علاقات » ايراني

هل ستنجح الكويت في إقناع دول الخليج بالمصالحة مع إيران؟

في 2016/03/21

شؤون خليجية-

بعد أن بلغت الأزمة ين السعودية وإيران ذروتها، وتأثرت بها بعض دول المنطقة، ترددت أنباء عن طلب إيران من الكويت التوسط عند بقية دول الخليج لفتح صفحة جديدة في العلاقات معها، فهل تنجح الوساطة الكويتية في حلحلة الأزمة وقبول المصالحة مع إيران، في ظل التطورات السلبية التي شهدتها العلاقات (الخليجية - الإيرانية)؟، وما هو الهدف الإيراني من المصالحة في هذا التوقيت؟، وهل هي حركة ترضية لإيران أم وساطة حقيقية وجادة؟

وذكرت مصادر دبلوماسية لصحفية الرأي الكويتية، أن الكويت بدأت وساطة لتخفيف التوتر في المنطقة بين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة وإيران من جهة أخرى، موضحة أن الرسائل التي حملها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، إلى قادة خمس دول خليجية، وتستكمل اليوم بتسليم مسؤول كويتي رسالة مماثلة الى قادة الامارات، تتعلق بنقل القيادة الكويتية رغبة القيادة الايرانية في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع دول الخليج، على مبدأ "حل المسائل العالقة بالحوار الهادئ".

وأوضحت المصادر الخليجية أن الكويت كانت استقبلت قبل أيام، وزير الاستخبارات الإيراني الدكتور سيد محمود علوي، الذي التقى القيادة السياسية وسلمها رسالة خطية من الرئيس الإيراني حسن روحاني، تتعلق بالعلاقات الثنائية مع الكويت بشكل خاص، وبالعلاقات مع دول الخليج بشكل عام، ومتضمنة رغبة قوية في أن تحل الخلافات في المنطقة «من قبل أهل المنطقة»، ومن دون تدخلات خارجية.

 

دوافع طلب إيران المصالحة

وأجمع مراقبون أن إيران طلب المصالحة لمجرد كسب وقت لاستجماع الأنفاس والعودة من جديد، بعد تكبدها خسائر كارثية  في العتاد والأموال والرجال، نتيجة استمرارها في الحروب، فضلًا عن أن الانسحاب الروسي من سوريا وضع ثقلاً مضاعفاً على عاتقهم.

وقال الأكاديمي والنائب السابق وليد الطبطبائي: "إيران تريد فتح صفحة جديدة مع دول الخليج.. لا تصدقوهم لأنهم يريدون التقاط الأنفاس ثم يعودون لسابق نشاطهم الإجرامي."

وكشف الناشط الأحوازي محمد مجيد الأحوازي، أن أحد طلبات إيران التي نقلت إلى دول الخليج عبر دولة الكويت الشقيقة، هو وقف الإعلام الرسمي العربي من التطرق إلى القضية العربية الأحوازية.

وأضاف: بهذا الطلب إيران كشفت عن مكامن ضعفها، كما وأن الأحواز أصبحت من أهم عناصر القوة لدى العرب في مواجهة التوسع الإيراني بالمنطقة.

 

شروط قبول المصالحة

فيما لم ترشح معلومات عن المواقف الخليجية النهائية، من العرض الإيراني، ورغبة الدوحة في استضافة الحوار المرتقب، تشكل زيارة أمير قطر إلى أبو ظبي، ولقاؤه مع ولي عهدها، محطة لبناء موقف خليجي موحد، من الدعوة الإيرانية، يقوم على المبادرة القطرية التي دعت إلى الحوار "على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج"، وهو المطلب الذي تطالب به جميع دول الخليج.

وأكد مراقبون أن الحراك الدبلوماسي الذي شهدته العواصم الخليجية، الأسبوع الماضي، كان عنوانه الرئيسي "الحوار مع إيران"، موضحين أن الكويت لهما قيمة وقدر عند زعماء الخليج، وربما تكون وساطة الأمير الكويتي لها تأثير، ولكن إن لم يلتزم الجانب الإيراني بالشروط الخليجية، فلن يقبلها زعماء المجلس، خصوصاً أن من يقود المسيرة ضد التمادي الإيراني هو الملك سلمان، الذي أثبت حزمه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ولن يقبل بأقل مما يطمح.

وجددت قطر طرح المبادرة، التي أعلن عنها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في سبتمبر، وعرض فيها استضافة بلاده حواراً بين دول الخليج العربية وإيران لإنهاء الخلافات السياسية، وسعت الدوحة، منذ سبتمبر، إلى تكثيف اتصالاتها، مع دول الخليج العربية، بعد الترحيب الإيراني بالدعوة لإجراء حوار (خليجي - إيراني)، إلا أن الجهود القطرية اصطدمت بالتطورات السلبية التي شهدتها العلاقات (الخليجية – الإيرانية).

