خاص الموقع

الاولويات والفئران

في 2016/03/16

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج

لا يشك أحد في العالم العربي والاسلامي في حجم المساعدات التي تقدمها «مملكة الخير السعودية» للاخوة العرب والمسلمين، بمعزل عن النقاش الدائر حول اهداف هذه المساعدات ووجهة استخداماتها، اذ قد يجادل البعض ان معظم هذه المساعدات لم تنعش اقتصادا ولم تنقذ من أزمة ولم تمنع انهيارا ولم تحل دون الوقوع في الفوضى والحروب في كل البلدان التي وصلت تلك الهبات والمساعدات.

قد يكون جزء من هذه المجادلات صحيحا ولكن ذلك لا يدفع ولا يغير في واقع الحقيقة من شيء، الحقيقة التي تقول ان المملكة تدفع وتصرف وتتبرع وتنفق وتتكرم وتلبي حاجات وتخفف من اعباء وألآم...الخ.

مئات المليارات دفعت للفلسطينيين، وبينما كنت اكتب هذه المقالة قرأت خبر تبرع المملكة بواحد وثلاثين مليون دولار لمنظمة الاونوروا، وقبلها بايام تبرعات بمليارات الدولارات للسودان دو ان ننسى المليارات التي وصلت للشقيقة مصر ان على شكل هبات اة على شكل ايداعات. ولو اردنا تدوين لائحة بهذه المدفوعات لعجزت الألآت الحسبة عن عدد الاصفار التي تحتويها على يمين الرقم الاصلي.

دون ان ننسى حجم التبرعات التي تقدمها المملكة للجمعيات الخاصة وليس للدول فقط. وكذلك دون ان نحتسب ما يخرج  عن طريق مساعدات شخصية من امراء ورجال اعمال ومحسنين وجمعيات اجتماعية. القائمة تطول وتطول معها ارقام المساعدات.

لكن الصرف من خزينة المملكة لا تقتصر فقط على المساعدات، فان صفقات التسلح مثلا بلغت مليارات الدولار، اضافة الى تمويل بعض الحروب كالحرب في سوريا واليمن وغيرهما.

لا اقصد مما اذكره ان نمن على أحد ولا هو مجرد «جردة حساب»، بل هو مراجعة وتذكير بما تدفعه المملكة ثم بعد ذلك يطالعنا في الصحف الخبر التالي : «انهيار أجزاء منه.. والمدير يبرر بقدم المبنى وتهالكه الفئران تهاجم المرضى في مستشفى القنفذة» ثم يأتي تبرير الخبر من مدير المستشفى محمد الزبيدي بأن «انتشار الفئران والحشرات في غرف المرضى والعيادات المختلفة، وانهيار أجزاء منه، ( هو بسبب) تهالك مبناه وقدمه». مشيرا إلى أن المستشفى في إحلال كامل، بعد أن تجاوز عمره 35 عاما، وتأثرت بنيته الأساسية سلبا وأصبحت جاذبة للقوارض.

فالمستشفى الذي بني بالاصل للعلاج والتداوي والاستشفاء بات، بحسب تعبير الزبيدي نفسه « الداخل لمستشفى القنفذة العام مفقود والخارج مولود، بعد تدني مستوى النظافة فيه، وانتشار الفئران في أرجائه».

يتساءل الكثيرون عن أسباب تعثر تنفيذ مشروعي مستشفی القنفذة الجديد بسعة 500 سرير ومستشفی الولادة والأطفال بسعة 200 سرير والمعتمدان منذ أربع سنوات، دون ان يحصل المتسائلون على أي اجابات عن أسئلتهم.

لطالما كانت احدى تبرعات المملكة هو تجهيز مستشفيات، فيما الكثير من مستشفياتها تتهاوى. وليس يوم احتراق مستشفى جازان ببعيد وقد اخذ معه عشرات الضحايا.

وكانت دراسة مسحية أجرتها إدارات الطوارئ والأزمات بمديريات الشؤون الصحية في المناطق والمحافظات السعودية، ونشرت في شهر كانون الثاني يناير الماضي، قد أظهرت أن 65 بالمئة من المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة تعاني من ترهل في البنية التحتية لوسائل السلامة والطوارئ.

 

ونقلت صحيفة "مكة" السعودية عن مصادر طبية إن هذه النسبة من المستشفيات تعاني فعلا من تردي أوضاع وسائل السلامة والحماية الكافية، مما يعني احتمالية تكرار حادثة مستشفى جازان في حال لم تسع الوزارة لدعم وتطوير البنية التحتية لتلك المستشفيات.

لا اريد أن اقول هنا : فلنوقف المساعدات للاخوة العرب، بل أريد أن اقول أنه من غير المعقول ان تعطي البعيد ما تحرم منه القريب، ان تصدر الرفاهية فيما مواطن المملكة يعيش الحرمان في حقوقه الاساسية. يبدو أن مشكلتنا الكبرى هي في تحديد وتشخيص الاولويات وهي مشكلة مزمنة منذ زمن طويل.