في 2025/08/22
طه العاني - الخليج أونلاين
في خطوة تعكس عمق الشراكات الخليجية وتوجهات التكامل في مجال الطاقة، دخلت شركة "أكوا باور" السعودية في تحالف استراتيجي مع مؤسسة الخليج للاستثمار لتنفيذ مشروع ضخم لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في الكويت.
ويمثل المشروع المشترك الجديد دفعة قوية للبنية التحتية للطاقة في الكويت، ويجسد رؤية إقليمية قائمة على الاستثمار المشترك لتعزيز أمن الإمدادات وتلبية الطلب المتنامي.
مشروع الزور
يمثل توقيع وثيقة الالتزام بين هيئة مشروعات الشراكة في الكويت والتحالف الذي تقوده "أكوا باور" نقطة تحول في مسار تطوير البنية التحتية للكهرباء والمياه.
ويشكل مشروع الزور الشمالية في مرحلتيه الثانية والثالثة إحدى أكبر المبادرات الاستثمارية في قطاع الطاقة الكويتي خلال السنوات الأخيرة، ويأتي في إطار استراتيجية الدولة لتعزيز أمن الإمدادات ورفع كفاءة منظومة الكهرباء والمياه.
ويعتمد المشروع على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث وقعته هيئة مشروعات الشراكة كوثيقة التزام مع تحالف تقوده "أكوا باور" السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار، وبدعم تمويلي من مجموعة من البنوك المحلية والعالمية، بتكلفة إجمالية تتجاوز مليار دينار كويتي (أكثر من 3.2 مليارات دولار).
وفي معرض تعليقه على الاتفاقية قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الخليج للاستثمار إبراهيم علي القاضي: "نعتز بالمساهمة في تطوير مشاريع بنى تحتية استراتيجية في الكويت، وذلك من خلال تطوير مشروع محطة الزور الشمالية الثانية والثالثة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه".
وبيّن القاضي في تصريحات نشرها الموقع الرسمي لـ"أكوا باور"، في 10 أغسطس 2025، أن هذا المشروع يعد أحد أهم الاستثمارات النوعية، حيث سيجري استخدام أحدث التقنيات وأعلى المعايير العالمية لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.
وأعرب عن التزام مؤسسة الخليج للاستثمار بالمساهمة في ضمان توفير الموارد الكهربائية والمائية المستدامة بتكلفة اقتصادية تنافسية لتعزيز مسيرة الازدهار الاجتماعي والاقتصادي بالكويت.
وبموجب الاتفاق، سيتولى التحالف الفائز مسؤولية تصميم وتمويل وبناء وتشغيل وصيانة المشروع، إضافة إلى تحويله لاحقاً إلى الجانب الحكومي بعد فترة الامتياز، بحسب وكالة "رويترز".
ويأتي المشروع كمرحلة ثانية وثالثة لمجمع الزور، بطاقة إنتاجية لا تقل عن 2700 ميغاواط من الكهرباء، وقدرة تحلية تصل إلى 20 مليون غالون يومياً، وهو ما يعادل ضعف الطاقة التي تحققت في المرحلة الأولى.
من جانبه قال نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "أكوا باور" رعد السعدي: "إن هذا الاستثمار يؤكد التزامنا برؤية النمو التي تتبناها الدولة، وفي الوقت ذاته نتطلع إلى نقل خبراتنا المستمدة من محفظة مشاريعنا المتنوعة حول العالم، وتطبيق معرفتنا في نموذج البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT)، بالتعاون الوثيق مع شركائنا في الكويت".
وأضاف السعدي: "سنعمل معاً على تعزيز توفير الكهرباء والمياه بشكل موثوق ومستدام فيها، بما يدعم جهودنا المشتركة نحو التحول في قطاع الطاقة وضمان أمن المياه".
وتبرز أهمية هذا المشروع في كونه لا يقتصر على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة والمياه فحسب، بل يمثل أيضاً نموذجاً ناجحاً للتكامل الاقتصادي الخليجي، إذ يجمع بين خبرة الشركات السعودية في تطوير مشروعات البنية التحتية، والدور الكويتي في توفير بيئة استثمارية جاذبة للمشاريع العملاقة.
كما يعكس المشروع التوجه الإقليمي نحو توظيف الشراكات الاستراتيجية لزيادة الاعتماد على مصادر طاقة أكثر كفاءة، وتحقيق استدامة طويلة الأمد في الخدمات الأساسية.
