دعوة » خطب

العشر الأواخر تستحثّ هـمم الـمسلمين للاقتداء بهدي سيد الـمرسلين

في 2016/06/25

دعا فضيلة الشيخ عبدالله السادة إلى الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان مشيرا إلى أن الشهر الكريم قد قرب رحيله وها هي العشر الأواخر منه قد أطلت علينا تستحث همم المسلمين للاقتداء بهدي سيد المرسلين، ليكونوا في سجل المقبولين وعداد المرحومين، كما تعظ المقصرين والمفرطين باستدراك تقصيرهم والتوبة من تفريطهم.

وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أن من كان محسنا فيه فليحمد الله على ذلك، وليستبشر بعظيم الثواب من الله الكريم وليستزد، ومن كان مسيئا فيه فليتب إلى الله عز وجل توبة نصوحا؛ فإن الله تعالى يتوب على من تاب وأناب، وليحسن الختام؛ فإنما الأعمال بالخواتيم، قال الله جل وعلا: "وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون).

سرعة مرور الوقت

وقال الشيخ السادة ما أسرع مرور الوقت في هذه الأيام! حتى صرنا لا نشعر بالزمن! مشيرا إلى أن الزمن يجري بسرعةٍ عجيبةٍ، فأظهروا لله عز وجل صدقكم وجهدكم وبذلكم، والله الله في قراءة القرآن، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه، وقد قال الصحابي الجليل عبدالله بن مسعودٍ: «لا تهذوا القرآن هذ الشعر ولا تنثروه نثر الدقل (وهو رديء التمر)، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة» .

الاقتداء بالرسول

وحث الخطيب على الاقتداء بالرسول الكريم في استقبال العشر الأواخر من رمضان كما استقبلها رسول الله محمد بن عبدالله، والتي تقول فيها أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها: «كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» ، وتقول رضي الله عنها أيضا: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» ومعنى هذا الحديث النبوي: أن النبي يجتهد اجتهادا خاصا زيادة عن العادة في هذه العشر، ويزيد في أنواع العبادة من صلاةٍ وقيامٍ وقرآنٍ وذكرٍ وصدقةٍ ودعاءٍ، فإن معنى أحيا ليله: استغرقه بالسهر في الصلاة والعبادة، وإن معنى أيقظ أهله: أيقظهم للصلاة في الليل، ومعنى شد مئزره: هو الاجتهاد في العبادات واعتزال النساء. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات» .

صور التفريط

وتطرق الشيخ عبد الله السادة إلى عدد من صور التفريط وتقصير بعض الناس اليوم: مشيرا إلى أن منها عدم الاجتهاد في العشر الأواخر، وخاصة في الصلاة المكتوبة والقيام.

وأكد أن صلاة الليل تطفئ الخطيئة، وهي شرف المؤمن، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل "ويقول أبو هريرة رضي الله عنه أيضا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ عشر آياتٍ في ليلةٍ لم يكتب من الغافلين» .

وأشار الخطيب إلى أن من أعظم أسباب البركة والفضل، وأسرار المثوبة والأجر لهذه الليالي العشر: أن فيها ليلة القدر تلك الليلة المباركة الشريفة العظيمة التي أنزل فيها القرآن هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان، والتي هي خير من ألف شهرٍ في العبادة والدعاء والقيام والذكر؛ قال تعالى في فضلها وعظم قدرها: "إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهرٍ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمرٍ، سلام هي حتى مطلع الفجر" .

سلام للمؤمنين

وأوضح أن ليلة القدر سلام للمؤمنين من كل سوءٍ، وحصن لهم من كل شرٍ، من غروب شمسها إلى طلوع فجرها، تلك الليلة -عباد الله- مطلب المؤمنين، ورجاء الصالحين وأمنية المتقين، فيها يتنزل الروح الأمين جبريل عليه السلام والملائكة الكرام يشهدون مواطن الذكر والقيام والدعاء، وتحل البركات، وتكثر الخيرات، وتجاب الدعوات؛ سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم "أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من دعوةٍ يدعو بها العبد أفضل من: اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة» ومن فاتته هذه الليلة الشريفة فهو المحروم حقا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» وقد بشر المصطفى صلى الله عليه وسلم بفضلها وبركتها حين قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» .

ساعة الإجابة

و نوه الشيخ السادة إلى أن في قيام الليل يدرك المسلم ساعة الإجابة التي يتنزل فيها الرب جل وعلا في الثلث الأخير من الليل، فينادي سبحانه وهو الكريم الرحيم: «من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» .

وأكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر بتلك الساعة وقال: «إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلةٍ» وقال عليه الصلاة والسلام: «إن لله عتقاء في كل يومٍ وليلةٍ، لكل عبدٍ منهم دعوة مستجابة» .

وأضاف: من فضائل قيام الليل أن يدرك المسلم تلك العبادة العظيمة التي يختص بها العباد الموفقون وهي الاستغفار بالأسحار، الذين امتدحهم ربهم فقال: "الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" .

الخطبة الثانية

وفي الخطبة الثانية أشار الشيخ السادة إلى ما قاله الإمام النووي رحمه الله: عن ليلة القدر «فقال جماعة: هي متنقلة، في سنةٍ في ليلةٍ وفي سنةٍ أخرى في ليلةٍ أخرى، وهكذا ويقال: كل حديثٍ جاء بأحد أوقاتها، ولا تعارض فيها، ونحو هذا قول مالكٍ وأحمد»

وأخفى الله ليلة القدر رحمة بعباده حتى يجتهدوا في العشر كلها فيحصل لهم الثواب والأجر العظيم، فلو علموا بها لاجتهدوا في ليلتها ثم يكسلون بعد ذلك» انتهى كلامه رحمه الله.

وأضاف: بيّن الإمام ابن حجرٍ -رحمه الله- لليلة القدر علاماتٍ، أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي، منها: أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها، صافية، مثل الطست، وتصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة، وهي ليلة صافية بلجاء، لا حارة ولا باردة، تبدو كواكبها، ولا يخرج شيطانها حتى يضيئ فجرها، والملائكة في تلك الليلة أكثر من عدد الحصى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «وإن الملائكة تلك الليلة أكثر من عدد الحصى» .

قبول الدعاء

لا يرسل فيها شيطان، ولا يحدث فيها داء، ويقبل الله فيها التوبة من كل تائبٍ، تفتح فيها أبواب السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها، وأن الشمس تطلع كل يومٍ بين قرني شيطانٍ إلا في صبيحة ليلة القدر، وأنها تكون في أواخر الشهر والله أعلم.

و أكد الشيخ السادة أنه في هذه الليلة تقدر أقدار العام؛ قال قتادة وغيره -رحمهم الله تعالى- : تقضى فيها الأمور، وتقدر الآجال والأرزاق كما قال تعالى "فيها يفرق كل أمرٍ حكيمٍ" .

وكالات-