في 2025/10/20
كامل جميل - الخليج أونلاين
عَرف المجال التطوعي في الخليج، خلال السنوات الأخيرة، تحوّلاً لافتاً بعدما بات جزءاً أصيلاً من منظومة التنمية الوطنية ومكوّناً رئيساً في سياسات الحكومات لتعزيز المشاركة المجتمعية.
في السعودية والإمارات وقطر، كما في عُمان والكويت والبحرين، أخذت الحكومات على عاتقها تنظيم العمل التطوعي عبر منصات وطنية ذكية ومراكز متخصصة، تعمل على ربط المتطوعين بالمبادرات المختلفة وتيسير الإجراءات بطريقة تضمن الكفاءة والأمان.
هذه الجهود عززت حضور الشباب في المشهد الاجتماعي، وأتاحت لهم فرصاً لاكتساب مهارات عملية وخبرات حياتية تنعكس إيجاباً على سلوكهم وثقافتهم المدنية.
ولا يقتصر أثر التطوع على بناء القدرات الفردية، بل يمتد ليشمل تهيئة بيئة حضرية أكثر تفاعلاً وتعاوناً، بما يسهم في ترسيخ قيم الوعي المجتمعي والاهتمام بالمصلحة العامة.
هذا التحول في الوعي المجتمعي، المدفوع باستراتيجيات الحكومات الخليجية للتنمية المستدامة، يعكس إدراكاً متنامياً لدور الشباب في صياغة المستقبل.
في دول الخليج أخذ ينتشر عديد من المبادرات التي تركز على العمل التطوعي، لما تدركه هذه البلدان من أهمية ذلك لبناء مجتمعات خليجية أكثر وعياً وتماسكاً وتكافلاً. وأبرز هذه المبادرات هي:
المنصة الوطنية للعمل التطوعي
تمثل المنصة مرجعاً موحداً للفرص التطوعية في السعودية.
تهدف إلى تحفيز المنظمات غير الربحية على توسيع نطاق العمل التطوعي.
تسهّل على الأفراد البحث عن فرص تتوافق مع اهتماماتهم الشخصية وأهدافهم التنموية.
تتيح الوصول إلى التقارير وخدمات التحقق لمساعدة الجهات والأفراد على اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة.
تسهم في تنمية مهارات المتطوعين وتوسيع دوائرهم الاجتماعية، بما يعزز روح الإنجاز والانتماء الوطني.
مركز قطر التطوعي
يركز على تعزيز ثقافة العمل التطوعي في المجتمع ونشر الوعي بمجالاته وفوائده التنموية.
يعزز الشراكات بين الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والجامعات، والقطاع الخاص لتفعيل المبادرات التطوعية.
يعتمد نظام تصنيف للمتطوعين وفق قدراتهم وخبراتهم وميولهم لتوظيف رأس المال الاجتماعي القطري في خدمة التنمية.
يشجع على المبادرات الإبداعية ويعمل على تذليل العقبات القانونية والتنظيمية التي تواجه المتطوعين.
يولي اهتماماً خاصاً بالبحوث والدراسات لتسخير طاقات الشباب وإبراز دورهم في العمل المجتمعي.
منصة "متطوعين. إمارات"
تهدف إلى تحقيق أثر مجتمعي ملموس عبر نشر ثقافة التطوع وإتاحة فرص المشاركة في مختلف المجالات.
حلقة وصل بين الراغبين بالتطوع والمؤسسات التي تحتاج إلى كوادر تطوعية.
تمكّن الأفراد من اختيار الفرص المناسبة حسب المهارات والخبرات.
تتيح للمؤسسات إعلان مبادراتها ومتابعة أداء المتطوعين وتوثيق ساعات التطوع.
تُجسد رؤية الإمارات في جعل التطوع أسلوب حياة ومصدر إلهام لتجارب إقليمية مشابهة.
مركز الكويت للعمل التطوعي
ينفذ المركز المشروعات التطوعية التي تخدم المجتمع.
