سياسة وأمن » تصريحات

تراجع تحويلات المصريين بالخليج.. الكويت تتصدر وشائعة بالسعودية أحد الأسباب

في 2016/09/19

الظروف السياسية وتغير سعر الصرف وشائعات فرض رسوم على التحويلات وأزمة النفط، عوامل أدت بشكل كبير إلى تراجع تحويلات المصريين بالخارج، لا سيما من دول مجلس التعاون الخليجي.

وتعتبر تحويلات المصريين بالخارج من أهم مصادر الدخل القومي من العملة الصعبة، ولعبت دور هام في دعم ومساندة الاقتصاد المصري في ظل انخفاض حصيلة إيرادات المصادر الأخرى كالسياحة ونزوح الاستثمارات الأجنبية، عقب الثورة.

وشهدت التحويلات ارتفاعا ملحوظا في أعقاب ثورة يناير 2011، إذا ما قورنت بالفترات السابقة عليها، حيث كانت الزيادة الأولى بنسبة 29.1% ثم بعد ذلك زيادة بنسبة 42.7% وأيضا زادت في عام 2012/2013 لكن زيادة طفيفة.

وبلغت تحويلات المصريين في السعودية عام 2011، ثمانية مليارات دولار، وهو ما يشكل 60% من إجمالي تحويلات المصريين بالخارج، ويتجاوز هذا الرقم إيرادات كل من قناة السويس وقطاع السياحة التي تصل خمسة مليارات دولار لكل منهما.

تقرير البنك الدولي بشأن الهجرة والتحويلات في العالم، كشف أن تحويلات المصريين بالخارج تحتل المرتبة السادسة عالميا خلال عام 2012، وهي الفترة التي شهدت انتقال الحكم إلى «محمد مرسي» كأول رئيس مدني منتخب.

تراجع ملحوظ

إلا أنه خلال العامين الماضيين، تراجعت التحويلات بشكل ملحوظ، حتى أن البنك المركزي المصري، كشف أن تحويلات المصريين بالخارج 19.2 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي، لتأتي في المرتبة الثانية من مصادر النقد الأجنبي، بعد حصيلة الصادرات التي سجلت 22 مليار دولار، يليها إيرادات السياحة التي جلبت 7.4 مليارات دولار، ثم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة 6.4 مليارات دولار وأخيرا إيرادات قناة السويس التي سجلت 5.3 مليارات دولار.

كما لم تفلح حملات البنوك الحكومية بإطلاق منتجات مصرفية للمصريين العاملين بالخارج خلال الشهور الأولى من العام الجاري والتي تمثلت في شهادة «بلادي» الدولارية وشهادة «بلادي» باليورو.

سعر الصرف

وفي مايو الماضي، كشفت مصادر مطلعة لصحيفة «الراي» الكويتية، أن «طارق عامر» محافظ البنك المركزي المصري، أفاد مسؤولين كويتيين أخيراً، بأن تحويلات المصريين العاملين في الكويت إلى مصر، تراجعت بنحو مليار دولار منذ بدء أزمة الجنيه التي تشهدها مصر منذ فترة.

وقالت الصحيفة خلال تصريحات نشرتها على موقعها الإلكتروني، إن المصادر ذكرت أن «عامر» قام بزيارة سريعة إلى الكويت استمرت ليوم واحد، تخللها لقاءات مع مسؤولين في الهيئة العامة للاستثمار وبنك الكويت المركزي.

وأفادت أن «عامر» أوضح أن سر التراجع الكبير للتحويلات يعود إلى أن جزءًا كبيرًا من حركة الأموال يتم خارج النظام المصرفي الرسمي لذلك، وأن هذه السوق تكبر بدعم من اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي الذي يمكن أن يحصل عليه العميل من البنوك وشركات الصرافة، والآخر الذي يمكن الحصول عليه عن طريق التحويلات غير الرسمية.

ونقلت الصحيفة، عن «عامر» قوله إن «التحويلات غير الرسمية، تمثل عائقاً كبيراً، وأنها تؤثر على إيرادات أحد أهم مصادر تغذية العملة الصعبة في مصر، وهي تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وإن الفارق بين السعر الرسمي والمدفوع من بعض تجار العملة يتراوح بين 15 و20%».

وقالت المصادر إن «عامر» سعى إلى تسويق زيادة الإيداعات الكويتية في مصر، وتحديداً من خلال الاستثمار في وديعة «بلادي» الدولارية.

يذكر، أنه وفقاً لأسعار صرف الجنيه في اليومين الماضيين قياساً إلى الدينار، بلغ سعر تحويل الألف جنيه في شركات الصرافة المحلية نحو 36.5 دينار، في حين بلغ سعر تحويله في السوق غير الرسمي نحو 29 ديناراً، ما يعني أن الفارق بين السعرين يصل إلى 8 دنانير، الأمر الذي يشجع على اللجوء لهذه النوعية من التحويلات بدلاً من التعامل مع البنوك أو شركات الصرافة المحلية.

وتشكل تحويلات العاملين المصريين في الخارج غير الرسمية ضغطاً على خطط البنك المركزي المصري في ضبط سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، خصوصاً انه وباعتراف «عامر» ليس من السهل مواجهة الدولة لهذه التحويلات بالطرق القانونية التقليدية، وذلك بسبب أساليبها الفردية وأوامرها اللحظية بين التاجر والمحول.

شائعة رسوم التحويلات

في يونيو/ حزيران الماضي، حسمت السعودية الجدل بشأن المقترح الذي قدم لمجلس الشورى السعودى بفرض رسوم ضريبية على التحويلات النقدية للأجانب في المملكة، بنسبة تبدأ من %6 وتنخفض لـ%2 من قيمة التحويل حسب سنوات العمل.

وقال وزير المالية السعودي «إبراهيم العساف»، في تصريحات إعلامية، إن السعودية لن تفرض ضريبة على الأموال التي يرسلها العمال الأجانب في المملكة إلى بلدانهم.

وكان المقترح يتضمن فرض رسوم بنسبة %6 على التحويلات فى السنة الأولى للوافد، تنخفض سنويًا بشكل تدريجي حتى تتوقف عند %2 فى السنة الخامسة من عمله.

وبددت تصريحات الوزير السعودي، مخاوف البعض من تأثير هذا المقترح في حالة إقراره رسميًا، على حجم تحويلات المصريين فى الخارج، التى تلعب دورًا هامًا في دعم الاقتصاد الوطني، في ظل تراجع عوائد السياحة.

وكان «هيثم سعد» المتحدث الرسمى باسم وزارة القوى العاملة المصرية، كشف أن عدد العمال المصريين بالخارج يقارب الـ 5 ملايين عامل، موضحًا فى تصريحات إعلامية أن النسبة الأكبر منهم بالمملكة العربية السعودية، حيث يصل حجم العمالة المصرية بالسعودية إلى 2 مليون عامل، يليها الكويت، والإمارات، وقطر.

تداعيات أزمة النفط

صحيفة «الوطن» المصرية، قالت إن تراجع أسعار النفط وتداعياته السلبية على الدول المُنتِجة، وعلى رأسها دول الخليج، الشريك التنموى الأول لمصر منذ الانقلاب، أثارت مخاوف من انعكاس هذه التداعيات على تحويلات المصريين العاملين بدول الخليج.

ونقل التقرير عن اقتصاديين ومسؤولين بصندوق النقد الدولي، قولهم إن انخفاض أسعار النفط ستكون له تداعيات اقتصادية مهمة على تحويلات العاملين الأجانب بدول مجلس التعاون الخليجى.

وأوضحوا أن هذه التداعيات تكتسب أهمية كبرى لأن منطقة الخليج من أكبر مصادر تحويلات العاملين على مستوى العالم، مضيفين: «حقَّقَت التحويلات تعافياً سريعاً بالتوازى مع انتعاش أسعار النفط».

وأضافت الصحيفة أن «ثلث إجمالى التحويلات النقدية من دول الخليج البالغ 100 مليار دولار، يذهب إلى مصر والأردن ولبنان وباكستان واليمن، وأن هذه البلدان تعتمد اعتماداً كبيراً على تمويلات العاملين بدول مجلس التعاون الخليجى، إذ تمثل 4-7% من إجمالي الناتج المحلي».

وتابعت: «تحويلات المصريين العاملين بالخليج يمثل نحو 5% من الناتج المحلّى الإجمالى العام الماضي»، لافتة إلى تركّز معظم العاملين المهاجرين إلى مجلس التعاون الخليجي، فى القطاع غير النفطي، لا سيما قطاعات البناء وتجارة الجملة والتجزئة.

واستطردت: «من المقدر أن يؤدّى انخفاض إجمالى الناتج المحلى غير النفطى بنسبة 1% إلى تخفيض تدفقات تحويلات العاملين بنسبة 0.5-0.75% سنويّاً، وعلى المدى القريب من المقدر أن يكون أثر انخفاض أسعار النفط محدوداً».

ونوهت أنه «في حال انخفاض نموّ قطاعَى (الخدمات الحكومية) و(البناء) باعتبارهما الأكثر ارتباطاً بتدفقات تحويلات العاملين الأجانب، أو أخذ بلدان مجلس التعاون الخليجي بمقترح استحداث ضريبة خاصة على تحويلات العاملين الأجانب لبلدانهم، فستتأثر تدفقات التحويلات النقدية للعاملين إلى بلدانهم المستوردة للنفط فى المنطقة تأثراً كبيراً».

وكالات-