الفكر السلفي، لأن هناك نفور متجذر لدى الأمير« محمد بن زايد» من الإسلام السياسي.

وينسب إلى ولي العهد أنه أقنع الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك «عبد الله» بحظر جماعة الإخوان وتصنيفها على أنها منظمة إرهابية.

وثار قلق الأمير «محمد بن زايد» من التعديلات التي جاء بها الملك «سلمان» منذ توليه العرش، والذي قد يكون أقل تشددا في معارضته لجماعة الإخوان المسلمين.

يختلف «محمد بن زايد» أيضا مع نجل الملك «سلمان»، ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، بخصوص سير الحرب في اليمن والتعاون الضمني على أرض الواقع في اليمن مع الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

مشاركة مصر والشيخ «الطيب»

في غروزني، تبين أن التمويل السعودي الكبير لأعداد كبيرة من علماء الأزهر، فضلا عن الدعم بمليارات الدولارات الذي قدمته المملكة إلى «السيسي» لم ينجح في شراء هذا النوع من الولاء الديني والسياسي الذي كان متوقعا.

وقد أشار باحث رفض الترشح لجائزة الملك «فيصل» إلى شكر رئيس الأزهر الباهت للمملكة بسبب العديد من التبرعات التي قدمتها أجل الأزهر في السنوات الأخيرة. ودخل علماء الأزهر في تنافس «محموم» للتفرغ للعمل في المملكة على مدار20 عاما، بسبب الأجور المجزية إلى حد كبير.

«الكثير من أصدقائي كانوا يقومون بالثناء على عائلة ابن عبد الوهاب في كتاباتهم»، في إشارة إلى «محمد بن عبد الوهاب»، الزعيم الديني الذي عاش في القرن الـ18 وصاحب التفسير المتشدد للإسلام والذي أصبح أساسا لاتفاق تقاسم السلطة بين عائلة آل سعود و المؤسسة الدينية في البلاد.

وأضاف: «إنهم يهزون أكتافهم عندما أسألهم إذا كانوا جادين في ذلك... وعندما سألت الطيب لماذا لم يشهد الأزهر تغييرات هكذا، فقد شكا من أن يده مغلولة».

لتوضيح التأثيرات السعودية، ذكر الباحث انه كان حاضرا قبل عدة سنوات عند «محمد سيد طنطاوي»، المفتي وشيخ الأزهر الأسبق، ودار الحديث حول التمويل السعودي. وقال «طنطاوي»: «وما هو الخطأ في ذلك؟»، وغضب من السؤال، ثم قام بسحب شيك بمبلغ 100 ألف دولار من درج مكتبه ووضعه على جبهته. وقال «الحمد لله، الحمد لله، فهم إخوة لنا».

ذا جلوباليست- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد