أوضح القاضي الدكتور جمال السميطي مدير عام معهد دبي القضائي أنهم في المعهد يستهدفون الارتقاء بالقانونيين في الإمارات من خلال التدريب والتأهيل القانوني والعدلي لهم، كما دعا إلى تبني جائزة قانونية عالمية باسم الدولة، لافتاً أن نسبة كبيرة من خريجي كليات القانون دون الطموح، وأن هناك ضعفاً كبيراً في البحث القانوني المتخصص، خاصة أن معظم الباحثين لا يكلفون أنفسهم عناء تقصي المعلومات والرجوع لأمهات الكتب، وذكر أن دولة الإمارات تراجع قوانين الإفلاس والاستثمار الأجنبي والشركات، بهدف الارتقاء بتشريعات الاقتصاد الإماراتي.
وذكر أن هناك نقصاً كبيراً في أعداد المحكمين القانونيين الإماراتيين، حيث إن عددهم لا يتجاوز 5 أشخاص.
وبين أن هناك حاجة لمتخصصين في القوانين البحرية والجوية، خاصة أن الدولة أصبحت متميزة عالمياً في هذا المجال، قائلاً إن القوانين الإماراتية حديثة وتواكب كافة المستحدثات والتطورات، وأن قضايا عنف الأحداث هي الأكثر تداولاً، كما تطرق إلى مكتبة المعهد التي تضم 6 آلاف عنوان قانوني، وبين أن المكتبة الإلكترونية للمعهد بدأت خطواتها نحو أرشفة إلكترونية كاملة لمراجعها وكتبها ودورياتها القانونية.
جائزة عالمية
وأشار السميطي أن القانون بما يضمه من أطر تنظيمية لحياتنا، يعتبر أحد أهم الأمور التي يجب أن نرتقي بها مجتمعياً عبر تعزيز الثقافة القانونية وانطلاقاً من تعزيز هذه الفكرة رأى أنه من الضروري أن تتبنى الدولة ممثلة بإحدى مؤسساتها جائزة قانونية عالمية، تعكس التطور الكبير الذي أصبحت عليه الإمارات، كما سيكون ذلك دافعاً لاستقطاب الباحثين والمتخصصين وطلبة الجامعات في العالم للاشتراك بها، وتبني اتجاهات وحلول قانونية تتناسب مع المتغيرات العصرية التي يعيشها عالمنا في كل شيء.
عام القراءة
وأفاد أن فكرة وجود جائزة قانونية عالمياً تتسق مع فعاليات عام القراءة، وتعزيز عمليات البحث في المراجع، فضلاً عن طباعة الكتب القانونية والاهتمام بالنشر فيها، كما أنها تحقق هدف القيادة الرشيدة فيما يتعلق بالتطور والتميز في كافة المجالات، خاصة أن القانون يعكس الوضع الجيد الذي تعيشه دولتنا فيما يتعلق بعمله وتميزه، كما أنها ستعكس تكريس الإمارات دولة قانون، وهو ما يعطي صورة ناصعة للدولة.
مخرجات ضعيفة
وتطرق السميطي إلى خريجي كليات القانون، حيث بين أن المخرجات والنتائج دون الطموحات وضعيفة، لافتاً أن نسبة كبيرة من الطلبة لا يتمتعون بالمهارات الكافية التي تجعلهم متميزين في القانون، وهناك كثير منهم لا يستطيع بعد التخرج صياغة جمل ومواقف قانونية صحيحة، تقدم حلولاً لوضع أو قضية ما، موضحاً أنه لاحظ ضعفاً شديداً بمستويات الطلبة والخريجين على السواء، وأرجع ذلك لعدم الاهتمام الكافي بانتقاء نوعية متميزة علمياً من الطلبة في مرحلة ما قبل الجامعة، خاصة أن الكلية تستقبل الطلبة الذين لديهم معدلات دراسية مقبولة، وهو ما ينعكس على النتيجة الإجمالية والمردود النهائي عند التخرج.
وتطرق السميطي لأهمية أن يكون هناك رجال قانون متميزون، لا حملة شهادة القانون فقط، وهناك فرق كبير بينهما، موضحاً أن المعهد وفي إطار دوره التدريبي لا يمكنه الارتقاء بشخص ضعيف دراسياً، لكن يمكنه صقل مهارة المتدربين والارتقاء بأدائهم لمراحل مهنية أفضل، وتمنى أن يكون هناك توجيهاً للطلبة لدراسة القانون وتشجيعهم على ذلك، حتى لو كان نتيجة ذلك خفض أعداد الدارسين مقابل تطوير مهاراتهم وعلومهم بشكل أفضل.
