صحيفة «دير شبيغل» الألمانية-
كشفت صحيفة ألمانية، إن مخابرات بلادها حذرت منذ عامين، المستشارة «أنغيلا ميركل»، مما أسمته «تعطش» الأمير السعودي «محمد بن سلمان»، الذي تم اختياره قبل يومين وليا للعهد، للسلطة.
وفي تقرير لها، قالت صحيفة «دير شبيغل» الألمانية إنّ «بن سلمان» يعيش «ساعة الذروة» في حياته حالياً، مشيرة إلى أن القرار الصادر بشأن منصب ولي العهد «منطقي».
وأضافت: «إذ تم وضع محمد بن سلمان المتعطش للسلطة، بعد تخرجه في كلية الحقوق بجامعة الملك سعود، من قِبل والده، بشكل مبكر وممنهج، في موقع المسؤولية».
وبحسب المقال الذي عنون بـ«صعود محمد بن سلمان في السعودية: الأمير المحارب»، فإن وضع «بن سلمان» في موقع المسؤولية جاء ذلك منذ اللحظة الأولى من تولي والده السلطة قبل عامين، حيث عيّنه وزيراً للدفاع، وحينها تمت مراقبة صعوده السريع في سُلم السلطة بدقة في مختلف أنحاء العالم.
وعين «بن سلمان» وزيراً للدفاع في 23 يناير/ كانون الثاني 2015، ثم رئيساً لـ«مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» في 29 يناير/ كانون الثاني 2015، فوليا لولي العهد في 29 أبريل/ نيسان من العام ذاته؛ ليتم المضي سريعاً في رحلة تعزيز نفوذ وصلاحيات الأمير الشاب، وتنحية ابن عمه الأمير «محمد بن نايف» من المشهد تدريجياً حتى بلغ لحظة الأفول الأربعاء بتوليه منصب ولي العهد.
ولفتت الصحيفة، إلى أن هذا الصعود «قابله عدم ارتياح من قِبل ألمانيا، فحذرت المخابرات الألمانية منذ عام 2015 من تعطّشه للسلطة ومن المخاطر المحتملة لمحاولته ترتيب توليه ولاية العهد خلال حياة والده»، بحسب «هافغتون بوست».
ولن يكون مشهد تصعيد «بن سلمان» إلى ولاية العهد، فجر الأربعاء، الأخير، وفق مراقبين، فهو ربما يكون فقط المشهد قبل الأخير؛ حيث سيليه حتماً المشهد الأخير باعتلاء الأمير الشاب لعرش المملكة، وعندها فقط يُسدل الستار.
وربما يكون المشهد الأخير، خلال أسابيع أو أشهر قليلة، حسب المراقبين، لكن الأمر يتطلب أولاً ضمان إسكات أي صوت داخل العائلة الحاكمة معارض لـ«بن سلمان»، وتقديم حوافز للأمراء الأقوياء.
وقالت المخابرات في تقرير لها حينها إن «محمد بن سلمان يقف وراء السياسة الاندفاعية التدخلية، لبلاده في الصراع مع إيران، ويحاول مد نفوذه عسكرياً أيضاً؛ ما قد يرهق العلاقات مع الأصدقاء، وعلى نحو خاص الدول الحليفة في المنطقة».
وأشارت «دير شبيغل» إلى أن «ميركل» والحكومة الألمانية نأيا بنفسيها عن تقييم المخابرات الخارجية للوضع في السعودية حينذاك علناً على الأقل، «إلا أنه وراء الأبواب الموصدة في وزارة الخارجية الألمانية ومكتب المستشارية قد يكون تم التوصل إلى تقييمات مماثلة؛ لأن توقعات المخابرات كانت صحيحاً تماماً».
ولفتت المجلة إلى أن «المملكة تحاول منذ عام 2015، أن تبرز نفسها كقائدة للعالم العربي، وترى العائلة المالكة الحرب مكملة للسياسة، وتعقد تحالفات متعددة في المنطقة».
وذكّرت بأنه منذ تولي «بن سلمان» منصب وزير الدفاع، تقود السعودية تحالفاً عسكرياً يخوض حرباً ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، التي تعتبر العدو اللدود للعائلة المالكة السعودية.
كما تسبّبت السعودية، منذ أسابيع، في أزمة جديدة مع قطر؛ عندما «جمعت تحالفاً من حكام عرب قطعوا العلاقات مع قطر، وسدّوا الطرق البرية والجوية والبحرية إليها».
وأشارت المجلة الألمانية إلى أنّ السعودية غيَّرت من الواقع الجيوسياسي في المنطقة، ضاربة مثالاً على ذلك بمصر، أكثر دولة سكاناً في العالم العربي، التي أصبحت مثقَلة بالديون ومعتمدة بشكل كبير على الرجل القوي في الرياض، بعد أن كانت إحدى أقوى الدول في الشرق الأوسط.
وخلصت «شبيغل» إلى أنّ هذا التغيير عبر التقارب يظهر الجيواستراتيجية الحاذقة للملك السعودي المستقبلي، الذي سيحتفل في أغسطس/ آب المقبل بعيد ميلاده الثاني والثلاثين.
وأصدر العاهل السعودي؛ فجر الأربعاء، أمرًا ملكيًا بتعيين نجله، الأمير «محمد بن سلمان»، وليًا للعهد، بدلًا من الأمير «محمد بن نايف»، الذي أعفاه من منصبه.
ودعا العاهل السعودي إلى مبايعة نجله وليًا للعهد، وذلك بقصر الصفا في مكة المكرمة، بعد صلاة التراويح اليوم، حيث جاء الأمر ضمن حزمة أوامر ملكية تضمنت تعيين وزيرًا للداخلية خلفًا لـ «بن نايف» الذي كان يشغل نفس المنصب أيضًا، إضافة إلى تعيين عدد من الأمراء مستشارين في الديوان الملكي وسفراء بالخارج.