في 2025/11/06
طه العاني - الخليج أونلاين
يشهد الطلب على تأشيرة "شنغن" الأوروبية تنامياً ملحوظاً في منطقة الخليج، في ظل اتساع حركة السفر والسياحة والتعليم والاستثمار نحو القارة الأوروبية.
وتمثل هذه التأشيرة بوابة رئيسية لأكثر من 450 مليون شخص للتنقل داخل 29 دولة أوروبية دون قيود حدودية، ما جعلها إحدى أبرز مؤشرات الانفتاح الدولي والتقارب الاقتصادي والثقافي.
وفي هذا الإطار تعكس بيانات الاتحاد الأوروبي الأخيرة تغيراً لافتاً في خريطة السفر الخليجي، مع تصدر المواطنين السعوديين قائمة الحاصلين على تأشيرات "شنغن" لعام 2024، بما يبرز مكانة المملكة كأكبر سوق سياحي خليجي متجه إلى أوروبا خلال العام الماضي.
تفوق سعودي
وأظهرت إحصاءات المكتب الإعلامي للاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي نقلتها صحيفة الاقتصادية السعودية في 23 أكتوبر 2025، أن السعوديين تصدروا قائمة مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الحاصلين على تأشيرات "شنغن"، بعد حصولهم على 470,888 تأشيرة خلال عام 2024.
وبفارق واسع جاءت الكويت في المرتبة الثانية بـ 157.79 ألف تأشيرة، تلتها قطر بـ86.5 ألفاً، ثم سلطنة عُمان بـ39.3 ألفاً، وأخيراً البحرين بـ21.17 ألف تأشيرة.
في المقابل يتمتع مواطنو دولة الإمارات العربية المتحدة بإعفاء من تأشيرة "شنغن" لمدة تصل إلى 180 يوماً سنوياً، وهو ما يفسر غيابهم عن الإحصاءات المباشرة.
ووفق البيانات ذاتها، بلغ إجمالي عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني دول الخليج 775.68 تأشيرة، خلال العام الماضي، استحوذ السعوديون منها على نحو 60.7%، وهو ما يؤكد حجم النشاط السياحي المتجه من المملكة إلى أوروبا واتساع قاعدة الراغبين في السفر لأغراض الترفيه أو التعليم أو العلاج.
كما تأتي هذه الأرقام بالتزامن مع قرار المفوضية الأوروبية، في أبريل الماضي، منح مواطني مجلس التعاون الخليجي تأشيرات "شنغن" متعددة الدخول لمدة خمس سنوات، في خطوة اعتُبرت تعزيزاً للعلاقات الثنائية وتيسيراً لحركة الأفراد والأعمال بين الجانبين.
وتشير هذه المعطيات إلى أن تصدر السعوديين لا يرتبط فقط بارتفاع القدرة الشرائية أو قوة العملة المحلية، بل أيضاً بتنامي الانفتاح الاجتماعي وزيادة الرغبة في اكتشاف وجهات جديدة بعد توسع شبكة الطيران المباشر بين المدن السعودية والعواصم الأوروبية.
انفتاح أوروبي
ويُعدّ اعتماد تأشيرة "شنغن" لخمس سنوات لمواطني مجلس التعاون الخليجي نقطة تحوّل في العلاقة بين الجانبين، إذ ألغى القرار الأوروبي التعقيدات السابقة التي كانت تفرض على المسافرين الخليجيين والتي تشمل تجديد التأشيرة كل عام أو ثلاث سنوات في أحسن الأحوال.
كما يتيح النظام الجديد فرص سفر أكثر مرونة تمتد لـ5 سنوات متتالية، ما يجعل تجربة السفر إلى أوروبا أقرب إلى الإعفاء الكامل من التأشيرة خلال فترة صلاحيتها.
وأوضح سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية كريستوف فارنو، في تصريحات لصحيفة الاقتصادية، في 22 أكتوبر 2025، أن تطبيق النظام الخماسي "يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي".
كما أكد أنه سيسهم في زيادة تدفقات السياحة والعائدات الأوروبية، في إشارة إلى اعتماد بروكسل سياسة انفتاح أوسع تجاه الشركاء الخليجيين.
ويرى فارنو أن هذا النوع من التأشيرات الطويلة الأجل "يمنح حامليها حقوق سفر داخل منطقة شنغن تضاهي تقريباً تلك التي يتمتع بها المواطنون المعفون من التأشيرة"، ما يعكس درجة الثقة المتبادلة والاهتمام الأوروبي بتسهيل حركة المواطنين السعوديين والخليجيين في القارة.
وتُظهر بيانات الاتحاد الأوروبي ارتفاعاً مستمراً في الطلب على تأشيرات شنغن، مع إصدار أكثر من 9.7 ملايين تأشيرة العام الماضي، وعبور 3.5 مليون شخص يومياً لحدود شنغن الداخلية.
كما تستقبل منطقة "اليورو" أكثر من نصف مليار زائر سنوياً، فيما يُتوقع نمو الطلب الخليجي مع تسهيل الإجراءات، الأمر الذي يعكس توسيع التعاون السياحي والثقافي والتجاري بين أوروبا ودول الخليج.
انعكاسات إيجابية
يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام إن تصدر السعوديين مستوى متقدماً في الحصول على تأشيرات "شنغن" يدل على القبول والثقة الكبيرة التي توليها السلطات الأوروبية للسائح السعودي، ويضيف لـ"الخليج أونلاين":
- زيادة عدد التأشيرات يشير بشكل مباشر إلى وجود نمو في القوة الشرائية للسائح السعودي، بالتوازي مع رغبته المتزايدة في السفر واستكشاف أوروبا.
- من البدهي أن زيادة عدد الحاصلين على التأشيرات، يدل أيضاً على تنامي حركة الرحلات الجوية بين المملكة ودول "شنغن".
- هذا التنامي ينعكس إيجاباً على رفع مستوى أرباح شركات الطيران العاملة على هذه الخطوط، مما يعزز قطاع النقل الجوي بشكل ملموس.
- إصدار التأشيرة الخمسية يُعد دليلاً قوياً على الرغبة الأوروبية، في تشجيع حركة السياحة.
- المسافر الخليجي بشكل عام يُنفق معدلاً مرتفعاً في اليوم الواحد خلال سفره، وبالتالي فإن استمرارية هذه السياسة تعني زيادة مطردة في عائدات السياحة داخل القارة الأوروبية.
- التبادل السياحي سيسهم في تعزيز العلاقات بين المملكة والدول الأوروبية بشكل عام.
- هذا التبادل يدعم مستوى الاستثمار في مشاريع سياحية مهمة، وكذلك يؤدي إلى تزايد خطوط النقل، مما يدعم وجود علاقات دبلوماسية متينة بين المملكة والدول الأوروبية.