DW- بالعربية-
ثاني أكبر شركة طيران ألمانية تعلن الإفلاس والحكومة الألمانية تسارع إلى النجدة! لماذا ترك المساهم الأكبر -حكام أبو ظبي- الشركة تفلس في هذا الوقت بالذات؟ أيهما لعب الدور الأكبر في القرار، السياسة أم الاقتصاد؟
أغلقت "الاتحاد" الإماراتية بشكل مفاجئ صنبور الدعم المالي لشريكتها "اير برلين" ثاني أكبر شركة طيران ألمانية بعد لوفتهانزا. وهو الأمر الذي دفع "اير برلين" إلى إشهار إفلاسها وترك مصير موظيفها الذي بلغ عددهم حوالي 8500 شخص طي المجهول. بعض المراقبين يتساءلون عن سبب هذا التوقف المفاجئ، لاسيما وأن الإماراتيين وعدوا -أثناء زيارة المستشارة ميركل للإمارات- باستمرار تقديم الحقن المالية للشركة حتى خريف عام 2018. السؤال الآخر المطروح أيضا هو، لماذا أقدمت الإمارة الغنية على هذه الخطوة والانتخابات البرلمانية الألمانية على الأبواب؟ على ضوء ذلك يبدو الأمر بالنسبة لعدد من المراقبين وكأنه ثأر إماراتي من المستشارة وحكومتها التي تميل إلى الموقف القطري في الأزمة الخليجية الحالية مع أن وزير الخارجية الألماني صحح أكثر من مرة بالقول إن ألمانيا تقف على الحياد في هذا النزاع بين أصدقائها الخليجيين.
خلفيات وقف الدعم الإماراتي
بغض النظر عن الخوص في تفاصيل تأثير الموقف السياسي الألماني على وقف الدعم وإعلان الإفلاس، فإن القرار الإماراتي سيلقي على أية حال بظلال سلبية على العلاقات الإماراتية الألمانية. لكن للقرار أيضا من المبررات الاقتصادية ما يكفي. فالإماراتيون لم يحصلوا على ما سعوا إليه منذ إقدامهم على استحواز القسم الأكبر من أسهم الشركة في عام 2011. فإضافة إلى الخسائر التي تحملوها سنة بعد الأخرى، لم ينجحوا في الحصول على حقوق إقلاع وهبوط طائرات أسطول شركة "الاتحاد" التابعة لأبو ظبي أو شركات أخرى إماراتية في مطارات عدة مدن ألمانية وفي مقدتها برلين ودوسلدورف. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار ان القرارت المتعلقة بالاستثمارات الضخمة يكون وراءها مواقف سياسية، فإن المناخ السياسي الحالي بين البلدين بسبب أزمة قطر سمح لإمارة أبو ظبي باتخاذ قرار وقف الدعم في هذا التوقيت على الأرجح. وفيما عدا ذلك لكان بإمكان هذه الإمارة الغنية جدا أن تستمر به إلى ما بعد الانتخابات الألمانية. هذا الاستنتاج بالطبع لا يعني بأية حال التقليل من أهمية الضغوط المالية المتزايدة على الإمارات بسبب تراجع أسعار النفط وتراجع قدرتها على صرف المليارات في شركات ومشاريع لا تراعي موازين الربح والخسارة بقدر مراعاتها لتحقيق مآرب أخرى تتعلق بالسمعة والرأي العام والعلاقات العامة وما له علاقة بذلك.
من الرابح؟
ما إن أشهرت "اير برلين" إفلاسها حتى سارعت الحكومة الألمانية إلى منح الشركة قرضا بقيمة 150 مليون يورو من أجل مواصلة تسيير رحلاتها لمدة ثلاثة أشهر. ومما يعنيه ذلك أن الشركة مستمرة حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أي إلى ما بعد إجراء الانتخابات الألمانية في أيلول/ سبتمبر القادم. السؤال الذي يطرح نفسه: ما مصير الشركة بعد ذلك وماذا سيجني الإمارتيون بعد إعلان الإفلاس؟ تشير المعطيات المتوفرة حتى الآن إلى أن شركة الطيران الألمانية العملاقة لوفتهانزا تتمتع بأفضل الفرص لاستحواز أهم أجزاء وحقوق الشركة المفلسة بما فيها حقوق الهبوط والإقلاع في برلين ودوسلدورف. ويدعم ذلك قيامها قبل إشهار الإفلاس باستئجار عشرات الطائرات التابعة لاسطول "اير برلين" لتوسيع أسطول شركتها "يورو وينغز" للطيران منخفض التكلفة. ولن يغير من هذه الفرص الاتهامات الموجهة إلى الحكومة الألمانية من قبل شركة طيران "راين اير" الإيرلندية بانتهاك قوانين المنافسة الأوروبية. وعلى هذا تقدمت الأخيرة بشكوى إلى سلطات حماية المنافسة الألمانية والأوروبية ضد ما اسمته "المؤامرة الواضحة" في ألمانيا بخصوص مستقبل "اير برلين". وقالت "راين اير" في بيان لها: "هذا الإفلاس مصطنع ومعد بشكل واضح من أجل السماح لشركة لوفتهانزا باستحواز اير برلين بعد تخليصها من الديون وهذا ما يشكل انتهاكا لقواعد المنافسة في ألمانيا والاتحاد الأوروبي".
من الخاسر؟
والآن وبعد الإعلان عن الإفلاس ستتم تصفية الشركة بشكل تدريجي. أما عوائد التصفية فستذهب أولا لتسديد قرض الحكومة الألمانية. أما الشركاء الآخرون وفي مقدمتهم "الاتحاد الإمارتية" فعليهم شطب القسم الأكبر من قروضهم التي قدموها إلى الشركة المفلسة لأن عوائد التصفية لن تكفي لدفعها. وتذهب التقديرات إلى أن "الاتحاد" دعمت الشركة الألمانية بمئات الملايين من الدولارات على مدى ست سنوات عانت خلالها من خسائر فادحة بلغت خلال العام الماضي لوحده حوالي 800 مليون يورو. أما حملة الأسهم وفي مقدمتهم الإماراتيون فعليهم تحمل خسائر فادحة تشمل تقريبا كامل المبالغ التي استثمروها. الجدير ذكره أن سهم "اير برلين" انهار وتم اخراجه من التعامل في البورصة. خلاصة القول: يبدو الإماراتيون الخاسر الأكبر لاسيما وأن أموالهم لن تعوض وطائرات شركاتهم لن تحصل على حقوق الهبوط والإقلاع في مطارات ألمانية عينهم عليها منذ سنوات.