فيما استبعدت مصادر دبلوماسية في الرياض تحدثت لـ"عكاظ" أمس، احتمال أي تجاوب رسمي سعودي مع مساع يتردد أن الكويت تبذلها بطلب من إيران، لترطيب العلاقات مع السعودية وفتح صفحة جديدة مع دول الخليج. واعتبرت أن مطالب الرياض لإصلاح العلاقات مع طهران ليست ثنائية، وأن السعودية تمثل مصالح المنطقتين الخليجية والعربية في تلك المطالب.

 

لماذا اختارت إيران - الكويت لتقود المصالحة؟

وتساءل الكاتب الصحفي الكويتي والنائب السابق مبارك فهد الدويلة: نحن لا نريد أن ننتقد الكويت على قبول الوساطة إلا بعد أن نعرف طبيعة هذه الوساطة ومدى الحماس لها، وهل هي حركة ترضية لإيران، أم وساطة حقيقية وجادة؟ لكن اللوم يقع على الجارة إيران، التي تجرأت وطلبت من الكويت أن تقوم بهذا الدور! وتذكرت المثل الشعبي "وجهه مغسول بمرقه"، وتقال لمن لا يرده حياءٌ ولا خجل!

وقال في مقال له بعنوان "إيران إن لم تستح": إيران بكل تبجح وصفاقة تريدنا أن ننسى أفعالها معنا وتاريخها الإجرامي طوال عقود مضت. والكويت أكثر دول الخليج تضرراً من إيران بعد البحرين، وخلاياها التجسسية التي نكتشفها كل يوم ما زالت معروضة قضاياها في المحاكم، وتفجيرات عملائها في المقاهي الشعبية والمنشآت النفطية ما زالت في الأذهان، وها هي خلية العبدلي تختتم إيران بها علاقتها معنا.. كل هذا التاريخ المشين والذكريات غير العطرة مع الجارة إيران، ثم تأتينا اليوم لتطلب منا التوسط لفتح صفحة جديدة!

وتابع أنا أفهم أن السياسة والمصلحة العليا للكويت توجبان علينا أن نحافظ على علاقة هادئة مع الجار الكبير والشر المستطير، وأن نتجنب استفزازه وجرح كبريائه، لكن أن تصل به الصفاقة والجرأة إلى أن يطلب من أكثر جيرانه تضرراً منه، أن يلعب دور الوسيط، فهذا أمر لا يُحتمَل!

من جانبه خاطب الخبير العسكري ناصر الدويلة– النائب الكويتي السابق، المشككين في موقف الكويت- عقب التصريح على لسان مصادر خليجية، بأن الكويت تتوسط بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، قائلًا: "موقف الكويت ثابت وصلب في مواجهة أي نفوذ إيراني، لكن سياستنا لها نمط هادئ وسترون".

وأوضح في تغريدات له على حسابه بتويتر، أن الكويت وعمان تمتلكان سياسة متوازنة مع كل الأطراف، وهي ثقافة قديمة في سياستهما الخارجية، لافتًا إلى أن دول الخليج تستفيد كثيرًا من هذا التنوع في علاقاتها.

ولفت "الدويلة" إلى أن الرسائل التي حملها الموفدون الكويتيون لدول الخليج، تتعلق بعرض إيراني مغر للخروج من الأزمة، التي مزقت الروابط بين مراكز القوى في إيران نفسها!، مشيرًا إلى أن إيران على شفير احتراب داخلي بين مؤسسات الحرس الجمهوري ومؤسسات الدولة، بما فيها الحكومة والرئيس، وقد ينفجر الموقف بأي لحظه عبر الاغتيالات.

وأضاف: "لأول مرة يشعر أهل الخليج أنهم يملكون قراراتهم المصيرية، فأوباما فتح النار على السعودية، والصحف الغربية مستمرة في المطالبة بمنع تسليح السعودية"، مؤكدًا أن العلاقة بين الدول ليست كالعلاقة بين الناس، فقد تنشب الحرب بين دولتين ولا تنقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وقد يتزاور ويتباحث المتحاربون.

وانتقد النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي أسامة الشاهين، اختيار الكويت للوساطة والمصالحة بين دول الخليج وإيران، قائلًا: يقوم بالوساطة من يقف على الحياد! ونحن لسنا كذلك في الصراع العربي/ الإيراني، أرجو أن يكون ما أوردته "الراي" غير صحيح.

وتابع: عشرات الدول تستطيع لعب دور وساطة لإيران، لكن الكويت- بعد خلية التجسس والتخريب 2009، وخلية الأسلحة 2015، وعاصفة الحزم- لا يفترض أن تكون ضمنها!