لا تطلب المحامية بلقيس المنامي أمراً مستحيلاً. إن لم يكن جواز سفر رسمي لمولودها، فلا أقل من وثيقة سفر تمكنها من السفر معه، وفي أسوأ الأحوال ليس لديها مانع من أن تمنح ولو ورقة خروج بلا عودة. نعم إلى هذا الحد.
منذ يناير 2015 أسقطت جنسية زوجها قاسم مجيد رمضان علوي، اسقطت جنسيته بقرار ملكي ضمن ما عرف بمجموعة ال72. كان قاسم قبلها هاجر إلى إيران خوفاً على نفسه من الاعتقال.
في يناير 2016 وضعت بلقيس مولودها سيد علي، لتبدأ معاناتها في الحصول على جنسية للطفل. تقدمت بلقيس بطلب لإدارة الهجرة والجوازات بتاريخ 23/2/2016 لإصدار جواز سفر، بقيت شهراً كاملاً تنتظر الجواب مع المراجعة المستمرة، وفي كل مرة يأتيها الجواب: "لا نعلم أين وصل الطلب".
تقدمت بعدها بطلب إلى الوكيل المساعد للهجرة والجوازات للاستعجال بالنظر إلى طلبها بإصدار الجواز، وهنا بدأت مشكلة أخرى كما تقول بلقيس: "أوهمني أحد الموظفين في مكتب الوكيل المساعد بأنهم خاطبو الداخلية، وبقيت لمدة 3 أشهر أنتظر رد الداخلية، ولما طال الأمر سعيت بنفسي وخاطبت وزارة الداخلية لأكتشف أن الجوازات لم تخاطبها أصلاً".
تكمل بلقيس: "توجهت إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وأعلمتها بمشكلتي، والأخيرة سعت وخاطبت الداخلية، كما ذهبتُ لنائب المنطقة، وبدوره خاطب وزارة الداخلية، وعدت للتواصل مع موظف الجوازات في مكتب الوكيل المساعد الذي تهرب مني بداية، ثم قال إن الداخلية أعادت الخطاب لأنه قاصر، فأعلمته أني تواصلت مع الداخلية وعلمت أن طلبي لم يصلهم من الأصل، فارتبك وبعدها أخبرني أن لا علاقة له، وأنه قال لي ما تم إخباره به".
وجدت بلقيس نفسها مثل طائر بلا جناح، لا تستطيع السفر ولا الحركة ولا الذهاب لزيارة زوجها في الخارج ولمّ شمل عائلتها. تقدمت بلقيس بعد إجازة عيد الفطر الفائت بطلب إصدار وثيقة سفر مؤقته بمكتب الوكيل، تم إحالتها للشؤون القانونية، والأخيرة وافقت على إحالتها إلى مكتب الوكيل، والأخير أحالها إلى مكتب الوكيل المساعد. وفي مكتب الوكيل المساعد قال لها أحد الموظفين بسخرية: "عطيني دولة وحدة تقبل ولدج وأنا الحين أعطيج ورقة خروج بلا عودة أسهل شي طلبتيه".. تقول بلقيس: "شعرت بالإهانة وأن طفلي منبوذ". تضيف بلقيس: "لم أطلب من أحد تجاوز القانون، أنا أرغب بتطبيق القانون، الأمر ليس صعبا. إذا كانوا يرونه غير بحريني فليسلموني ورقة خروج ما المشكلة".
طفلتها الصغيرة فاطمة البالغة من العمر 3 سنوات كفّت عن الحديث عن اللعب والمرح والفرح، لم يعد يشغلها غير موضوع جواز أخيها والسفر إلى أبيها، تقول في رسالة صوتية تعلن احتجاجها: "إذا ما عطيتون أخوي الجواز بطلع في الشارع العام وإذا بتطلقون اطلقوا على كيفكم".
تقول بلقيس: "الأب وطن وأولاد بلا وطن. أريد أن آخذ أولادي إلى أبيهم. إذا لم يكن ممكناً إعطائي جواز لابني فلا أقل من وثيقة سفر أتمكن بها من اخذ ابنائي والسفر بهم إلى والدهم. لماذا يدفع الأطفال الثمن؟ وإذا استكثروا علي وثيقة سفر فأنا أقبل بورقة خروج بلا عودة. أنا مستعدة أن أخسر مستقبلي وعملي هنا وكل شيء لكن لست مستعدة أن أخسر استقرار أولادي. هل هذا كثير؟"
مرآة البحرين-