خالد ناصر محمد البلوشي- البيان- من أهم ما يسم ُالسياسة الخارجية الإماراتية في السنوات الأخيرة، تبنيها لقضايا جديدة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والتطرف، ومتابعتها دوراً قيادياً، على المستويين الإقليمي والعالمي، في معالجتها.
فقد كانت الإمارات من أولى الدول التي انضمت إلى التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش في العراق وسوريا في سبتمبر 2014، وانخرطت طائراتها الحربية في ضرب معاقل التنظيم الإرهابي هناك.
وتُعد الإمارات عضواً فعّالاً في الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب، من خلال عضويتها المؤسِسة في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب منذ انطلاقه في نيويورك، في سبتمبر 2011. ويركز المنتدى متعدد الأطراف اهتمامه على الوقوف على الاحتياجات المدنية لمكافحة الإرهاب وتأمينها، وتعزيز التعاون العالمي في هذا المجال. وتترأس الإمارات، بالمشاركة مع بريطانيا، إحدى مجموعات العمل الخمس التي يضمها المنتدى، وهي مجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف.
اتساقاً مع هذه السياسة الديناميكية تجاه الإرهاب الدولي، أصدر مجلس الوزراء، في نوفمبر 2014، قائمة بالجماعات والتنظيمات الإرهابية حول العالم ضمت 85 جماعة وتنظيماً في أكثر من 35 دولة في قاراتٍ أربع. وجاء قرار مجلس الوزراء أيضاً تطبيقاً لـ«قانون مكافحة الإرهاب»، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في أغسطس من العام نفسه.
وقد أصبح من الواضح أن تحرك الإمارات إقليمياً ودولياً لا يقتصر على قضية الإرهاب فقط، التي تمثل قضية محورية بالنسبة لها، وإنما يمتد أيضاً إلى قضية التطرف التي تُمثل الأساس الفكري للجماعات الإرهابية،وتُدرك قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أنّ التطرف ظاهرة عالمية متعدية الحدود، لا تقتصر على الدول العربية.
في هذا الصدد، تستضيف أبوظبي مركز «هداية» للتدريب والحوار والبحوث في مجال مكافحة التطرف العنيف، الذي تم تدشينه في ديسمبر 2012، وهو مركز تميز دولي متعدد الأطراف أول من نوعه في هذا المجال. وقد جاء تأسيس المركز بمبادرة إماراتية في الاجتماع الأول للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
كما تستضيف دولة الإمارات، منذ العام 2014، وبشكلٍ سنوي، منتدى «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، الذي يشارك في فعالياته مئات من العلماء والمفكرين الإسلاميين من مختلف دول العالم،ويستهدف المنتدى تجديد الخطاب الديني «ليكون عقلانياً متزناً ونابعاً من حاجات الإنسان»، ومواجهة موجة التطرف والفتن.
ومن أحدث المبادرات الرائدة لدولة الإمارات لمكافحة التطرف في العالم هو تأسيس «مركز صواب» بأبوظبي، في 8 يوليو الجاري، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، ترفد التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي بدعمٍ إلكتروني أساسي. وسوف «يشكل مركز صواب بداية لاستعادة الفضاء الإلكتروني وتطهيره من المتشددين وفكرهم المتطرف»، وفقاً لمعالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، الذي أطلق المبادرة، بالمشاركة مع ريتشارد ستنجل، وكيل وزارة الخارجية الأميركية للدبلوماسية العامة والشؤون العامة.
وسيعمل «مركز صواب» على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل مواجهة «التسميم السياسي» و«الديني» الذين يُروجهما أعضاء تنظيم «داعش» وأنصاره، وإتاحة مجال أوسع للأصوات المعتدلة للتواصل مع مجتمعات الإنترنت، التي غالباً ما تكون فريسة سهلة لدعاة الفكر المتطرف.
بعبارةٍ محددة، سيعمل المركز مع عامة الناس وأصحاب المصلحة، ولاسيما الدول أعضاء التحالف الدولي ضد داعش، من أجل دحض أفكار التنظيم الإرهابي، التي تقوم في جوهرها على الكراهية والتعصب، وعلى إبراز ونشر القيم الحقيقية للإسلام، التي تنهض على الاعتدال والوسطية والتسامح