سياسة وأمن » حروب

تهديدات الحوثي للمملكة.. تصعيد حقيقي أم فرقعات إعلامية؟

في 2016/05/04

الزهراء عامر- شؤون خليجية-

أثارت تهديدات زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي للمملكة العربية السعودية، وتوعده إياها بأن الدور قادم إليها كبقية بلدان المنطقة جراء ارتكابها جرائم، العديد من التساؤلات حول جدية هذه التهديدات، وهل يستطيع الحوثي تنفيذ تهديداته أم أنها فرقعات إعلامية للتغطية على عرقلته ومحاولة إفشاله للمفاوضات اليمنية بالكويت، خاصة مع تعليق المشاورات لتصعيد الحوثيين لخروقات الهدنة، والاستيلاء على معسكر "العمالقة"؟.

وتدخل مشاورات السلام في الكويت يوماً جديداً من التعليق، حيث يصر الوفد الحكومي على تنفيذ مطالبه التي عرضها على المبعوث الدولي للعودة إلى المحادثات، وعلى رأسها إعادة الأوضاع في معسكر العمالقة إلى حالته السابقة قبل اقتحام ميليشيات الحوثي، فضلاً عن بيان ممثلي حزب المخلوع صالح موقفهم من تصريحات المخلوع الأخيرة، التي عبر فيها عن رفضه للمرجعيات الدولية والوطنية للحل السياسي في اليمن.

تهديدات الحوثي للمملكة

أكد زعيم جماعة الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أن النظام السعودي لا مصلحة لديه في الحرب التي يشنها على اليمنيين، معبرًا عن حرص جماعته على الاستقرار والحل السياسي، لكنهم على استعداد لمواصلة الرد على ما أسماه بـ"العدوان".

وقال عبد الملك الحوثي في خطاب بثته فضائية "المسيرة" المملوكة لجماعته، مساء الاثنين، إن هناك عراقيل أمام مشاورات الكويت التي قدم الوفد التابع لجماعته فيها رؤيته للحل السياسي، وأبرزها ما وصفه بتعنت "العدوان"، في إشارة منه إلى العمليات التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية.

وقال: "إن الذين جاءوا بالعدوان على بلدهم، لا يمتلكون الحق في أن يحكموا البلاد بانفراد أو يتحكموا في قرارها السياسي"، لافتًا إلى أن المصلحة الحقيقة للشعوب هي في السلام والوحدة والتعاون والتفاهم، وأن هذا ما يجب على الجميع التحرك من أجله.

وتوعّد السعودية قائلًا: إن "الدور قادم إليها كبقية بلدان المنطقة، جراء ارتكابها جرائم فظيعة بحق النساء والأطفال، وتدمير البنى التحتية وبدون حق، في عدوان لا مبرر له ولا شرعية"، مشددًا على "أنهم لن يألوا جهدًا في الدفاع عن استقلالهم".

ولفت إلى أنه ليس في ذاكرة التاريخ ما يدل على أن الشعب اليمني يمثل خطرًا في المنطقة، "بل إنه يُمثل أخلاق الإسلام ومكارم الأخلاق، إضافة إلى أن ما قدمه لمحيطه هو الخير.. فليس هناك مصلحة حقيقية في أن يستفز هذا الشعب، وأن ترتكب أبشع الجرائم بحقه وبدون أي مبرر".

وتساءل عبد الملك الحوثي عن الذي يسعى لتدمير المنطقة وتقويض كياناتها، من إزهاق للأرواح، وتدمير كل مقومات الحياة.

تناقض المواقف تجاه المملكة

في الوقت الذي خرج زعيم جماعة الحوثي يتوعد المملكة العربية السعودية، ويكيل لها التهديدات، تبنى الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام، الذي عرف طوال الفترة الماضية بمعاداته للسعودية وتصريحاته النارية ضدها، خلال الفترة الماضية، موقفاً مغايراً تمامًا، اعتبره مراقبون عزلًا للسعودية.

