مجتمع » ظواهر اجتماعية

التبذير والتدبير وجهان لقضية خطيرة !

في 2016/03/08

عائشة سلطان- البيان الاماراتية-

حظي موضوع مقال الأمس حول الهدر وتبذير الأغذية الذي يمارسه معظمنا باهتمام الكثيرين، لقد كان الموضوع مجال حديث مع أكثر من شخص، وهذا بالنسبة لي أمر مهم، فحين تشكل قضية ما اهتماماً لدى الآباء والأمهات وربات البيوت، وبعض المسؤولين الذين يشكلون قطاعاً واسعاً من المجتمع ويتعاملون مع الأجيال الشابة والصغار باستمرار.

وبالتالي هم الأكثر قدرة على التأثير في حالة اقتناعهم، ومن هنا فإن موضوع التدبير والتبذير - بحسب الموضوع القيم الذّي تصدت له مجلة الناشيونال جيوغرافيك «العربية» في عددها الأخير - من القضايا التي أسعدني حماس الناس لها، لأنَّ أقصى أهداف النشطاء والكتاب أن يتسع الوعي بهكذا قضايا اجتماعية خطيرة، ليصل لمسؤولي التعليم والمدارس وأولياء الأمور، فيترتب عليها قرارات في صالح الجميع !.

إنّ حماس هؤلاء الأفراد سيقود حتماً - أو يجب أن يقود - لاتخاذ قرارات تعمل على تطوير وتحويل وعي الأجيال الصغيرة الذين لا يهتمون بالموارد وبالنعم التي بين أيديهم، ويسهمون بشكل أو بآخر في هدر الطعام بإلقائهم لوجباتهم في القمامة واستبدالها بالوجبات السريعة والضارة.

إضافة لتوجيه اهتماماتهم لمشاريع وأعمال تطوعية باتجاه التدبير بدل التبذير، لذا نحن بحاجة لقرارات حكيمة مثل المواد التلفزيونية الهادفة والموائد الجماعية في المدرسة وتقنين الأطعمة والحديث مع الطلاب عن هذا الموضوع بشكل حميم وإنساني حتى يمكن تحويله إلى ثقافة وقناعة دائمة لدى معظمهم !.

إنَّ«التبذير يهدر ثلث أغذية العالم، بينما التدبير يطعم زهاء ثلث سكان العالم» كما عنونت المجلة موضوعها المهم، مرفقة ذلك بأرقام ووقائع مذهلة، هذا التبذير نحن مسؤولون عنه؟، لأننا جميعاً حين ندخل إلى السوق أو إلى الجمعية التعاونية تشرق وجوهنا بابتسامة رضا وتمتد أيدينا لتلامس تلك الخضروات الصقيلة اللامعة المتناسقة دون حتى أن ننظر إلى السعر المدون أسفلها.

فهذا بالضبط ما نريده، بينما إذا لم تكن الفاكهة والخضروات مطابقة لمعايير الكمال فإننا سنبدي أكبر قدر من الاستياء والتبرم، وربما فكرنا في رفع شكوى أو هجر الجمعية إلى مكان أكثر رقيّاً يبيع فواكه وخضروات بمواصفات راقية الشكل !!

من أين جاءت اشتراطاتنا هذه؟، إنها تربية السوق الذي عادة ما يولّد مفاهيمه ويفرض شروطه ومعاييره التي تتحول لدى المستهلك إلى ذائقة أولاً ثم تصير عادة ملازمة، يساعد على ذلك القوة الشرائية للناس وسيطرة الثقافة الاستهلاكية مع قلة الوعي بخطورة هذه المعايير التي بقدر ما تهدر من الموارد و«النعم» بقدر ما تفرز في المقابل كوارث كثيرة لا نشعر بها إلا بعد فوات الأوان... «النعم زائلة بالتبذير..دائمة بالشكر والمحافظة والتدبير».