نموذج رائد
ويؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي أن الشراكة بين "أكوا باور" السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار الكويتية تعكس صورة متقدمة للتكامل الاقتصادي الخليجي.
ويوضح العبسي في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن هذا التعاون يجمع بين الخبرات الفنية والقدرات الاستثمارية من عدة دول لتقديم نموذج رائد في المشاريع المشتركة، ما يعزز الترابط الاقتصادي بين دول المجلس.
وأضاف أن مشروع الزور يُعد من أهم المشاريع الاستراتيجية للكويت؛ لكونه يضمن استقرار إمدادات الكهرباء والمياه على المديين المتوسط والبعيد.
كما يشير إلى أن المشروع يمثل إضافة نوعية تعزز القدرة الإنتاجية للدولة وتقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، بما يتماشى مع سياسات الكويت لتأمين احتياجاتها الحيوية بكفاءة عالية.
ويرى أن صفقة "أكوا باور" الأخيرة للاستحواذ على حصص استراتيجية في مشروع الزور عززت مكانة الشركة إقليمياً ودولياً، ورسخت حضورها كأحد أبرز اللاعبين في قطاعي الطاقة والمياه.
ولفت العبسي إلى أن هذه الخطوة تعكس ثقة المستثمرين بقدرة "أكوا باور" على إدارة وتشغيل المشاريع العملاقة وفقاً لأعلى معايير الكفاءة والاستدامة.
ويردف بالقول بأن مشاريع "أكوا باور" تضع البعد البيئي والاستدامة في صميم عملياتها، حيث تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية عبر إدخال حلول طاقة أكثر كفاءة.
ويبين أن هذه المشاريع تعمل على تحسين كفاءة استهلاك الموارد المائية من خلال تطبيق أحدث تقنيات التحلية، وهو ما ينسجم مع الأهداف الوطنية والإقليمية لمكافحة التغير المناخي.
توسع استراتيجي
وفي سياق تعزيز حضورها الإقليمي وتوسيع محفظتها الاستثمارية في قطاعي الكهرباء والمياه، أبرمت "أكوا باور" السعودية، في 18 فبراير 2025، اتفاقية كبرى للاستحواذ على أصول لتوليد الطاقة بنظام الدورة المركبة وتحلية المياه، إضافة إلى شركات التشغيل والصيانة المرتبطة بها، في كل من الكويت والبحرين، من شركة تابعة لـ"إنجي" الفرنسية.
وتبلغ القدرة الإجمالية للأصول المستهدفة 4.6 غيغاواط من الكهرباء و1.114 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، بقيمة صفقة تقارب 2.6 مليار ريال سعودي (693 مليون دولار).
وتشمل الصفقة استحواذ "أكوا باور" على حصص استراتيجية في عدد من المحطات المحورية، من بينها محطة الزور الشمالي في الكويت (18%)، ومحطات العزل (45%)، والدور (45%)، والحد (30%) في البحرين.
كما ستمتلك الشركة حصصاً كبيرة في كيانات التشغيل والصيانة، ومن ضمنها 50% من شركة تشغيل وصيانة الزور الشمالي و100% من شركة تشغيل وصيانة محطة العزل، ما يمنحها سيطرة أوسع على إدارة وتشغيل هذه الأصول الحيوية.
وتبرز أهمية هذه الخطوة في كونها تمثل دخول "أكوا باور" المباشر إلى السوق الكويتية عبر الاستحواذ على حصة في محطة الزور الشمالية، إلى جانب تعزيز موقعها في البحرين، بما يرسخ مكانتها كأكبر منتج للمياه المحلاة في العالم ولاعب رئيسي في سوق توليد الطاقة الإقليمي.
وتعكس الصفقات أيضاً نهج الشركة في تنويع مصادر الإيرادات، وتعزيز التدفقات النقدية المستقرة من خلال عقود طويلة الأجل، مع ضمان التشغيل الأمثل للأصول عبر فرق إدارة وصيانة متخصصة.
ويمثل هذا التوسع امتداداً لرؤية الشركة في بناء شبكة أوسع من المشروعات المترابطة خليجياً، ما يمنحها ميزة تنافسية في أسواق الطاقة والمياه، ويعزز قدرتها على الاستفادة من فرص التكامل الإقليمي في البنية التحتية والخدمات الحيوية.