مجمل ما يقوله ناطق الحوثيين في تصريحاته الأخيرة، يهدف إلى إرسال رسائل إيجابية للملكة العربية السعودية، إذ قال في حوار أخير لصحيفة الحياة اللندنية: (إن التفاهمات التي تمت أخيراً مع السعودية، وحصلت في مسقط أو دول أخرى، وحصلت أخيراً في الحدود السعودية – اليمنية، كانت لقاءات إيجابية، وأسهمت بفعالية في الدفع بعجلة السلام الجارية في الكويت، ونصفها حتى الآن بأنها تسير جيداً)، مؤكدًا أنه يتفهم مخاوف الجانب السعودي.

هذه التصريحات سبقتها تصريحات أخرى قال فيها: إن تفاهمات وتطمينات المملكة العربية السعودية كانت وراء المشاركة في المفاوضات، لافتًا إلى أن هناك تواصلًا مباشرًا مع المملكة.

من يقف وراء تهديدات الحوثي

هل تقف إيران خلف تهديدات الحوثي لتدفع مرة أخرى إلى التصعيد، بعدما شهدت هدوءاً نسبياً، حيث رعت السعودية اتفاق ظهران الجنوب السعودية في مارس الماضي، بين الحوثيين والمقاومة والجيش الوطني، وشمل الاتفاق ست محافظات، بينها تعز والبيضاء ومأرب والجوف وشبوه، وجميعها لم تشهد هدوءًا حتى الآن.

وقبلها أعلن التحالف العربي عن وساطة قبلية على الحدود (السعودية – اليمنية)، لإدخال مواد الإغاثة إلى اليمن، رافقها الإفراج عن بعض المعتقلين من الجانبين، وبعدها تم تبادل الأسرى بين الطرفين، وآخر تبادل للأسرى تم أثناء مشاورات الكويت، عندما استلم الحوثيون من المملكة أربعين أسيرًا.

وبعيدًا عن الحديث في أي تفاصيل أخرى، أوردتها وسائل الإعلام على لسان مسؤولين سعوديين، بينهم وزير الخارجية عادل الجبير، مفادها أن الحوثيين مكون أساسي وسياسي يمني، وسيكون لهم دور في المستقبل.

ويقول دبلوماسي مطلع: إنه من الواضح أن الحوثيين يسعون إلى إقناع السعودية بأنهم الطرف الوحيد الذي يمكن التحالف معه ومشاركته، وأن الرئيس هادي وحكومته حلفاء غير أقوياء، ويجب التخلص منهم، مؤكدًا أن قياديًا حوثيًا أبلغ مسؤولين خليجيين، أنه لا مانع لديهم من أن تحتضن الرياض مراسيم توقيع الاتفاق النهائي من التسوية السياسية اليمنية، وهذا هو مضمون الرسائل التي يحاولون إرسالها للرياض، ويدفعون لتحققها.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي سليمان العقيلي: إن الاستيلاء على لواء العمالقة يعني انهيار المشاورات وإعلان استئناف الحرب، مضيفًا أن الحوثيين بما فعلوه سيطروا على كميات كبيرة من الآليات والأسلحة، التي ينبغي ملاحقتها وضربها.

وأوضح أن التحالف يقوم بدورين، هما التغطية السياسية والدعم العسكري للشرعية المعترف بها من دول العالم. أما ما يقال من اتصالات سعودية مع الحوثيين، فقال إنها لا تنال من دعم التحالف الملتزم بالوقوف مع الشرعية، ولا تعني الاعتراف بالانقلابيين كسلطة أمر واقع.

