ناصر بدر العيدان- الراي الكويتية-
في مقال سابق تساءلت عن سبب قيام عمَّان بدور الوساطة أو "جسر" التواصل مع إيران، وسرعان ما وجدت الإجابة الشافية من خلال اللقاء التلفزيوني الذي قام به وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي على قناة "بي بي سي". هذا الوزير الذي يعتبر مهندس السياسة الخارجية العمانية، وعميد الديبلوماسية القادم حيث يتقلد هذا المنصب منذ العام 1997، وكان قبلها درس وعمل في الكويت. في هذا اللقاء، أو قل المكاشفة، فتح معاليه ملفات عدة وكشف عن ألغاز سياسية تحيط بالمنطقة، أهمها علاقة عمان مع الجارة إيران.
في البداية لابد أن نجيب عن اللغز، لماذا سلطنة عمان دائماً ما تلعب دور الوساطة، الذي كان واضحاً في الاتفاق النووي؟ تعود الاجابة عن هذا التساؤل إلى حادثة احتجاز السلطات الإيرانية للأميركية سارة شورد في العام 2009، حيث كانت تمارس رياضة التسلق على الجبال في إيران، وتم القبض عليها بتهمة التجسس، وحاولت الإدارة الأميركية وقتها كل الجهود مع الرئيس المتشدد أحمدي نجاد ولا جدوى، وحين طلب الأميركيون من العمانيين التوسط لإطلاق سراحها، استجاب الإيرانيون بعد دفع كفالة قدرها نصف مليون دولار.
وبعد هذه الحادثة، انتبهت الولايات المتحدة لهذه العلاقة "الخاصة" بين عمان وإيران، وفي صريح العبارة قال الوزير العلوي إن العلاقة مع الولايات المتحدة "متميزة" كما أكد ذلك وزير الخارجية الأميركي حين قال في العام 2014: "عمان تساهم في الحوار وأميركا ممتنة لذلك!"، وهذا يؤكد نوعاً ما الفرضية التي خلصنا إليها في المقال السابق في أن الدور العماني في المفاوضات بين فرقاء المنطقة يأتي بدعم غربي أميركي.
وهنا يأتي حل اللغز الذي أشغل الخليجيين، ويأتي تفسير الدور العماني المنفرد في كثير من القضايا المتعلقة في إيران: الاتفاق النووي، القضية السورية. ويعاد تكرار السؤال في قضية الاتحاد الخليجي: لماذا تتردد السلطنة عن الموافقة على الاتحاد مع دول الخليج؟ هل لإيران دور في ذلك؟ هذا لغز آخر، فهل يا ترى لأميركا والغرب دور في ذلك، كما كان دورها في طلبها ان تتوسط عمان في القضايا الإيرانية؟
أظن نعم، فبقاء السلطنة في هذا الشكل المستقل يعطيها تلك الصفة المحايدة التي تقبل بها الدول المعارضة لدول الخليج، إيران وسورية والحوثيون كمثال. إن السلطنة بذلك تعطي عن نفسها انطباعاً مميزاً لدى الدول العظمى، هي ربما تريد أن تكون مهندسة اللقاءات والتوافقات في المنطقة ككل كونها بلداً محايداً، وهذا –ربما- أكبر من أن تخسره دولة من أجل الاتحاد الخليجي.