ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

رؤية المملكة...

في 2016/04/28

د. حسن عبدالله عباس - الراي الكويتية-

من دون شك، فان المقابلة التلفزيونية للامير محمد بن سلمان كانت الحدث الاهم والابرز في المنطقة، فاستحقت بذلك ان تأخذ انتباه الصحافة العالمية قبل المحلية والاقليمية. فلماذا كل هذا الاهتمام؟

الاهتمام الذي جلبته المقابلة التلفزيونية اظنها منطقية لأسباب عدة: الاول، انها مقابلة حول رؤية اقتصادية لأهم دولة دينية ونفطية واقتصادية في المنطقة. فكما نعلم، فان المملكة من الدول المحورية عالميا لما تتميز به من مواصفات دينية للسنة والشيعة، لاحتضانها الحرم المكي الشريف وقبر النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم واربعة من ائمة اهل البيت، سلام الله عليهم اجمعين. كما ان اهمية المملكة تكمن في انها تحتل المركز الاول من حيث الاحتياطيات النفطية، والثالثة عالميا من حيث حجم الاصول الاجنبية المملوكة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، وهو الصندوق السيادي للدولة (بعد النرويج والامارات). وفضلا عن كل ذلك، تلعب المملكة سياسيا دورا بارزا في مجمل قضايا المنطقة.

اما الامر الثاني، الرؤية المستقبلية لدولة بحجم المملكة جاءت من قِبل ممثل عن جيل الشباب وثالث اهم شخصية على سلم التراتب الاداري في المملكة، وهو الامير محمد بن سلمان (30 عاماً). فاللافت ان منصباً قيادياً بهذا الحجم ولدولة كالمملكة، يُسند لشاب في اوائل عقده الثالث، هو بلا شك امر يُحسب للمملكة. فهي تُعتبر من الامور غير المعهودة بالمنطقة (باستثناء بعض الاحداث النادرة كتنازل الامير القطري السابق لنجله الشاب).

الامر الثالث المميز بالرؤية، انها وضعت خطة ومساراً واقعياً وحقيقياً للابتعاد عن النفط كمصدر رئيسي للدخل وللحاق بركب الامارات وقطر بهذا الشأن. فأكثر ما ميّز المقابلة ان الامير وعد بأن العام 2020 سيكون الاحتفال بتصدير اخر برميل نفط، وهي مدة قصيرة نسبياً بلا شك مقارنة بحجم العمل الاستثماري المطلوب لتغطية التكاليف المطلوبة.

ما يؤخذ على الرؤية انها ابرزت من جديد الشأن العسكري ولم تحاول ان تُضفي عليه قليلا من الهدوء والترشيد. ما اقصده انني كنت اتوقع ان يقول الامير بما ان الميزانية العامة استُنفِدت واستُهلِكت في شدة، فالمملكة بصدد تقليص النفقات العسكرية لانها تستهلك بحدود 25 في المئة من اجمالي الميزانية. لكنه بدلا من ذلك نجده يرى أن الطموح هو الاستثمار في الصناعات العسكرية، وهي حتماً تحمل ضمناً نية الابقاء او التوسع في مستوى التسليح الحالي. الشيء الآخر، ان الرؤية خلت من الاصلاحات الداخلية، ونقصد بها المزيد من الحريات السياسية كالانتخابات المباشرة للبرلمان وتقليص حجم المركزية السياسية والحريات وحقوق المرأة.

بغض النظر عما ان كانت الرؤية حقيقة وسترى النور وتحقق اهدافها ام لا، لكنها بالتأكيد مؤشر الى ان التغيير اصبح واقعاً وبدأ يدب في جسد المنطقة، وهي رسالة واضحة للكويت، فهل ستبقى تكابر وترضخ لرحمة التجار والسياسيين الفاسدين؟