ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

محمد بن سلمان القذافي

في 2016/04/29

منير الخطيب- السفير اللبنانية-

تكرّم ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن أطلّ على رعاياه عبر شاشة محطة إخبارية يمتلكها ليفسّر لهم رؤيته لدولتهم. الشاب الثلاثيني خرق عهداً من السرية عمره نحو مئة عام، أي من عمر تأسيس المملكة. إذ لم يحدث يوماً أن فسّر ملك أو أمير سعودي سياسة الحكم التي تصدر بمرسوم ملكي يبدأ، بعد الحمدلة والبسملة، بـ»أمرنا» بكذا وكذا.
خلال فترة قصيرة اكتسب بن سلمان وهو وزير الدفاع السعودي أيضاً لقب أخطر رجل في العالم. وقدراته لا تقتصر على المجال العسكري، بل يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية الذي تتضمّن ممتلكاته شركة «أرامكو» النفطية، الأكبر في العالم. ومنها تتفرع شركات تحويلية كـ «سابك»، الأكبر في العالم ايضاً. والأمير الشاب المهجوس بـ «الأكبر في العالم» هو المفضل بين اخوته عند الملك، متفوقاً على أخيه غير الشقيق سلطان، رئيس الهيئة العليا للسياحة والتراث، الذي سبق إنجازات محمد بأن كان أول رائد فضاء عربي وإسلامي سافر الى خارج الكوكب على متن المكوك الأميركي «ديسكوفوري» العام 1985.
الامير الذي ترعرع في جو تنافسي، الفضاء السحيق حدوده، لم يضيّع ثانية واحدة في تحديث المملكة. وأدار مكتب ادارة المشاريع الذي راجع على مدى 15 شهراً أداء الوزارات والإدارات وخرج بعدها بـ «رؤية السعودية 2030». خطة الأمير باختصار: تأسيس صندوق سيادي بقيمة الفي مليار دولار ليكون الأكبر في العالم (القيمة السوقية لشركتي «ابل» و «غوغل» تزيد على الف ومئة مليار دولار أميركي). وسيرفد الصندوق الذي سيقود الاقتصاد العالمي، بأموال متأتية من تسييل أربعة في المئة من «ارامكو» بالإضافة الى عقارات مملوكة للدولة، اي آل سعود. خطة جريئة للاستهلاك الداخلي. صحيفة «الشرق الاوسط» المملوكة من والد الأمير أفردت لها 12 صفحة. وعزز محمد بن سلمان الشرح بإطلالته التلفزيونية العربية معلناً بداية علاج المملكة من مرض الإدمان النفطي. الامير سيحول المرض الى إدمان الأسهم. هو يعرف جيداً هوس السعوديين بالأسهم، كيف اذا رمى اليهم «ارامكو».
بالارقام كل شيء ممكن. العبرة في التنفيذ. وهنا أعطى محمد بن سلمان نفسه مهلة 15 عاماً لتنفيذ الرؤية. اما يموت جحا او الملك او الحمار، بحسب المثل الشعبي. وهذا وقت كافٍ لحرف أنظار السعوديين عن أزمة الحكم، ولإعادة تقسيم الثروة وتوزيع الحصص في اطار تسوية البلاط المرجوة بين أحفاد عبد العزيز. خطة سياسية جريئة، ولا أحد يشكك في جرأة وزير الدفاع الذي يدير عدداً من الحروب مباشرة او بالوكالة. ومع ذلك يبقى في رؤيته ما يدعو للاستغراب. مثلاً تريد الخطة رفع معدل أعمار السعوديين من 73 عاماً الى 80 عاماً، علماً ان الأعمار بيد الله في بلاد الحرمين. وفيها أيضاً رفع نسبة ممارسة الرياضة مرة على الأقل أسبوعياً من 13 في المئة الى 40 في المئة٬ بالإضافة الى أهداف تنموية وثقافية متنوعة.
خطط الأمير الأعظم في العالم تذكّر بخطط الراحل معمر القذافي وكتابه الأخضر ونهره «العظيم». وعبقرية العقيد الذي كتب يقول الرجل ذكر والمرأة أنثى. خطط حاكم مطلق يقرر تفاصيل حياة رعاياه من المهد إلى اللحد. مصير القذافي صار من الماضي. لننظر إلى التاريخ.. يُعيد نفسه.