ملفات » انفجار مسجد الرضا بالسعودية

بالتطبيقات والبلاغات.. السعوديون يشاركون بالكشف عن "المشبوهين"

في 2016/02/17

قتادة الطائي - الخليج أونلاين-

أدخلت الأحداث الأمنية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، المجتمع السعودي وسلطاته في حالة من القلق والترقب لمستقبل نشاط الجماعات المتشددة والإرهابية على أرض المملكة، وما يمكن أن تقود إليه من عواقب في الفترة القادمة، ما استدعى ضرورة تفعيل مشاركة المواطنين في التصدي لأي مخاطر طارئة.

يبرر قلق السعوديين عدة هجمات إرهابية، تستهدف غالباً مساجد للطائفة الشيعية في البلاد، وخصوصاً في شرقي السعودية، كان أبرزها التفجيران اللذان وقعا في آخر جمعتين من شهر مايو/ أيار الماضي، استهدفا مسجداً للشيعة ببلدة القديح بمحافظة القطيف، شرقي المملكة، وأسفر عن مقتل 21 وإصابة 101 آخرين، تلاه مقتل 4 أشخاص في تفجير استهدف مصلين بأحد مساجد مدينة الدمام.

تنظيم "الدولة" تبنى العمليتين في المملكة، في وقت يستقطب التنظيم المئات من المقاتلين المتطوعين من شتى أنحاء العالم، بحكم آلته الإعلامية التي يبرر بها أفعاله بأسلوب احترافي ينسب إليه اقتناع شباب العالم بجدوى الانضمام في صفوفه، ووجود عناصر لها ارتباطات بالنظام الإيراني في البلاد.

كما شهدت محافظة القطيف، مطلع العام الحالي، عدة حوادث أمنية قامت بها مجموعة وُصفت بـ "مثيري الشغب المسلحين"، منها اختطاف مواطنين، وإطلاق النار على دورية للشرطة، إضافة إلى أعمال تخريب، وإحراق لبعض الممتلكات العامة، في أعقاب إعدام المواطن الشيعي نمر باقر النمر، وتتهم إيران بدفع هؤلاء لمثل هذه النشاطات.

وتستمر الداخلية السعودية وأجهزتها، في ملاحقاتها عناصر التنظيم والمتطرفين في المملكة، وتعلن تباعاً توقيفها مشتبهين مرتبطين بجماعات إرهابية.

ولتشجيع الإسهام من المواطنين على منع وإيقاف الأعمال الإرهابية، تتخذ الجهات الرسمية عدة طرق لتفعيل ذلك، حيث أطلقت أمانة منطقة القصيم في 16 فبراير/ شباط 2016، تطبيقاً جديداً على أجهزة الهواتف الذكية بعنوان "صوّر وأرسل"، لرصد البلاغات من المواطنين.

وأوضح وكيل أمين المنطقة للخدمات، عبد العزيز المهوس، أن التطبيق يهدف إلى استقبال البلاغات من عموم المواطنين بأسلوب حديث وميسر عبر استخدام التقنية المتوفرة بأجهزة الهواتف المحمولة، مشيراً إلى أنه تم تخصيص فريق عمل متكامل في مركز العمليات والطوارئ بالأمانة لمتابعة البلاغات الواردة لحظياً والتفاعل معها، وفق إجراءات محددة تكفل تحديد الأولوية وجدولة البلاغات.

التطبيق سيعد أحد قنوات الأمانة المتعددة لتلقي البلاغات، ويتيح إمكانية التقاط صورة مباشرة لموضع البلاغ، ويقوم برصد الموقع الجغرافي بشكل تلقائي، ويتم نقل تلك المعلومات بشكل مباشر إلى مركز العمليات والطوارئ بأمانة القصيم، مشيراً إلى أن التطبيق متاح للتحميل في متاجر التطبيقات الرسمية.

وكانت الداخلية السعودية قد دعت في وقت سابق العام الماضي، المواطنين وكل من تتوفر لديه معلومات عن أي من "الإرهابيين"، للمسارعة إلى الإبلاغ عنه، مشيرة إلى منح مكافأة مالية مقدارها مليون ريال (270 ألف دولار) لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أحد المطلوبين، وتزداد هذه المكافأة إلى خمسة ملايين في حال القبض على أكثر من مطلوب، وإلى سبعة ملايين في حال إحباط عملية إرهابية.