تطوير المناهج
وأشار السميطي إلى أن المناهج القانونية تحتاج لتطوير، وخاصة فيما يتعلق بالبحث والدراسة لحلول قانونية جديدة تتعلق بجديد القضايا المنظورة، سواء كانت اقتصادية أو مجتمعية أو متخصصة في شتى مناحي القانون، منوهاً إلى أن دولاً كثيرة تعمل على تكريس هذا الجانب لدى طلبتها بحيث يبدعون مواد قانونية جديدة وتعديل ما يحتاج منها، بهدف متابعة ما يحدث عالمياً في شتى المجالات، لافتاً إلى أهمية وجود جيل جديد من القانونيين الإماراتيين لا يعتمد على أمهات الكتب فقط والمراجع التي مضى زمن طويل عليها دون تعديل لها، منوهاً أن السبيل إلى ذلك هو الغوص والبحث لتكييف مواد القانون، وأن ذلك لن يتأتى بغير البحث والعمل بجد ومتابعة الدوريات القانونية بشكل دائم، والإكثار من تقديم رسائل الماجستير والدكتوراه.
المجلات المُحكمة
ووجه السميطي لوماً للمجلات المُحكمة كونها لا تقدم جديداً في هذا الجانب من دوريات وكتب جديدة، ضارباً المثل بمجلة معهد دبي المُحكمة، التي تختص بالجوانب القانونية الجديدة فيما يخص تقنية المعلومات وتطورها، وإفادتها لقطاع كبير من المطلعين عليها، خاصة أن نسبة كبيرة يستعينون بها لمساعدتهم في تعزيز معارفهم في هذا المجال، وقد تتعدى الـ 80٪.
وأوضح أن هناك قصوراً في وجود مبادرات قانونية، كباقي المبادرات التي تطلقها الدولة بين فترة وأخرى، منوهاً أن إطلاق مبادرات قانونية من شأنه الارتقاء كثيراً بالمجتمع في هذا الجانب، كما أنه يساعد على مواكبة تطور الدولة في كافة المجالات.
حلول جديدة
وأوضح جمال السميطي أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في السنوات الماضية، كانت نتيجة لضعف تشريعي، مؤكداً أن الإمارات تنبهت لذلك حيث بدأ العمل على تطوير قوانين جديدة كقانون الإفلاس، والشركات والاستثمار الأجنبي، وذلك يعزز الاقتصاد الإماراتي وتطوره، ويعكس حمايته للمستثمرين واهتمامه بهم، ولفت إلى أهمية التحكيم القانوني في بعض القضايا الاقتصادية والتجارية، والتي أعطتها الدولة اهتماماً كبيراً، لإرسال رسائل تطمينية لكافة المستثمرين بأن هناك قوانين تدافع عنهم وعن رؤوس أموالهم واستثماراتهم، وتتوسع الدولة حالياً فيما يخص التحكيم في القضايا ذات الطابع التجاري والاقتصادي، وتبني حلول قانونية جديدة تساهم في الارتقاء بهذا الجانب.
نقص
وذكر مدير معهد دبي القضائي أن هناك نقصاً كبيراً في أعداد المحكمين القانونيين الإماراتيين، حيث إن عددهم لا يتجاوز الـ 5 أشخاص، موضحاً أن الدولة يجب عليها الاهتمام بهذا الجانب، من خلال العمل على تبني أعداد جديدة من القانونيين للعمل في هذا المجال الدقيق، ويجب على كل محكم أن يعد صفاً ثانياً متميزاً منهم بما ينعكس على تطور الأعداد مستقبلاً، حتى تساهم في الارتقاء بالعمل القضائي.
وأشار إلى أن هناك فقراً كبيراً في وجود صائغي قوانين إماراتيين، ملمحاً إلى أن الصياغة التشريعية للقوانين يجب الاهتمام بها من أجل دفع أجيال جديدة قادرة على وضع وصياغة ما يستجد من بنود قانونية والعمل على تعديل ما يلزم، كما أنه يجب الاهتمام بوجود متخصصين في القوانين البحرية والجوية، خاصة أن الإمارات أصبحت متميزة عالمياً في مجال الطيران ولديها شركات عاملة متعددة ولها سمعتها العالمية، كما أن المردود الإيجابي جراء ذلك سيعطي أبعاداً متميزة جديدة للدولة في هذا المجال.
تخصص
وتطرق إلى أن العالم أصبح يتجه للتخصص في كل المجالات المعرفية، ولذلك فمن الضروري أن تنتبه الدولة لذلك من خلال الاهتمام بنوعية المشتغلين في هذا القطاع المهم، من أجل مواصلة تطور الدولة، حيث إن عموميات القوانين أصبحت حالياً متاحة للجميع من القانونيين، لكن العمل على التخصص والتعمق أكثر هو ما نريده مستقبلاً بحيث ينعكس إيجاباً على الدولة في كافة القطاعات، لافتاً أن القانون الإماراتي يعتبر حديثاً ومعاصراً ومواكباً لكافة أنواع القضايا المنظورة والمستحدثة، وهذا يعكس العمل الدؤوب الحاصل.
وأوضح أنه هناك بعض المفاهيم القانونية الجديدة وهذا ما يجب الوقوف عنده بتمهل لمعرفة ما ينقصنا في بعض الجوانب لمواكبتها، مثل عقود الإيجار المنتهية بالتملك، وعقود التمويل التي تضم مستثمرين كثر، وهذه الأمثلة توضح مدى حاجتنا لقانونيين يبتكرون بنوداً قانونية جديدة تؤطر مثل هذه المعاملات، ويفتح الباب أيضاً لضرورة توفر من يصيغ مثل هذه القوانين من الإماراتيين.
