اقتصاد » بورصة واسهم

التهديد السعودي الخاوي بتحطيم الاقتصاد الأمريكي

في 2016/05/06

ترجمة راصد الخليج- ناشيونال انترست-وليام ويلسون

في السنوات الأخيرة كان هناك الكثير من التكهنات حول ما يمكن أن يحدث للأسواق المالية والاقتصد في الولايات المتحدة إذا ما قررت السلطات الصينية فجأة لبيع ما يقرب من 1.3 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية أو السندات الحكومية التي تمتلكها. في الأسابيع الأخيرة، سرت شائعات بأن السعوديين يفكرون في بيع املاكهم التي تصل إلى 750 مليار دولار من الأصول التي تحتفظ بها المملكة.

ولكن هذه الشائعات،  كتلك التي سبقتها بشأن الصين، فيها الكثير من اللغط لكنها حول لا شيء. غير أنها فرصة ممتازة لشرح ما هو الخطأ في منطق استراتيجية «عمليات البيع» في اي سياسة الخارجية  

ان انهيار أسعار الطاقة شكلت كدمات حقيقية خطيرة للمالية السعودية. مع ارتفاع أسعار النفط لتحوم حول 40 دولار للبرميل الواحد، والسعر اللازم لتحقيق التوازن في ميزانياتها يحتاج ان يكون  بحدود 80 دولارا للبرميل، كانت ميزانية المملكة تقريبا 100 مليار دولار في عام 2015، ومن المتوقع أن تشكو من عجز مالي بقيمة 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام .

ان فائض الحساب الجاري لعام 2014 في المملكة العربية السعودية تراوح من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتحول بسرعة إلى عجز قدره 8.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي. وفي ظل غياب اي إنعاش سريع لأسعار الطاقة، لم يكن امام السلطات السعودية من خيار سوى أن تبدأ تصفية الاحتياطي لتغطية عجز المالية الكبير. سحبت المملكة مؤخرا 10 مليار دولار من مجموعة من البنوك العالمية، وهو أول إصدار الديون الدولية منذ حرب الخليج عام 1991.

 

كصاحبة ثالث أكبر احتياطي للدولار الأمريكي (على الرغم من أن التحديد الدقيق لما تمتلكه لا يتم الكشف عنه رسميا، على عكس معظم الدول الأخرى)، فالمملكة العربية السعودية هي المالك الاكبر لأصول مقومة بالدولار. إذاً، ولأي سبب كان، اذا قرروا "تفريغ" هذه الأصول بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة نسبيا من الزمن، فان السؤال هو: هل يمكن لهذا التفريغ أن يؤثر سلبا على اقتصاد الولايات المتحدة أو الأسواق المالية العالمية؟

وهذا امر من المستبعد جدا، لعدة أسباب هامة:

 أولا: وقبل كل شيء، ان بيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية خلال فترة قصيرة نسبيا من الزمن قد يكون صعبا من الناحية الفنية للتنفيذ (عنوان 750 مليار دولار هوالرقم هو حصة كبيرة من 6.2 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية التي اشتريت من قبل الأجانب، و حتى من 12.6 تريليون دولار من ديون الحكومة الأمريكية التي عرضت للشراء من قبل الجمهور). على افتراض انه في وسعهم ذلك، فإنه قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، الذي من شأنه أن لا يؤدي إلا إلى خسائر رأس المال لاحتياطيات الدولار المتبقية. مع التصنيف الائتماني السيادي بعد أن خفضت مؤخرا، فإن هذا السيناريو بالكاد يكون جذابا للسلطات السعودية.

ثانيا: بالنظر إلى أن جميع المعاملات المقومة بالدولار تمر في نهاية المطاف من خلال نظام المدفوعات للولايات المتحدة، فانه بعد بيع الأصول الدولارية، فان السعوديين وعندئذ عليهم لبيع كل أو معظم موجوداتهم من الدولار الأمريكي بسرعة. ان الانتقال إلى عملات أخرى، مع ذلك، ينطوي على مصدر آخر من المخاطرة المالية. اذ ان الدولار الأمريكي لا يزال يعتبر بسهولة، أكبر ملاذ آمن في العالم بالمقارنة مع البدائل، مثل اليورو، والتي تبدو حاليا غير جذابة جدا.

ثالثا: ان سوق الصرف الأجنبي هو بالتأكيد عميق وسيال بما يكفي للتعامل مع زيادة كبيرة في معاملات الصرف الأجنبي، ولا سيما الدولار الامريكي. ان متوسط أسواق أسعار الصرف الأجنبي العالمية ​​الآن 5 تريليون دولار في التعاملات اليومية، 80 في المائة منها تتم بالدولار الاميركي.

رابعا: ان الرقم 750  مليار دولار الذي قيل فيه مبالغة من عدة جوانب. أولا، ان صندوق الثروة السيادية في المملكة، والمعروفة باسم مؤسسة النقد العربي السعودي، وبلغت قيمته 750 مليار $ في عام 2014، ولكن قد تقلص إلى 685 مليار دولار منذ ذلك الحين بسبب ضرورة تصفية الأصول النقدية للحفاظ على الإنفاق الاجتماعي. وعلاوة على ذلك، فليس كل من هذه المقتنيات هي من الأصول المقومة في الولايات المتحدة. ان مؤسسة النقد العربي السعودي لديها حيازات كبيرة في الأسهم والأصول العالمية خارج الولايات المتحدة، مثل العقارات وتكرير النفط.

وأخيرا، من غير المرجح حصول حالة تقلب كبيرة في السوق، حيث كانت أسعار سندات الخزانة الامريكي تتعثر وترتفع أسعار الفائدة المحلية (أسعار سندات الخزانة وأسعار الفائدة تتحرك في الاتجاه المعاكس)، والاحتياطي الفيدرالي يمكنه بسهولة استيعاب هذه الحركة عن طريق شراء سندات الخزانة من خلال سوق العمليات المفتوحة ، والتي لم تفعل ذلك من خلال ثلاث مراحل من التيسير الكمي. مع ما يقرب من 5 تريليونات دولار من حيازات الخزانة، وهذا يمكن أن يتحقق بسهولة دون الاضرار بالمستثمرين العالميين.

الحد الأدنى؟ ان اغراق سندات الولايات المتحدة ليس في الحقيقة خيارا لأي بلد يشغل مناصب رئيسية. لدرجة أن عدد السندات التي تبيعها الولايات المتحدة يشكل مشكلة، وهي مشكلة ليس لأنها تعطي الآخرين القدرة على التأثير على أمريكا، بل لأنها تمثل انعكاسا لعقود من الخروج عن السيطرة في الإنفاق، والتي ينبغي التصدي لها من أجل الصحة الاقتصادية للبلاد على المدى الطويل.