علاقات » اسرائيلي

مع إعلان العدو طموحه بـ إسرائيل الكبرى .. الإمارات تكمل تطبيعها وصولًا إلى العسكر

في 2025/08/15

(أحمد شوقي / راصد الخليج)

على الرغم من تمادي "إسرائيل"، في استكبارها وإجرامها وإعلانها صراحة بدء الخطط في احتلال قطاع غزة، وعلى الرغم من تصريحات بنيامين نتنياهو الخطيرة في تبنيه خطة "إسرائيل الكبرى"، وانتقاد الأنظمة العربية وإدانتها لهذه التصريحات، إلا أن قطار التطبيع الإماراتي لم يتوقف؛ وفؤجئنا بتقارير تتحدث عن تطورات خطيرة على مستوى التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي.

ما يثير الاستغراب أكثر؛ أن الإمارات نفسها أدانت "بأشد العبارات" تصريحات نتنياهو في طموحه لتحقيق "أسرائيل الكبرى"، وما بدا في المرحلة الأخيرة أنه توتر في العلاقات على خلفية رفض وجود السفير الإسرائيلي في الإمارات بسبب سلوكه وتصرفاته المشبوهة، إلا أن كل هذا يبدو ستارا لتعميق التطبيع ووصوله إلى مستويات كبرى تجاوزت التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي، لتدخل نطاق التطبيع العسكري والدفاعي.

هذا؛ وقد نشر معهد واشنطن، وهو من أكبر وأعرق المراكز الاستراتيجية الأمريكية، تقريرا كاشفا هذا التطبيع الدفاعي. تقارير تتتحدث عن صفقة بين مجموعة "إيدج" الإماراتية وشركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية لشراء طائرات من دون طيار من طراز "هرميس 900 "، بما في ذلك نقل التكنولوجيا والإنتاج المحلي، وأنها ستكون أول شراكة صناعية دفاعية كبرى بين "البلدين"؛ بحسب تعبيرها.

قالت هذه التقارير إن الصفقة إذا أبرمت، فستشكل خطوة مهمة في تعميق التوافق الاستراتيجي والتعاون الدفاعي والردع الإقليمي، ما قد يغير التوازن الجيوسياسي في منطقة الخليج. وبالطبع فضحت هذه التقارير بأثر رجعي ما جرى تنسيقه في إطار الدفاع مع "إسرائيل"، خلال المرحلة الأخيرة، حيث تشكلت تحالفات متعددة الأطراف للدفاع الجوي، وأصبحت عنصرًا أساسيًا في المشهد الدفاعي، في منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط) بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث تتشارك الدول معلومات الرادار والاستخبارات والإنذار المبكر.
 
المتابع للتطبيع الإماراتي- الإسرائيلي يلاحظ جدية كبرى ما لا ترتبط بالأزمات ولا بحرب الإبادة في غزة، ولا بسلوك "إسرائيل" وتعنتها وتجاهلها للقوانين الدولية؛ وحتى الإدانات العربية، بما فيها الخليجية.

إذ، منذ العام 2020،عملت الإمارات و"إسرائيل" بثبات على ترسيخ علاقاتهما الدبلوماسية والاقتصادية المطبعة، وتوسيعها لتشمل المجال الأمني، متجاهلة حرب الإبادة ومخطط التهجير الصريح. وفي أبريل/ نيسان 2025، أرسلت الإمارات طائرات مقاتلة من طراز "ميراج 2000– 9"  للانضمام إلى القوات الجوية الأمريكية والإسرائيلية في تدريبات متعددة الجنسيات في اليونان، في مؤشر على استمرار التعاون على الرغم من الحرب على غزة. 

كما قد اعترف معهد واشنطن بأن "البلدين"- أي "إسرائيل" والإماراات- يتبادلان المعلومات الاستخباراتية بشأن التهديدات المشتركة، ويعملان عبر منصة استخبارات مشتركة تسمى "كريستال بول"، تركز على تهديدات الأمن السيبراني.  ويبدو أن الأمر لم يقتصر على الإمارات وحدها؛ فقد أفادت التقارير التي نشرها المعهد بأن الدول الموقعة على الاتفاقيات الإبراهيمية شكلت نسبة 12% من صادرات "إسرائيل" الدفاعية، في العام 2024 وحده، وبلغت قيمتها نحو 15 مليار دولار. 

بالطبع تفتح مثل هذه الصفقات الباب لدول أخرى خليجية للسير في المسار الإماراتي نفسه، فقد قال الخبراء الاستراتيجيون الأمريكيون تعليقًا على هذه الصفقة وهذه التطورات إن هذه الشراكة تعكس عملية إعادة ضبط أشمل، تجري في المنطقة في أعقاب توقيع اتفاقيات "إبراهام"، حيث أدى التطبيع إلى تحقيق مكاسب ملموسة على المستويات الدبلوماسية والأمنية والصناعية. ويمكن لما يسمّونه "التعاون الدفاعي المتقدم"، بين شركاء أمنيين مقربين من الولايات المتحدة، أن يسهم في تسريع التكامل الدفاعي الإقليمي وتعميق العمل المشترك في مشاريع التكنولوجيا والمجالات الأخرى، وربما جذب شركاء إضافيين لتوسيع إطار الأمن في المنطقة. 

علاوة على ذلك، قد يتيح هذا التطبيع/التعاون تلبية احتياجات الإمارات وشركائها من المعدات والقدرات الدفاعية، بشكل أسرع وأكثر مرونة مقارنة بالاعتماد الحصري على مجموعة من الموردين. وهذا ما يؤكد أن التوترات المزعومة ليست إلا مجرد ستار لإخفاء هذه التطورات الخطيرة. وهي تقارير أخرى أفادت أنه وعلى الرغم من الأجواء المتوترة والتحذيرات الأمنية الصادرة من أعلى المستويات في تل أبيب، يواصل الإسرائيليون التوافد بكثافة إلى إمارة دبي في دولة الإمارات، متجاهلين تحذيرات السفر الرسمية، ومؤكدين في الوقت نفسه إنجذابهم إلى هذه الوجهة السياحية.

كما أشار موقع قناة “i24news” الإسرائيلية إلى أن هذا التوافد المتواصل يأتي بعد أيام فقط من بدء "إسرائيل" خطوات لإجلاء عدد كبير من بعثتها الدبلوماسية في أبوظبي، على خلفية مخاوف أمنية متزايدة وتهديدات قالت تل أبيب إنها تُمثل “خطرًا حقيقيًا” على حياة الإسرائيليين في الإمارات.

إنّ هذا الشذوذ الإماراتي عن إبجديات الأمن القومي العربي ينذر بتطورات خطيرة، في حال نشوب صراع إقليمي جديد، حيث تصبح معه الإمارات هدفًا مشروعًا لمن يحارب "إسرائيل". كذلك هو عبث بالأمن القومي الإماراتي والخليجي، ولا يليق بدولة استطاعت نيل مكانة عالمية يمكن توظيفها لخدمة الأمن القومي العربي بدلا من توظيفها لخدمة "إسرائيل الكبرى"، والتي تهدد بابتلاع المنطقة بما فيها الإمارات نفسها.