من هنا وهناك » من هنا وهناك

هزات ارتدادية لـ"زلزال قطر الكروي" تضرب الرياضة الإماراتية

في 2019/02/13

متابعات-

يواصل زلزال قطر الكروي هزاته الارتدادية، ضارباً الرياضة الإماراتية في العمق، وسط أزمة كبيرة ونذر حرب تلوح في الأفق، بين الهيئات الرياضية الإماراتية، التي لم تستفق بعدُ من تتويج "العنابي" القطري بلقب كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم، للمرة الأولى في تاريخه، من قلب العاصمة أبوظبي عن جدارة واستحقاق كاملَين.

وتعيش الكرة الإماراتية وجماهيرها صدمة كبيرة عقب الخسارة المذلة التي مُني بها منتخب بلادها أمام نظيره القطري برباعية نظيفة، في نصف نهائي النسخة الآسيوية الـ17، التي أُسدل الستار عليها في الأول من فبراير 2019، بفوز "الأدعم" بالبطولة القارية على حساب "الساموراي" الياباني.

أزمة ونذر حرب تلوح في الأفق

وبعد مضي 10 أيام على نهاية كأس آسيا 2019، تفجرت أزمة كبيرة، أقطابها الهيئة العامة للرياضة في الإمارات، واتحاد الكرة المحلي؛ إذ أوقفت الأولى، التي تُعد "الجهة المسؤولة عن جميع الأنشطة الرياضية" في الإمارات، الدعم المالي للأخير برئاسة مروان بن غليطة.

وبحسب ما ذكرته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، الاثنين، فإن الهيئة العامة للرياضة في الإمارات قررت تجميد أرصدة مالية موجودة بخزينة الاتحاد، تبلغ قيمتها 60 مليون درهم؛ أي ما يُعادل تقريباً 17 مليون دولار أمريكي.

وأرجعت الهيئة العامة للرياضة قرارها إلى عدم التزام اتحاد الكرة التعميم الصادر للاتحادات الرياضية بـ"وقف ازدواجية المناصب بين أعضاء مجالس الإدارات، ومعاقبة من يخالف ذلك التعميم بوقف الدعم المقدم إليه"، مستندة في قرارها إلى المادة رقم "26" من قانون هيئة الرياضة بالبلاد.

صحيفة الاتحاد الإماراتية

وتنص تلك المادة على منع الترشح لرئاسة مجلس الإدارة أو عضويته، إذا كان المرشح يشغل منصباً إدارياً أو فنياً في أي نادٍ عند عقد الاجتماع الأول لمجلس الإدارة، سواء كان ذلك المجلس منتخباً أو معيناً.

كما تحظر المادة "47" على رئيس مجلس الإدارة وأعضائه الجمع بين رئاسة وعضوية أكثر من مجلس إدارة اتحاد أو جمعية رياضية، أو لجنة رياضية في الفترة الانتخابية نفسها، مع استثناء العنصر النسائي فقط.

ما الأسباب؟

يقول مراقبون إن قرار الهيئة العامة للرياضة قد لا يكون متعلقاً بتطبيق اللوائح من عدمه في المقام الأول؛ وإنما يهدف إلى "الضغط على مسؤولي اتحاد الكرة برئاسة مروان بن غليطة وإجبارهم على تقديم الاستقالة"، بعد الفشل الكارثي الذي مُني به المنتخب الإماراتي في الكأس الآسيوية، وخسارته المُذلة أمام نظيره القطري بـ"المربع الذهبي".

ويستند هؤلاء إلى أن الهيئة العامة للرياضة في الإمارات لم تصدر قراراً مماثلاً بحق الاتحادات، سواء الجماعية أو الفردية، والتي انتُخب فيها أعضاء عدة يجمعون بين أكثر من منصب.

ولجأت الهيئة المسؤولة عن الأنشطة الرياضية في الإمارات إلى تجميد الأموال، لكونها لا تملك صلاحية "حل" اتحاد الكرة، المحصن بلوائح الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا)، وقد يصل الأمر إلى إيقاف الكرة الإماراتية دولياً، في حال أقدمت السلطات الحكومية على التدخل بالشؤون الرياضية وحلّ الهيئات المنتخبة.

