DW عربية-
تقول قطر، التي تستضيف نهائيات كأس العالم الجارية، إنها دولة تتيح لوسائل الإعلام العمل على أراضيها "بحرية وبدون أي تدخل"، لكن تقرير "DW تتحقق" التالي يظهر غير ذلك.
أثناء مداخلة مباشرة لمراسل إحدى المحطات التليفزيونية الدنماركية، اقترب منه عناصر أمن وقام أحدهم بوضع يده على عدسة الكاميرا فيما سُمع المراسل راسموس تانتولدت وهو يتحدث إلى أفراد الأمن، قائلاً: "لقد دعوتم العالم كله ليأتي إلى هنا، فلماذا لا نستطيع التصوير؟ إنه مكان عام".
جاءت واقعة تانتولدت الذي يعمل مراسلاً لمحطة "TV2" الدنماركية وطاقم التصوير قبل أيام من انطلاق صافرة بداية منافسات كأس العالم لكرة القدم في قطر.
وخلال الجدال بين تانتولدت وأفراد الأمن، أظهر الصحافي التصريح المعطى له من قبل السلطات القطرية فيما تابع حديثه، قائلاً: " يمكنك تحطيم الكاميرا، تريد تحطيمها؟ أنت تهددنا بتحطيم الكاميرا؟".
أما على الجانب الرسمي، فقد سارعت السلطات القطرية إلى تقديم اعتذار للمحطة. ورغم ذلك، فإن الحادثة تثير تساؤلاً في غاية الأهمية مفاده: هل يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بدورها بحرية في قطر خلال منافسات كأس العالم؟
ادعاء: تزعم الحكومة القطرية أن وسائل الإعلام تعمل بحرية في قطر، بما في ذلك تغريدة اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم كأس العالم، جاء فيها: "آلاف الصحفيين يغطون وينقلون من قطر كل عام بحرية ودون تدخل".
DW تتحقق: غير صحيح
استنادا على بحث قام به فريق DW الاستقصائي، فإن الحكومة القطرية تتدخل في التغطية الإعلامية داخل الدولة الخليجية إذ يضع القانون إطاراً وقيوداً حيال عمل الصحافيين.
ويشمل ذلك قانون الصحافة لعام 1979 الذي يحظر انتقاد أمير البلاد وأيضاً يحظر أي تغطية صحافية في "أي قضية قد تعرض سلامة الحكومة للخطر".
وفي هذا الصدد، أشارت باميلا مورينيير، الناطقة باسم الاتحاد الدولي للصحافيين، إلى تعديل قطر لقانون العقوبات قبل عامين والذي ينص: "يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر إشاعات أو بيانات أو أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة".
وفيما يتعلق بمونديال قطر، يتعين على الصحافيين الراغبين في الحصول على الاعتمادات الإعلامية الموافقة على عدم تصوير "العقارات السكنية والشركات الخاصة والمناطق الصناعية" مع حظر التصوير داخل المباني الحكومية والمستشفيات والمواقع الدينية.
وفي تعليقها، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان إن "الإشارة الأخيرة تحيل إلى المنطقة المثيرة للجدل التي أوضحت التقارير أنها بؤرة الانتهاكات التي تطال حقوق العمال المهاجرين".
الجدير بالذكر أن منظمة "مراسلون بلا حدود" وضعت قطر في المرتبة 119 من بين 180 دولة على مؤشر الحريات الصحافية للعام الجاري فيما قال جوناثان داغر، مدير مكتب الشرق الأوسط في المنظمة، إنه يمكن القول "بشكل صريح أن حرية الصحافة ليست آمنة وغير محمية في قطر". وأضاف أن مرتبة قطر في مؤشر الحريات الصحافية أفضل من باقي الدول العربية وهو الأمر الذي يعكس حقيقة مفادها أنه لا يوجد صحافي وراء القضبان في قطر لسنوات طويلة فيما تحظى الدولة الخليجية بنوع من التعددية الإعلامية. بيد أن داغر شدد على أن هذا الأمر "لا يجعلنا بأي حال من الأحوال نصف حرية الإعلام في قطر بأنها جيدة".
القبض على صحافي خلال عمله
من جانبها، أكدت باميلا مورينيير، الناطقة باسم الاتحاد الدولي للصحافيين، على أن الصحافيين "يرغبون في ممارسة عملهم بما يشمل التغطية الصحافية للأحداث غير المرتبطة بكأس العالم". وأضافت "لقد سمعنا بالفعل عن مواقف جرى خلال اعتقال صحافيين بسبب تقارير تناولت العمال الأجانب. وعلى ضوء ذلك، نشعر بقلق كبير حيال ذلك".
