علاقات » اوروبي

لماذا يشكو الداعمون الاوربيون لفلسطين من ممارسات الامارات؟

في 2025/12/13

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

تتواتر الاخبار والتقارير والشهادات الصحفية عن دخول الامارات مرحلة جديدة من مراحل حرب النفوذ داخل أوروبا، عبر استخدام المنصات الإعلامية والمراكز البحثية ووكالات الاستخبارات الخاصة وشبكات الضغط اليمينية لشيطنة الإسلام السياسي، واستعداء الجاليات المسلمة، والأخطر من ذلك هو استهداف السياسيين من داعمي فلسطين.

وفي الفترة الأخيرة، توالت المؤشرات حول تصعيدٍ لافت في نشاط الشبكات المرتبطة بالإمارات في أوروبا، في سياق حملة نفوذ منظمة استهدفت الجاليات المسلمة، ومعها الجماعات المناهضة للإسلاموفوبيا، وكذلك الأحزاب اليسارية الداعمة لحقوق الفلسطينيين.

وفي احدث القضايا، اتهم زعيم حزب فرنسا الأبية (LFI) جان لوك ميلانشون أبوظبي بالوقوف وراء حملات تشويه ممنهجة تستهدف حزبه، على خلفية استطلاع رأي مثير للجدل حول المسلمين في فرنسا.

و ميلانشون معروف بمواقفه المعادية للتطرف اليميني ومشهور بدعمه للقضية الفلسطينية، وقد كتب على مدونته أن حزبه أصبح "هدفًا للإمارات"، معتبرًا أن الهجمات التي يتعرض لها ليست سوى جزء من عملية تأثير خارجية تهدف لتشكيل الرأي العام الأوروبي وصناعة سردية تربط الإسلام – وخاصة الإخوان المسلمين – بالتهديدات الأمنية، بما يخدم مصالح أبوظبي وتحالفاتها الإقليمية.

وفي يونيو الماضي، كشف موقع ميديا بارت الفرنسي عن استعداد جوردان بارديلا، رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، للقيام بزيارة رسمية إلى أبوظبي.

وذكر الموقع أن الزيارة، التي يجري الترتيب لها من قبل النائب الأوروبي عن الحزب تييري مارياني، تمثل تتويجًا لمسار ممتد من العلاقات بين الحزب والإمارات يعود إلى أكثر من عقد، وأنها تأتي في سياق سياسي واضح، وهو تعزيز موقع اليمين المتطرف الفرنسي على الساحة الدولية، وتقديم أبوظبي كحليف غير تقليدي مستعد لدعم الخطاب القومي المعادي للإسلام والمهاجرين.

ووفقًا للتقارير، فإن الإمارات تُنظر إليها داخل أروقة "التجمع الوطني" كشريك استراتيجي لفرنسا في مواجهة ما يسمونه "التطرف الإسلامي"، وهي عبارة تستخدم لتبرير سياسات تمييزية ضد المسلمين في أوروبا.

كما تم نشر عدة شهادات لصحفيين وباحثين، كالباحث البريطاني أندرياس كريغ، والذي قال أن الإمارات تربط الإسلام بالإرهاب في أوروبا لتبرير سحق المعارضة السياسية ذات الخلفية الإسلامية، وتبرير الممارسات القمعية لأي نشاط سياسي في الإمارات، وتروج للإسلاموفوبيا من خلال شبكات نفوذها في الغرب. 

وانتقد كريغ ما وصفه بتدخل الإمارات في نشر الروايات المعادية للإسلام في الأوساط الأوروبية، وذلك تعليقًا على مشاركة وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد مادة صحفية من موقع "سبكتاتور" زعمت أن "التطرف الإسلامي هو التهديد الأول للمملكة المتحدة"، واتهمت السلطات البريطانية بعدم فعل ما يكفي لمنع التطرف الإسلامي المحتمل، رغم أنها بنفس الوقت تتفاعل عندما يكون المجرم يمينيًا متطرفًا.

وفي وقت سابق، حرَّض الوزير الإماراتي على المساجد في الدول الغربية حيث ربطها بالهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم الدولة (داعش) في دول أوروبية خلال السنوات الماضية، وحذَّر الأوروبيين من أن "الإسلام الراديكالي سينمو في أوروبا"، لأن سياسيي أوروبا لا يرغبون في اتخاذ قرار صحيح بعدم التسامح معهم بدعوى حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية. 

وتعود هذه السياسة الاماراتية لسنوات عديدة سابقة، حيث قال ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في 9 مارس 2015 أنه "يتعين على المجتمع الألماني أن يكون متيقظًا لمَنْ يخطب في المساجد وماذا يخطب، لا يجوز أن يكون خطباء من باكستان أو أي دولة أخرى في الأرض هم الخيار الوحيد أمام المسلمين في ألمانيا".

وفي ذات السياق، صرح وزير التسامح الإماراتي نهيان مبارك آل نهيان، في 14 نوفمبر 2017، بتصريحات محرضة على مراقبة المساجد في الغرب، زاعمًا أن اعتناق المسلمين للفكر المتطرف في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا، ووقوع هجمات إرهابية هناك، جاء بسبب غياب الرقابة الكافية على المساجد والمراكز الإسلامية في أوروبا.

وقد كشفت تحقيقات أوروبية عن شبكة نفوذ وتجسس تعمل لصالح الإمارات في أوروبا وخصوصًا فرنسا، وتستهدف خصوم ومعارضي أبو ظبي، واستخدمت هذه الشبكة للتأثير على مناقشات قانون مكافحة التطرف، الذي يخدم مصالحها ضد تيارات الإسلام السياسي، وكشفت التحقيقات عن سعي إماراتي للتجسس على المواطنين الأوروبيين المسلمين، وتفكيك الشبكات الإسلامية في أوروبا، وعن تعاون بين أبو ظبي ومقربين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشجيع الأخير على محاربة الجمعيات الإسلامية في فرنسا، وتقديم تقارير للداخلية الفرنسية حول منظمات مرتبطة بها.

وبين عامي 2017 و2020، أنشأت شركة "ألب سيرفيسيز" ملفات عن أشخاص من 18 دولة أوروبية و400 منظمة، كان من بينهم 80 منظمة و116 فردًا مدرجين من بلجيكا، من بينهم زكية الخطابي، وزيرة البيئة والاستدامة الفيدرالية في البلاد، وهناك أكثر من 200 شخص و120 منظمة من فرنسا على القائمة المسربة أيضًا.

وهنا لسنا بصدد الدفاع عن الاخوان المسلمين او التيارات التكفيرية، ولكننا بصدد هجوم اماراتي يفتقد التمييز بين التيارات السياسية والجاليات المسلمة وبين التوجهات السياسية المتباينة مع الامارات وبين دعم القضية الفلسطينية، وهو خلط بين النفوذ الاماراتي وتدعيم مكانة السلطة ضد معارضيها وبين قضايا الامة ولاسيما قضيتها المركزية المتمثلة في قضية فلسطين.

وهي دعوة موجهة لسلطات الامارات للفصل بين سياستها تجاه معارضيها والامن القومي العربي ووصول الدعم للقضية الفلسطينية الى قلب اوربا عبر الجاليات المسلمة وشرفاء اوربا الذين التحقوا بهذه الجاليات، حتى لا تتحول مواقف الامارات من مواقف سلطوية متعارف عليها للتمكين من السلطة ومد النفوذ الى سياسات خيانية تخدم الاستعمار والصهيونية العالمية.