وفيما يبدو أنه استعداد لما بعد مرحلة مروان بن غليطة، بدأت وسائل إعلام إماراتية تداوُل اسم عارف العواني، الأمين العام الحالي لمجلس أبوظبي الرياضي، من أجل تولي رئاسة اللجنة المؤقتة التي ستتولى إدارة شؤون اتحاد الكرة، بعد رحيل المجلس الحالي.

ما علاقة محمد بن زايد؟

قد تبدو الأزمة الحالية في الإمارات "أزمة رياضية بحتة"، لكنها تخفي وراءها خيبة أمل كبيرة أصابت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد؛ إذ كشف حساب "بدون ظل"، الذي يُعرّف نفسه على موقع التغريدات القصيرة "تويتر"، بأنه ضابط في جهاز الأمن الإماراتي، أن بن زايد عنّف رئيس اتحاد الكرة الإماراتي، مروان بن غليطة، قبل مواجهة قطر.

وشدد بن زايد قبل المباراة، على أنه لن يقبل من "أرفع مسؤول بالكرة الإماراتية" أي عذر مهما كان في حال فوز القطريين على الإماراتيين، مطالباً إياه بضرورة تحقيق الفوز بأي ثمن، في البطولة القارية الأبرز على مستوى المنتخبات بالقارة الصفراء.

وفي 29 يناير الماضي، عاد الحساب ذاته للتغريد مرة ثانية، مؤكداً أن "وقت بن غليطة في رئاسة اتحاد الكرة قد انتهى"، حيث تشير التحركات الحالية إلى أنها استجابة فعلية لأوامر بن زايد، وفق متابعي الشأن الرياضي في الإمارات.

وإن كان حساب "بدون ظل" مجهولاً ولا يمكن التأكد من هوية صاحبه، فإن تغريدات المسؤول الأمني البارز في شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، تؤكد أن النية السائدة حالياً هي إجبار "بن غليطة" ومجلس إدارته على الرحيل.

وعقب الخسارة الكبيرة أمام قطر، كشف المسؤول الأمني المثير للجدل أن التخطيط الرياضي المستقبلي في الإمارات "مفقود"، مطالباً "بن غليطة" بالاستقالة من منصب رئاسة اتحاد الكرة، في ظل توليه منصبين بآنٍ معاً، في إشارة منه إلى ضرورة تفرُّغه للمنصب الآخر الذي يشغله، وهو نائب أول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي.

وكانت الجماهير الإماراتية قد طالبت بضرورة محاسبة المسؤولين الرياضيين والسياسيين عن "الفضيحة" التي شهدها استاد "محمد بن زايد"، في إشارة منها إلى "زلزال قطر الكروي بأبوظبي"، مشددة على ضرورة أن يطول الحساب جميع المقصرين، وعدم الاكتفاء برحيل المدرب الإيطالي ألبرتو زاكيروني، الذي أعلن انتهاء مهمته بعد الهزيمة المدوية.

يُذكر أن منتخب الإمارات عانى بشدة خلال النسخة الآسيوية الأخيرة؛ إذ تصدّر مجموعته الأولى بعد عناء شديد تمثل بفوز على الهند (2-0)، وتعادلين أمام البحرين وتايلاند بنتيجة (1-1)، ثم احتاج للأشواط الإضافية من أجل عبور قيرغيزستان المتأهلة ضمن أفضل المنتخبات التي احتلت المركز الثالث (3-2).

ونجح الإماراتيون في إقصاء أستراليا بصعوبة في ربع النهائي بهدف دون رد، قبل السقوط المذلّ أمام قطر برباعية نظيفة، وهي القشة التي قصمت الكرة الإماراتية.

وجاء إنجاز قطر في وقت تفرض فيه الإمارات والسعودية والبحرين حصاراً خانقاً على الدوحة، وهو ما تفسره الأخيرة بـ"رغبة من أركان الحصار في فرض الوصاية عليها، والسيطرة على قرارها الوطني المستقل".