سياسة نشر
وأفاد أن معهد دبي القضائي اعتمد سياسة نشر جديدة، تعتبر الأولى على مستوى المؤسسات بالدولة، وتأتي إدراكاً من المعهد بأهمية النشر العلمي خاصة أن ذلك يساهم في توفير احتياجات المكتبة القانونية، وتشجيع أعضاء هيئة التدريس على نشر أعمالهم العلمية المُحكمة، كما أن المعهد يعمل من خلال هذه الخطوة على التواجد بقوة في المحافل الدولية المهتمة بالشأن القانوني، وتوطيد التواصل المعرفي عن طريق نشر المؤلفات العربية والمترجمة ذات القيمة العلمية، ويتبنى ويدعم استقطاب من يريد نشر كتب أو ملازم قانونية له، ويتحمل كافة الأعباء المالية بهدف إخراجها للنور.
ولفت إلى أن أهداف النشر العلمي هو إثراء العمل القضائي بالبحوث والدراسات القانونية، وتنشيط الاجتهاد والبحث في مجال الفقه والقضاء، وتطوير صيغ الأحكام، فضلاً عن إمداد المحاكم والنيابة العامة بالبحوث والدراسات التي تسهم في تطوير أعمالهم، بالإضافة إلى الإسهام في رفع المستوى الفقهي والقضائي في أوساط المجتمع.
وحض السميطي الشباب على الاتجاه للبحث وأن شخصية القانوني تكتمل بالممارسة، وأن ذلك يتحقق عن طريق الكتابة والنشر للمقالات والمؤلفات، لافتاً أنه بالإمكان أيضاً توعية المجتمع عن طريق نشر آرائهم في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحظى بمتابعة كبيرة.
6 آلاف عنوان في مكتبة المعهد
وجه السميطي اللوم للقانونيين الإماراتيين، لعدم إقبالهم واستفادتهم من المراجع والدوريات المهمة الموجودة بمكتبة المعهد، والتي تضم 6 آلاف عنوان قانوني، مشيراً أنه لاحظ عدم اهتمام بما تحويه المكتبة من مصادر قيمة وثرية يمكن أن تفيد الكثيرين، مرجعاً ذلك لعدم تفاعل القانونيين فيما يخص البحث والتعرف على الجديد، ولاحظ أن هناك استسهالاً كبيراً من هذه الشريحة خاصة إذا كانوا يبحثون عن معلومة ما لضمها لدراسة قد تكون مطلوبة منهم سواء لطلبة الجامعة أو غيرهم من القانونيين، مفيداً أن أساتذة الجامعات لا يشجعون طلبتهم على تأصيل قيمة البحث والتعب للحصول على المعلومة.
وذكر أن المعهد بدأ خطواته نحو أرشفة مكتبته بشكل إلكتروني كامل بهدف زيادة الاستفادة منها وإتاحتها للمتخصصين في كل مكان وبشكل سهل، كما أن ذلك يأتي في إطار التحول نحو تقديم خدمات ذكية، كمنهج تتبعه الحكومة في كافة خدماتها.
تأثير
وأوضح السميطي أن أكثر الجرائم التي يواجهها المجتمع حالياً هي جرائم الأحداث وعنفهم، مرجعاً ذلك للانفتاح التي تعيشه الدولة وما قد يستتبعه من تأثيرات سلبية على عقول أبنائنا، كما قلل من جرائم الاغتصاب التي تحدث، كونها تأتي على فترات متباعدة وليست بشكل دوري، وأن الجهات المعنية بالدولة تعمل بحرص كبير لتوعية المجتمع، وأنه لا توجد جرائم معقدة تحمل أبعاداً نفسية ويكون ضحاياها كثيرين.
وأكد على أن الهيئات القضائية تراعي أي قضايا رأي عام، بحيث تسرع من إجراءاتها ضماناً لتحقيق عدالة ناجزة لجميع الأطراف، خاصة أن معدلات فترات التقاضي بالإمارات تعتبر جيدة جداً ولا تأخذ وقتاً طويلاً لإصدار الأحكام.
خطوط حمراء
قال جمال السميطي إن الأحكام القضائية التي تصدرها محاكم الدولة، تعتبر خطوطاً حمراء لا يجوز التعقيب عليها، لافتاً إلى أن القضاء الإماراتي يوفر محاكمات عادلة للجميع، وما قد تثيره بعض جمعيات حقوق الإنسان في تقاريرها، وخاصة فيما يتعلق بأوضاع العمال والقضايا ذات الأبعاد السياسية التي تنظرها المحاكم، ليس صحيحاً ولا يعكس الواقع الحقيقي، خاصة أن مئات آلاف العمال يتواجدون على أرض الدولة ويعيشون بأريحية دون مشاكل.
البيان الاماراتية-