من هنا وهناك » من هنا وهناك

لماذا "تتآمر" الرياض وأبوظبي على "مونديال العرب" في قطر؟

في 2019/03/11

الخليج أونلاين

شاهد العالم بأسره حفل تسلم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، راية استضافة بلاده للنسخة المونديالية المقبلة، التي تحتضنها الدولة الخليجية ما بين 21 نوفمبر و18 ديسمبر من عام 2022، كأول دولة عربية وشرق أوسطية تنال تنظيم "أكبر محفل في عالم الساحرة المستديرة".

تصدر قطر وأميرها المشهد الختامي لمونديال روسيا، لم يرق لجيرانها الثلاثة، وهنا يدور الحديث حول السعودية والإمارات والبحرين؛ إذ شرع "الذباب الإلكتروني" في حملة تشويه على نطاق واسع للدوحة للتغطية على اللحظة الفارقة التي أدخلت البهجة على قلب كل عربي من المحيط إلى الخليج.

وأثبتت شواهد كثيرة بما لا يدع مجالاً للشك، أن الرياض وأبوظبي تسعيان بكل ما أوتيتا من قوة لإجهاض الحلم العربي، الذي بات أقرب من أي وقت مضى، رغم كلمة أمير قطر خلال حفل التسلم الذي أقيم في قصر "الكرملين" بالعاصمة الروسية موسكو، وحضره الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الفيفا جياني إنفانتينو، على أن نسخة 2022 هي لكل العرب، مرحباً باسمهم بكل العالم.

كان تلك المحاولات، كانت احتفاء الأذرع الإعلامية للإمارات والسعودية بتقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، وروّجت له على نطاق واسع، زاعمة أن قطر دفعت أموالاً طائلة للاتحاد الدولي لكرة القدم، رغم أن تقرير المحقق الأمريكي مايكل غارسيا أثبت نزاهة الملف القطري، يونيو 2017.

"فيفا ووتش" تكشف المتورطين

منظمة مراقبة أخلاقيات ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا ووتش) أدانت، خلال مؤتمر في مدينة زيوريخ السويسرية، الإمارات والسعودية؛ لتنظيمهما حملات شرسة ضد استضافة قطر لـ "العرس الكروي الكبير".

وعرضت المنظمة الدولية  خلال المؤتمر الذي عُقد الخميس 13 سبتمبر 2018، وحمل عنوان "فحص وتفكيك الحملة الرامية إلى تقويض استضافة قطر لكأس العالم 2022"، تقريراً يرصد التحركات الهادفة لضرب مشروع استضافة الحدث الرياضي العالمي في الدوحة، كما أدلى عدد من خبراء الصحافة والرياضة بدلوهم في القضية.

وحلل التقرير الديناميات السابقة والحالية التي حدثت في المنطقة منذ اختيار قطر كبلد منظم لمونديال 2022، خصوصاً الظروف المحيطة بانتصار قطر في سباق الاستضافة، والتغطية الإعلامية والحملة المنظمة لإلحاق الضرر بالبطولة التي كانت واضحة للغاية في الأشهر القليلة الماضية.

وخلص المتحدثون إلى أن الإمارات والسعودية تقودان الجهود الرامية إلى تجريد قطر من حقها في استضافة النسخة المونديالية المقبلة، كما أدانوا  إطلاق حملات تحريض ضد الدوحة منذ فوزها بشرف التنظيم، ورفع وتيرة تلك الحملات بعد تسلم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رسمياً راية الاستضافة من روسيا صيف هذا العام.

حملة ممنهجة

وكانت صحيفة "الحياة" السعودية، التي انتقلت مؤخراً من العاصمة البريطانية لندن إلى دبي الإماراتية قد دشنت حملة ضد مونديال قطر؛ إذ خرجت بعنوان أثار استياءً عارماً على مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية؛ في سقطة "مهنية" لا تغتفر لصحيفة عريقة.

وكتبت الصحيفة السعودية: "العالم يودع أجمل مونديال.. ويتطلع إلى بطولة ٢٠٢٦!"، حيث لم تكتفِ بتجاهل استلام قطر الراية المونديالية؛ بل حذفت الروزنامة المعتمدة من الاتحاد الدولي لكرة القدم.

ولم تمضِ ساعات قليلة على عنوان "الحياة"؛ حتى خرج الكاتب السعودي حسين شبكشي بمقال في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، وصف من خلاله مونديال قطر بأنه سيكون "الأسوأ" في تاريخ نهائيات كأس العالم.

كلام "شبكشي" يأتي خلافاً لما تتحدث عنه مختلف وسائل الإعلام العالمية، التي تتغنى بالدوحة وطموحها الكبير بتنظيم نسخة مونديالية "استثنائية" و"غير مسبوقة"، مثلما أكد أمير قطر في كلمته مع بوتين وإنفانتينو.

ووفقاً لخبراء ومحللين، فإن مونديال 2022 سيكون فريداً من نوعه؛ لأنه سيتيح للجماهير حضور أكثر من مباراة في يوم واحد، وهو ما لم يتوفر على الإطلاق في أي نسخة مونديالية سابقة؛ بسبب بعد الملاعب والمدن التي تستضيفها اللقاءات.

وتبلغ أقصى مسافة بين ملاعب مونديال قطر 50 كيلومتراً، كما أن أقصى مدة زمنية يقطعها مترو الدوحة بين هذه المنشآت المونديالية لا تتجاوز 60 دقيقة، وهو ما يُعد ميزة كبيرة ستنعكس إيجاباً على الجماهير والمشجعين.

