ثقافة » نشاطات

هيئة الثقافة ومأزق التغيير

في 2016/05/18

الوزارات أشبه بسلسلة مرتبطة ببعضها، إذا فقدت إحدى حلقات هذه السلسلة أو ضعفت فمن الطبيعي أن تتساقط الحلقات الأخرى، بل وتصدأ وتتهالك.

أرى هيئة الثقافة هي العمود الفقري لهيكل الوزارات، وبالتالي فهذا العمود لا بد أن يكون سليما صحيحا صالحا لوظيفته ومركزه الحساس، لتبقى هيئة الثقافة صالحة لكل زمان ومكان، وتعي أهمية دورها، وتؤمن بأنها النافذة المشرعة للوطن على جهات العالم بأكمله.

من هذا الفهم والوعي، لا بد من البدء برؤية مختلفة قوية وجادة، تشرك فيها كل الوزارات حسب معطيات كل منها وصلاحياتها. على سبيل المثال: إنشاء مشروع مشترك بين وزارة التعليم وهيئة الثقافة، يهدف إلى نشر الوعي، ولنسمه مثلا: المشروع القرائي وفق خطة متقنة، توكل إلى الأسماء الأدبية العاملة في المؤسسات التعليمية. يخضع هذا المشروع لوقت ثابت، ويفعل كبرنامج أساسي، بل مادة أساسية تستهدف كل مراحل التعليم، بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية.

هذا المشروع لو طبق من العام القادم، فسيكون له أثر واضح مع نهاية العام، خصوصا أن الطلاب والغالب من المعلمين، بل وبعض أساتذة الجامعات ينتهجون القراءة الوظيفية المنهجية التي لا تتجاوز المادة المطلوب العمل بها.

مثال ثان: مستشفيات الوطن ممتلئة بالممرات الصامتة، وغرف الانتظار الجافة، والمئات من الأطباء الذين يقضون ليالي مناوباتهم بعد الانتهاء من العمل في البحلقة في الجدران الأربعة ، ومئات المرافقين الذين يقضون لياليهم في الضجر والتفكير، كل هذا يحتاج إلى مشروع حيوي ينعش الكل. وأرى أنه لو تم التعاون بين الوزيرين بوزارتيهما، إذ يقوم وزير الصحة بتخصيص رفوف في الممرات وغرف الانتظار، ووزير الثقافة يعمل على تخصيص الكتب المناسبة من معارض الكتب ومن الأندية الأدبية، بحيث يتولى كل ناد تغذية المستشفيات التابعة لمنطقته، وعلى هذا نقيس مشاريع أخرى مشتركة بين الثقافة وبقية الوزارات.

إن من يتأمل اللوحات التي تعتلي واجهات المحلات التجارية حتما سيفكر في مشروع بين الثقافة والتجارة. ومن يسافر ويسير في الشوارع ويرى اللوحات الإرشادية سيجد مشروعا ثقافيا مشتركا مع وزارة النقل وهكذا.

هيئة الثقافة أراها هي الأولى والأساس في مشروع التحول، ولا يجوز لها أن تكون مجرد استنساخ لما سبقها في رفوف الوزارة. عندما نؤمن بهذا الدور ونعيه تماما فمرحبا بتحول ناجح، وبهيئة أسست بهدف التغيير الوطني اﻹيجابي لمفهوم الثقافة عموما، والتي لم تعد تقتصر على تقليديات كتاب أو قصة أو قصيدة، بل هي سلوك حياتي إنساني شامل.

كفى عسيري- الوطن السعودية-