يشار إلى أنه في أواخر العام الماضي، جرى اعتقال صحافيين اثنين من النرويج خلال إعداد تقرير عن العمال الوافدين الذين كانوا يعملون في المنشآت الرياضية المرتبطة بكأس العالم في قطر.
كما تم في عام 2015 اعتقال طاقم القناة الألمانية العمومية لخمسة أيام في قطر من بينهم الصحافي فلوريان باور إلى جانب العديد من زملائه، لدى محاولتهم التحقق من الظروف التي يعمل بها عمال البناء، وإجراء مقابلات معهم. وكانت السلطات قد رفضت منحه التصريح الذي يخوله إجراء المقابلات وتغطية ظروف العمال المهاجرين، على الرغم من أنه كان قد أمضى أكثر من عقد من الزمن كمراسل في الدول الخليجية.
وفي ذلك، قال باور "جرى استجوابنا لأكثر من 14 ساعة ثم جرى عرضنا على المدعي العام ولم يُسمح لنا بمغادرة البلاد لأكثر من خمسة أيام. اضطرت السفارة الألمانية للتدخل من أجل إقناع وزير خارجية قطر بالسماح لنا بمغادرة البلاد".
وأضاف باور أنه في سبتمبر / أيلول الماضي كان عمله الصحافي في قطر "عرضه للتدقيق" من قبل السلطات، مشيراً إلى أنه توجه برفقة فريق التصوير بالسيارة إلى منطقة صناعية، لكنهم لاحظوا تعرضهم للمراقبة من قبل عناصر من الاستخبارات القطرية. وقال إنه يعتبر هذا الأمر "تخويفاً".
من جانبه، قال داغر إن منظمة "مراسلون بلا حدود" قد تلقت بالفعل تقارير تفيد بأن صحافيين قالوا إنهم يشعرون بأنه يتم مراقبتهم وتتبعهم خلال تواجدهم في قطر، مضيفا "هناك قضايا معينة تعد بمثابة خطوط حمراء ما يعني المزيد من الرقابة الذاتية".
ما بعد كأس العالم؟
وبالعودة إلى واقعة المراسل الدنماركي راسموس تانتولدت، فقد أكد في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز"، أن فريق التصوير استمر في العمل بأمان، مضيفاً أنه لم يكن يتوقع أن التصوير في مكان عام كان سيثير مثل هذا الجدل مع عناصر الأمن. وأضاف "أرى أن هذا الأمر يكشف النقاب عن الوضع الذي ستكون عليه حرية الإعلام في قطر عندما تنتهي منافسات كأس العالم،" معبراً عن قلقه إزاء وضع الصحافة في قطر بعد انتهاء البطولة.
وبدوره، أعرب جوناثان داغر، مدير مكتب الشرق الأوسط في منظمة "مراسلون بلا حدود" عن مخاوف مماثلة: "في الوقت الذي لا نتفق فيه مع الرأي القائل إن عمل الصحافيين في قطر يتم بحرية ودون تدخل، يمكننا الاعتراف بأنه جرى اتخاذ خطوات معينة ونأمل أن يستمر الأمر حتى بعد انتهاء المونديال".
جاءت واقعة تانتولدت الذي يعمل مراسلاً لمحطة "TV2" الدنماركية وطاقم التصوير قبل أيام من انطلاق صافرة بداية منافسات كأس العالم لكرة القدم في قطر.
وخلال الجدال بين تانتولدت وأفراد الأمن، أظهر الصحافي التصريح المعطى له من قبل السلطات القطرية فيما تابع حديثه، قائلاً: " يمكنك تحطيم الكاميرا، تريد تحطيمها؟ أنت تهددنا بتحطيم الكاميرا؟".
أما على الجانب الرسمي، فقد سارعت السلطات القطرية إلى تقديم اعتذار للمحطة. ورغم ذلك، فإن الحادثة تثير تساؤلاً في غاية الأهمية مفاده: هل يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بدورها بحرية في قطر خلال منافسات كأس العالم؟
ادعاء: تزعم الحكومة القطرية أن وسائل الإعلام تعمل بحرية في قطر، بما في ذلك تغريدة اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم كأس العالم، جاء فيها: "آلاف الصحفيين يغطون وينقلون من قطر كل عام بحرية ودون تدخل".