من يقف وراء تشويه قطر؟

كل ذلك يضاف إلى ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية بوجود "تمويل سعودي إماراتي لمؤتمر عقد في مايو الماضي في لندن، يهدف إلى التشكيك في منح تنظيم كأس العالم 2022 لقطر".

وأشارت إلى أن تساؤلات كثيرة أثيرت حول تمويل منظمة مجهولة تدعى "مؤسسة النزاهة الرياضية"، مؤكدة أن أموالاً كبيرة أنفِقت على الحدث، حيث تحدثت عن تلقي العديد من الضيوف آلاف الجنيهات الإسترلينية، فضلاً عن استضافتهم في فنادق باهظة الثمن.

ولفتت إلى أن الحدث حظي بتغطية إعلامية كبيرة في بريطانيا، ومن وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي مقربة من السعودية والإمارات، موضحة أن جل تركيز المؤسسة منصب على موضوع استضافة الدوحة لمونديال 2022.

وذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن منطقة الشرق الأوسط تشهد- بشكل متزايد- حرباً بالوكالة للتأثير على وسائل الإعلام، على غرار دعوة السعودية لإغلاق قناة الجزيرة القطرية، إضافة إلى قرصنتها لقنوات "بي إن سبورت" المالكة لحقوق البث الحصري لكبرى البطولات الرياضية في العالم.

ويأتي تقرير الصحيفة البريطانية بعد عام من حصول موقع "إنترسبت" الأمريكي على وثائق تفيد بأن الإمارات خططت لشن حرب مالية على قطر، وذلك من أجل الضغط عليها.

 ثقة قطرية

وفي هذا الإطار، يقول مدير تحرير صحيفة "الوطن" القطرية، فهد العمادي، إن حملات الإساءة والتشويه التي تقوم بها السعودية والإمارات ضد مونديال 2022، "لا تقدم ولا تؤخر وتعتبر وراء ظهورنا"، مشدداً على أن بلاده تتطلع قدماً للعمل والإنجاز على أرض الواقع من أجل تنظيم بطولة عالمية يتحدث عنها العالم بأسره.

وأشار العمادي في تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن قطر كانت تعتقد أن الحملات الموجهة ضد ملف قطر بعد فوزها بشرف الاستضافة في ديسمبر 2010، يقف خلفها جهات أجنبية غربية، قبل أن يتضح للدوحة قطعاً أن تلك الحملات التي وصفها بـ "المسعورة" يقف خلفها  الرياض وأبوظبي.

ولفت إلى أن السعودية والإمارات مولت تلك الحملات مالياً بهدف الإساءة والتشهير بالدوحة، مؤكداً أن كل ذلك يدل على "الحقد والغيرة والحسد لنجاحات قطر، ويكشف عن نواياهم"، وهو ما ظهر جلياً منذ اندلاع الأزمة الخليجية وحصار قطر، كما قال.

وحول الحملة التي بدأتها وسائل إعلام سعودية وإماراتية كـ "الحياة" و"الشرق الأوسط" وغيرها بالهجوم على "قطر 2022"، قال العمادي: إن "الكبار في موسكو تسلموا واستلموا راية الاستضافة.. في حين يريد الصغار الدخول في غيبوبة لمدة 8 سنوات"، منوهاً في الوقت نفسه بتصريحات أمير قطر التي أكد من خلالها دائماً على أن "مونديال 2022 للعرب جميعاً، رغم الإساءات المستمرة من قبل دول الحصار".

وتوقع خلال حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن الحملات "المسعورة" و"المشبوهة" ضد مونديال قطر لن تتوقف، بل ستزيد وتيرتها وحدتها في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن أمر استضافة قطر للنسخة المونديالية المقبلة "قُضي وحسم تماماً"، رغم ما تدعيه دول الحصار بأن الموضوع لم ينتهِ بعد!

وأشار إلى أن رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، يحاول أن يبيع "الوهم" للجمهور السعودي والإعلام الخارجي، مشيراً إلى أنه يبحث عن الشهرة والأضواء بحديثه المستمر عن مونديال قطر الذي بات "حديث العالم" بعد إسدال الستار على مونديال روسيا.

وأكد أن قطر ترحب بجميع دول العالم، ومن ضمنهم دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، مستدلاً بما حدث في دوري أبطال آسيا لكرة القدم بلعب أندية الرياض وأبوظبي في الدوحة بترحاب واستقبال كبيرين.

وفي لحظة بقيت محفورة في أذهان ملايين العرب من المحيط إلى الخليج، نالت قطر، في ديسمبر 2010، شرف استضافة كأس العالم 2022، وتعهّدت آنذاك بتنظيم أفضل نسخة في تاريخ دورات كأس العالم.

ويُترقّب على نطاق واسع أن يكون مونديال 2022 "حديث العالم"، في ظل ما تُنفّذه الدوحة من مشاريع مختلفة تطول البنية التحتية؛ من فنادق، ومطارات، وموانئ، وملاعب، ومستشفيات، وشبكات طرق سريعة، ومواصلات، وسكك حديدية، من أجل استقبال ما يزيد على المليون ونصف المليون من المشجعين والجماهير الذين سيتوافدون إلى البلاد لمتابعة كأس العالم.