اليمن.. الحوار عبر إيران

قال الكاتب والصحفي اللبناني "عبدالوهاب بدرخان" في مقاله بصحيفة الحياة اللندنية في 28 أبريل 2016، بعنوان "الحلول السلمية تحت رحمة سلاح التعطيل الإيراني": إن الأزمات في عدد من الدول العربية تراوح بين إبطاء الحلول واستحالتها، في انتظار متغيّرات إقليمية لا تنفكّ تتأخر أو تتعقّد. الفارق الوحيد بين هذه الأزمات أن بعضاً منها يزهق يومياً أرواحاً بشرية، لكنها جميعاً تدمّر الاقتصاد وتراكم صعوبات مستقبلية. أما الرابط بينها، عدا ليبيا، فهو الدور الإيراني. وإذ لم تُرفع العقوبات بالسرعة التي توخّتها طهران، فإنها اندفعت إلى التصعيد في سوريا، وأوصت بالمماطلة في اليمن، وواصلت التأزيم في العراق، فيما تمدّد لتعطيل الدولة في لبنان، وتديم حالاً من الجمود في البحرين، مبقيةً خياراتها للتوتير والتدخّل قائمةً هنا وهناك في المحيط العربي.

وتابع: والسؤال هنا: مَن يملك قرار وقف القتال، الحوثيون أم الإيرانيون؟.. كان الحوار مع السعودية والموافقة على إجراء «المشاورات» في الكويت، إشارتين إيرانيتين إلى الرياض وعواصم الخليج، بأن الحل ممكنٌ، لكنه يمرّ بـ «حوار» مع طهران. وطالما أن الموقف (السعودي - الخليجي) من هذا الحوار لم يتغيّر، فإن التوصية الإيرانية للانقلابيين هي التفاوض للتفاوض وإضاعة الوقت، طالما أنهم يسيطرون على مدن الشمال ويحاصرون كُبراها تعز.

التهدئة على الحدود بين السعودية والحوثي

قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع: إن المواجهات المسلحة بين الحكومة اليمنية وميليشيا الانقلاب المتمثلة بعناصر الحوثي وقوات علي صالح، ستعود على أشدها في حال فشلت المفاوضات القائمة في الكويت.

وأشار في تصريحات له، إلى أن المفاوضات بين الأطراف اليمنية في الكويت تجري كما كان متوقع لها بالفشل، مضيفًا أنها حتى الآن لم تبدأ بعد وما زالت في نفس المربع الأول، ولا يتوقع لها التقدم.

ولفت المودع إلى أنه لولا جهود الكويت والدول الغربية، لكانت المفاوضات قد انهارت تمامًا بوقت مبكر، كون الطرفان على مواقفهما المعروفة والمتناقضة، ولا يتوقع أن يحدث أمر جديد.

وقال إنه في حال فشلت المفاوضات وعادت المواجهات العسكرية على الأرض، فإن كل طرف سيحمل الآخر المسؤولية، مشيرًا إلى أن كل طرف في الصراع ما زال يراهن على تحقيق نصر عبر الحرب.

قال المودع: إن الخيارات محدودة أمام الأمم المتحدة والسعودية، ولا دور لهما سوى التهديد فقط.

ويرى المودع أنه في حال فشلت المفاوضات وعادت الأطراف للمواجهة على الأرض، فإنه من مصلحة جماعه الحوثي والسعودية استمرار التهدئة على الحدود، مردفًا: كل شيء وارد.

تهديدات جدية

وحول جدية تلك التهديدات وكيفية تطبيق الحوثيين لها على جبهات القتال، خاصة قرب حدود المملكة، قال المحلل السياسي الدكتور حسين اليافعي: إن "على دول التحالف العربي بقيادة المملكة أن تأخذ تلك التهديدات على محمل الجد، فهذه الجماعة لن تتردد في استخدام أي سلاح من شأنه إلحاق الضرر بدول التحالف، وعلى رأسها السعودية".

وأضاف "اليافعي"، أن الحوثيين قد يقومون بـ "استهداف المدنيين بشكل مباشر، وأعتقد أن لدى الحوثيين خيارات أخرى، تتمثل في اختراق جبهة الحكومة الشرعية في المناطق المحررة، عبر حلفائها من بعض قيادات الحراك الجنوبي، التي تلقت دعمًا من إيران".

وأكد أن بإمكان ميليشيا الحوثي الحصول على صواريخ متطورة من حلفائها، مضيفًا أن: "المقاومة بمأرب قد صادرت بالفعل شحنات أسلحة تم تهريبها عن طريق سلطنة عمان"