يهدف إلى تخفيف العبء عن الدولة عبر إشراك المتطوعين في المشاريع التنموية والمجتمعية.
يشجع الشباب على الانخراط في الفرق التطوعية المتنوعة وتطوير مهاراتهم الميدانية.
يسهم في تنفيذ برامج تنموية وتوعوية متعددة.
نشاطاته تعزز روح المواطنة والمسؤولية الاجتماعية.
منصة "أيادي" للعمل التطوعي
تُعد أول منصة رقمية وطنية لتنظيم العمل التطوعي في سلطنة عُمان.
تهدف إلى تعزيز ثقافة التطوع وإدارة الجهود التطوعية بمهنية وكفاءة عالية.
تجمع تحت مظلتها الفرق والجمعيات والمؤسسات والمتطوعين ضمن بيئة رقمية موحدة.
توفر فرصاً تطوعية متنوعة بمختلف المجالات.
تعمل على بناء قاعدة بيانات دقيقة وإحصاءات شاملة لتوحيد الجهود التطوعية في السلطنة.
البحرين – المنصة الوطنية للتطوع
تجمع المنصة جميع الفرص التطوعية المتاحة في البحرين بمختلف المجالات.
تعمل على سد الفجوة بين المتطوعين والفرص المتاحة عبر واجهة إلكترونية سهلة الاستخدام.
تسعى إلى تعزيز روح التضامن، وتشجيع المواطنين على المشاركة في الأعمال الخيرية والاجتماعية.
تكرّس مبادئ الابتكار والشراكة والمسؤولية المجتمعية داخل القطاعين العام والخاص.
تهدف إلى بناء بيئة داعمة للتطوع تُسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.
قوة اجتماعية فاعلة
لم يعد التطوع في دول الخليج نشاطاً موسمياً أو عملاً خيرياً محدود الأثر، بل أصبح ثقافة مؤسسية تعكس روح الانتماء والمسؤولية، وتفتح آفاقاً جديدة أمام الشباب للانخراط في المبادرات التي تسهم في تطوير مجتمعاتهم ومدنهم.
في مقال بصحيفة "عكاظ" حمل عنوان "التطوع في تنمية المدن" أبرزت الكاتبة هيلة المشوح أهمية المبادرات التطوعية في تحقيق "أنسنة التنمية" وتمكين الفرد من الإسهام في تشكيل بيئته ومجتمعه.
وأشارت المشوح إلى إحدى المبادرات السعودية التي أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والإسكان، ووصفتها بأنها نموذج رائد لترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية وتحسين جودة الحياة.
وأوضحت أن التطوع لم يعد عملاً خيرياً فحسب، بل ممارسة حضرية تعزز الانتماء والمسؤولية وتمنح الأفراد شعوراً بقيمة أثرهم في تطوير مدنهم.
فكل ساعة تطوعية ـكما تقولـ تسهم في بناء مجتمع أكثر وعياً وازدهاراً يشارك أفراده في صناعة مستقبلهم.
بدورها أكدت الكاتبة غدير عبد الله الطيار في مقال بصحيفة "السياسة" الكويتية، حمل عنوان "ثمار التطوع" على أهمية ممارسة العمل التطوعي.
وصفت الطيار العمل التطوعي بأنه يمثل قوة اجتماعية فاعلة تسهم في تعزيز التماسك الوطني والانسجام المجتمعي، وتغرس قيم التعاون والتعاطف والمسؤولية لدى الأفراد.
وأشارت إلى أن التطوع لا يقتصر على تقديم المساعدات الخيرية، بل يشمل مجالات متنوعة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وبناء القدرات، وتنمية المهارات الحياتية لدى الشباب والطلاب.
وأضافت أن التجارب التطوعية تُكسب المشاركين خبرات عملية وشعوراً بالفخر والانتماء، مؤكدة أن دعم مبادرات التطوع يجسّد رؤية طموحة لمجتمع أكثر وعياً وتكافلاً وإنسانية.