سلمان سالم- الوسط البحرينية-
الكثيرون من المهتمين بالشأن التعليمي الجامعي في البحرين يسألون عن الطلبة المتفوقين الجامعيين عامة، وخصوصاً الطلبة الذين درسوا وأنهوا جميع المواد الدراسية الجامعية المقررة لهم في العديد من التخصصات الأكاديمية، وتخرجوا بتفوق في جامعة البحرين.
في الوقت الذي يُمتدح مستوى الطالب المتخرج في جامعة البحرين يتم توجيه اللوم إلى إدارتها، لعدم تنفيذ استراتيجية واضحة لاستثمار خريجيها المتفوقين استثمارا حقيقيا في مختلف التخصصات، الآداب وإدارة الأعمال والبحرين للمعلمين والتربية الرياضية والعلاج الطبيعي والتعليم التطبيقي وتقنية المعلومات والحقوق والعلوم والعلوم الصحية والهندسة، لماذا لم تبادر الجامعة إلى احتضان المتفوقين من طلبتها وطالباتها وحفزهم لمواصلة دراساتهم العليا (الماجستير والدكتوراه)، لتستفيد منهم مستقبلا في مجال التدريس بالجامعة؟ من غير المعقول أن دورها ينتهي بتخريج طلبتها وطالباتها، يجب أن يكون لها الدور البارز في تحقيق الاكتفاء الذاتي لنفسها أولاً ولغيرها من التخصصات ثانياً، وهي بالتأكيد قادرة على تحقيق طموحات الوطن في السنوات العشر المقبلة إذا ما بدأت من الآن، يكفي ما ضاع من عمرها الطويل من دون ان تحقق ما يصبو له الوطن في مختلف المجالات العلمية، فلو تبنت في كل عام عشرات الطلبة المتفوقين والطالبات المتفوقات على سبيل المثال، حتى ينالوا الشهادات العلمية العليا، وفي الوقت نفسه تقوم بضمهم إلى الكادر التعليمي برتبة (معيد) التي تمنح لأوائل الطلبة في الكليات بحسب طلب الجامعة، فإن بإمكان المعيد في فترة تدريسه إعداد رسالتي الماجستير والدكتواره، ويمكنه أن يصبح برتبة (مدرس مساعد) بعد أن يمنحه إياها الأساتذة الجامعيون بعد اجتيازه مرحلة الماجستير بنجاح، ويمكنه، أي المدرس المساعد، أن يكون برتبة (مدرس) التي يصل إليها بعد إنهاء رسالة الدكتواره ويطلق عليه بعد ذلك بالدكتور الجامعي، ويمكنه أن يتدرج إلى أن يصل إلى رتبة (أستاذ مساعد) إذا ما قام بعمل أكثر من بحث متميز في مجال معين ومنشور في دوريات علمية عالمية أو إقليمية متميزة، متخصصة ومحكمة، وألا يقل مجمل الإنتاج العلمي الذي أجيز له عن أربعة أبحاث، وعلى الأقل بحثين منها لا يقل تقديرهما عن جيد، فإذا ما عملت الجامعة بجد مع طلبتها المتميزين فإنها بإمكانها إيصالهم إلى رتبة (أستاذ) بعد تقديمهم عدة أبحاث في مجال معين أو عدة مجالات وهي أعلى رتبة جامعية يطلق عليهم لقب (أستاذ دكتور).
لا أحد ينكر أن وطننا يمتلك الكثير من الطاقات الشبابية البحرينية المتميزة التي تستطيع إذا سنحت لها الفرص المتساوية أن تصل إلى أعلى الرتب العلمية، وأن تخدم وطنها في مختلف المجالات العلمية التخصصية، فجامعة البحرين التي مر على تأسيسها 30 عاما، لا يقبل منها التفريط في طلبتها المتفوقين وطالباتها المتفوقات، والمراوحة في مجال بحرنة الوظائف المتقدمة وفي مقدمتها التدريس حتى هذه اللحظة! يدهش المراقب للشأن الجامعي في البلاد، إذا ما اطلع على نتيجة بعض طالبات كلية الحقوق بجامعة البحرين المتفوقات تعليميا وسلوكيا، ومعدلاتها التراكمية تزيد على 3.5 ولم يكن للجامعة أية مبادرة إيجابية للاستفادة منهن، ومن أمثالهن من الطلبة والطالبات في التخصصات الأخرى، أليس من حق الطلبة المتفوقين والطالبات المتفوقات في جامعة البحرين أن يحصلوا على بعثات دراسية لمواصلة دراساتهم العليا بدلا من بعثرتهم هنا وهناك وتحجيمهم في مستويات تعليمية أقل بكثير من قدراتهم وطموحاتهم؟
فأولياء الأمور وأسر طلبة وطالبات جامعة البحرين، المتفوقين والمتفوقات يتطلعون إلى تبني الجامعة أبناءهم وبناتهم دراسيا والاستفادة منهم في مختلف الأقسام الجامعية، وتكون لها الأسبقية في رعاية هذه الفئة المتميزة من الطلبة والطالبات، وتكون نبراسا لكل الجامعات في البلاد، لا شك ولا ريب لو لبت الجامعة ما ذكرناه آنفا لما عانت الكثير من التخصصات من النواقص والتراجع.
فأبناء الوطن هم أحق من غيرهم بتحمل المسئولية الكاملة في تنمية وتطوير بلدهم في كل المجالات، فهم قادرون على أخذ بلادهم إلى المواقع المتقدمة إقليميا وعربيا ودوليا بكل جدارة، لو سنح لهم المجال كاملا في إكمال دراساتهم العليا، لسنا بحاجة لأن نثبت لجامعة البحرين أن لديها طلبة وطالبات يمتلكون قدرات كبيرة في الفهم والإدراك والاستيعاب والتحليل والابتكار والإبداع والإخلاص لوطنهم؛ لأنها هي أعلم من غيرها بقدرات طلبتها وطالباتها، نأمل أن تعطي إدارة جامعة البحرين الموقرة اهتماما كبيرا عاجلا بهذا الموضوع المهم جدا، وأن تحقق للوطن اكتفاءات ذاتية في جميع المجالات، لا بد أن تتوج إنجازاتها العلمية التي حققتها طوال عمرها المديد في مجال التعليم الجامعي بتقدير طلبتها المتفوقين وطالباتها المتفوقات، بما يليق بسمعتها المحلية والإقليمية والعربية، كما نأمل أن تستفيد الجهات المعنية بتنمية وتطوير التعليم في البحرين من تجربة سنغافورة في مجال تنمية الموارد البشرية، التي جعلتها في مقدمة الدول المتقدمة علميا، ما جعلها بعيدا عن الأزمات، السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، التي عانت منها الكثير من دول العالم.