دول » قطر

مع بدء إنتاج توسعة حقل الغاز بقطر.. تحولات مرتقبة في سوق الطاقة العالمية

في 2025/08/22

عمر محمود – الدوحة – الخليج أونلاين

مع اقتراب بدء الإنتاج الفعلي للغاز الطبيعي المسال من مشروع توسعة حقل الشمال القطري، منتصف عام 2026، تتزايد التساؤلات حول حجم التأثير المتوقع لهذه القفزة الإنتاجية على محورين رئيسيين.

المحور الأول، هو أن الاقتصاد القطري الذي يترقب نمواً غير مسبوق في الإيرادات، والثاني هو السوق العالمية للغاز المسال التي قد تشهد تغيرات جوهرية في موازين العرض والطلب وسط منافسة متصاعدة، خاصة بعد دخول الولايات المتحدة بقوة خلال العامين الماضيين.

ووفقاً للخطط المعلنة، سترفع التوسعة الجديدة الطاقة الإنتاجية القطرية من 77 مليون طن سنوياً إلى نحو 110 ملايين طن بحلول 2026، مع استهداف الوصول إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول 2027، في خطوة تصنف كتحول استراتيجي يعيد ترسيخ مكانة قطر كأحد أبرز اللاعبين على خريطة الطاقة العالمية.

ومن المتوقع أن تمكن هذه الزيادة قطر من الاحتفاظ بموقعها كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم، بحصة سوقية تقدر بنحو 30% بحلول عام 2030.

وفي الوقت نفسه تمضي الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمتلك احتياطيات هائلة من الغاز، نحو بلوغ ذروة إنتاجها عند نحو 6.3 مليارات قدم مكعبة وذلك مع اقتراب تشغيل 3 منشآت جديدة، والتي ستزيد قدرتها التصديرية بنسبة تصل إلى 50%.

ومع هذا الزخم المتزامن في الإنتاج العالمي، تتجه السوق نحو منافسة حادة بين كبار المنتجين خلال العقد المقبل، وهو ما قد يفرض ضغوطاً على صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال، رغم كونها الكبرى عربياً والأكثر تأثيراً في موازين تجارة الطاقة.

القفزة الإنتاجية

الخبير الاقتصادي يوسف أبو حليقة، أوضح أن الزيادة الملموسة في الطاقة التسييلية لقطر ستشكل نقطة تحول في سوق الغاز المسال العالمي، خاصة مع دخول المرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال، منتصف 2026.

وأضاف في حديثه لـ "الخليج أونلاين": "القفزة الإنتاجية، المدعومة بعقود توريد طويلة الأمد أبرمتها قطر، خلال العامين الماضيين، مع أسواق أوروبية وآسيوية، ستوفر استقراراً في الإيرادات وتحدّ من المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسعار".

كما أكد أبو حليقة أن "التأثير على الأسعار سيعتمد على تزامن هذه الزيادات مع نمو الطلب العالمي، لكن في حال دخول كميات أخرى من الولايات المتحدة وأستراليا مع تباطؤ الطلب، فقد نشهد فائضاً نسبياً يؤدي إلى ضغوط سعرية، وإن كان في إطار مقبول للسوق".

وفيما يخص قدرة الأسواق الأوروبية والآسيوية على استيعاب الكميات الإضافية من قطر، بين أبو حليقة أن "أوروبا رفعت قدراتها الاستيعابية عبر بناء محطات استقبال وتخزين جديدة، ما يسمح بامتصاص جزء كبير من الإمدادات القطرية، خاصة في ظل تراجع الإمدادات الروسية".

ويوضح أن "الأسواق الآسيوية، وعلى رأسها الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا، تظل أكثر قابلية للنمو وامتصاص أي زيادات في المعروض، بسبب استمرار توسع الطلب على الطاقة هناك".

ويشير إلى أن "قطر تتميز في هذه الأسواق بعقود طويلة الأمد وضمانات توريد مستقرة، وهو ما يمنحها أفضلية على بعض الإمدادات الأمريكية التي غالباً ما تتسم بالمرونة السعرية، والإمدادات الروسية التي تظل رهينة اعتبارات جيوسياسية".

وحول كلفة إنتاج الغاز القطري مقارنة ببدائل العالم، نوّه أبو حليقة بأن "كلفة الإنتاج في قطر تعد من الأدنى عالمياً، بفضل حجم وخصائص حقل الشمال، إضافة إلى اقتصاديات الحجم المتحققة من البنية التحتية العملاقة للتسييل والنقل".

ويعتبر أن "هذه الميزة تمنح قطر قدرة تنافسية عالية في تأمين عقود طويلة الأجل بأسعار جاذبة للأسواق المستوردة".

وعن مدى استفادة الاقتصاد القطري من هذه الزيادة في الإنتاج أكد الخبير الاقتصادي يوسف أبو حليقة أن التوسعة الجديدة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال ستشكل رافعة قوية للاقتصاد القطري، ليس فقط عبر زيادة الإيرادات الحكومية المباشرة، بل أيضاً من خلال تنشيط القطاعات المرتبطة بالطاقة مثل النقل البحري، والخدمات اللوجستية، والصناعات التحويلية.

ويضيف أن "العقود الطويلة الأمد التي وقّعتها قطر مع شركاء في أوروبا وآسيا ستوفر تدفقات نقدية مستقرة على مدى سنوات، ما يدعم خطط الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والمشاريع التنموية".

واختتم أبو حليقة تصريحه بتأكيد أن "النمو في العوائد سيعزز الفوائض المالية، ويمنح قطر قدرة أكبر على تعزيز صندوقها السيادي، ومن ثم تنويع استثماراتها العالمية بما يحصن الاقتصاد ضد تقلبات أسواق الطاقة".

مراحل التوسعة

يتكون مشروع التوسعة من ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى – المنطقة الشرقية: تضم أربعة خطوط إنتاج عملاقة بطاقة 8 ملايين طن سنوياً لكل خط، بإجمالي 32 مليون طن.

المرحلة الثانية – المنطقة الجنوبية: تشمل خطين إضافيين بطاقة إجمالية تبلغ 16 مليون طن سنوياً.

المرحلة الثالثة – المنطقة الغربية: ما تزال قيد التطوير، ومن المتوقع أن تضيف هي الأخرى 16 مليون طن سنوياً عند اكتمالها.

وتبلغ قيمة استثمارات المشروع نحو 82.5 مليار دولار، تتحمل "قطر للطاقة" منها ما يقارب 59 مليار دولار، بمشاركة مجموعة من كبريات شركات الطاقة العالمية، من بينها: إكسون موبيل، وتوتال إنرجيز، وشل، وإيني، وكونوكو فيليبس، وسينوبك.

ووقّعت قطر سلسلة اتفاقيات توريد طويلة الأمد مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية، أبرزها: ألمانيا، وفرنسا، وهولندا، والصين، والهند، بما يعزز استقرار إمدادات الطاقة للأسواق العالمية، ويضمن منافذ تصدير مستقرة لعقود مقبلة.