- تفاعل لافت من المجتمع

حسب وسائل إعلام سعودية، فإن الداخلية السعودية تلقت نحو 60734 بلاغاً أمنياً، منها 923 بلاغاً إيجابياً، على هاتفها 990 الذي خصصته للبلاغات الأمنية المتعلقة بالإرهاب والأعمال التي تضر بأمن الدولة والمسائل الأمنية الخطيرة، خلال شهر سابق من العام الماضي، وهو ما أكدته الوزارة في حسابها على موقع التواصل "تويتر".

ونقلت الوسائل عن مصدر مطلع أن من بين البلاغات أشخاصاً اشتبه في تصرفاتهم وسلوكياتهم؛ ما دعا مواطنين إلى الإبلاغ عنهم، إضافة إلى بلاغات من بعض الأسر تفيد بتغير في سلوك أبنائهم وأفكارهم، وتخوفهم من سفر أبنائهم للانضمام إلى الجماعات المتشددة والقتال ضمن صفوفها.

المصدر أشار إلى أن الهدف من بلاغات الأسر عن أبنائها هو تشديد الرقابة عليهم من الأسرة ذاتها ومن السلطات الأمنية، للقيام بالإجراءات اللازمة إذا حاول الأبناء السفر للخارج، مبيناً أن السلطات الأمنية تتعامل مع كل بلاغ وفق ما تقتضيه الحالة، وتحاط البلاغات التي ترد إلى الهاتف الأمني بسرية تامة، إذ لا يطلع على محتواها إلا أشخاص محدودون جداً.

- المخاطر والعزم السعودي

ويبدو أن المجتمع السعودي عازم على التصدي لتلك الهجمات ومنع تكرارها، وقوفاً بجانب الأجهزة الأمنية التي استنفرت لرصد أي نشاط يمس أمن البلاد، في وقت تشن السعودية مع تحالف عربي، غارات على معاقل الحوثيين في اليمن منذ نحو عام، ما أدى إلى تداعيات جديدة في المحافظات المحاذية للحدود اليمنية، التي تشهد هجمات بقذائف حوثية راح ضحيتها عدد من رجال الأمن والمواطنين.

يضاف لذلك، محاولات من قوات الحوثي وداعميهم لاختراق حدود المملكة، كان آخرها قتل قوات سعودية لثلاثة إيرانيين إثر محاولتهم الهجوم ضمن "الحوثيين" بمنطقة حدودية جنوبي المملكة، في 15 فبراير/شباط.

ويؤخذ بالحسبان ما يمكن أن يصعد من هجمات تنظيم "الدولة" داخل البلاد، بعد الإشارات الواضحة لقرب وجود تدخل وشيك للقوات السعودية برياً في سوريا، ضد التنظيم. فقد تبنى التنظيم في 15 فبراير/شباط، اغتيال رجل أمن سعودي متقاعد؛ إثر إطلاق النار عليه في محافظة أبوعريش بمنطقة جازان جنوبي المملكة.

وتواجه المملكة في حربيها تيارين متشددين فكرياً، ومتناقضين في الأهداف، إلا أنهما يجتمعان في نشاطهما في أسلوب العنف الذي أشعلا به حروباً في دول عربية تحيط بالسعودية، ويشكل ضعف الأمن فيها إلى هشاشة في السيطرة على الحدود مع المملكة لمنع أي محاولات اختراق.

لكن مراقبين أشاروا إلى أن اختراق الحدود قد تنجح المملكة في السيطرة عليه بحكم القدرات العسكرية ومراقبة حدودها، إلا أن اختراق التنظيمات المتشددة لعقول الشباب السعودي يبدو أكثر صعوبة وخطراً في ظل وجود قرابة ثلاثة آلاف عنصر سعودي بين صفوف تنظيم "الدولة"، ويستخدم التنظيم مصطلحات معادية للغرب "الصليبيين"، وللعقيدة الشيعية ولأتباع إيران في المنطقة "الصفويين"، ما شد كثيراً من العقول العربية والعالمية إلى تأييده لوقف التدخلات الإيرانية في المنطقة، أو الضغط عليها من خلال استهداف الشيعة المنتشرين في أغلب البلدان العربية، فيما تحاول إيران استخدام الشيعة في المملكة والخليج، لضرب حكوماتهم.