أكد تربويون ومختصون نفسيون أن تصوير مشاهد لانتهاكات حقوق الطفل وتعنيفه بالضرب والاستهزاء والسخرية وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي يشكل خطرا على مستقبله من الناحية النفسية والاجتماعية. مشيرين إلى انها تتسبب في فقدان الثقة بالنفس وإشاعة الخوف والجبن بين الأطفال كما تتسبب في انخفاض التركيز، علاوة على تأثيرها بشكل كبير على علاقاتهم الاجتماعية مع محيطهم الخارجي.علاوة على الشعور بالإحباط وعدم الانتماء وانتهاك الخصوصية واحتقار الذات
وأشاروا في استطلاع لـ «المدينة» إلى ان تلك المشاهد السلبية تظل راسخة في ذاكرة الطفل كونها تتسبب في سخرية أصدقائه و المحيطين به منه مما قد يؤدي إلى انطوائه و عدم قدرته على مخالطة الناس و بناء علاقات مع أقرانه كما تُضعف تركيزه وبالتالي يتدهور مستواه الدراسي.
يقول دكتور طارق سعيد من جامعة الملك سعود في تعليقه على هذه الممارسات:للاسف أخذ البعض وسائل التواصل الاجتماعي مادة للكسب المادي السريع.. ومن هنا كان اختيار الموضوعات التي تطرح في هذه المنصات الإعلامية له الأثر الأكبر في جذب القراء والمتابعين والمغردين..فاختيار الموضوعات له ارتباط مباشر بعدد المتابعين والمغردين ولأن موضوعات الأطفال فلذات الأكباد تمس عددا كبيرا من مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي فهي تنال القدر العالي لمن يفكر في الحصول على الكسب السريع من وراء نشر موضوعات تلامس المشاعر وتؤجج الأحاسيس. لا اعتقد أن من حقنا تصوير أطفالنا في مواقف حرجة..وبالتالي ليس من حقنا نشر وتوزيع مثل هذه المشاهد..هناك ضوابط كثيرة تفرضها الجهات ذات الاختصاص مثل جمعيات حقوق الطفل. وجمعيات الطفولة السعيدة...وغيرها..لكنا نريد رقابة ذاتية لدى من يقومون بتصوير الأطفال في مواقف لا يريدون من أحد أن يتطلع اليها ويشاهدها..متمنيا ان يتم تقنين ما يعرض على المنصات الإعلامية.. و ان تكون هناك جهات رقابية تراقب ما ينشر عن الطفل، فأطفال اليوم هم رجال المستقبل وعلينا أن نرعاهم ونحفظهم.
تشديد العقوبات
وفي هذا السياق قالت الدكتورة سلمى باحشوان من جامعة الملك عبدالعزيز: نلاحظ في الفترة الأخيرة تعرّض الأطفال إلى انتهاكات شبه يومية، والأدهى والأمرّ عرضها بكل تفاخر على برامج السوشال ميديا وكأن الأمر أصبح مجالًا للتباهي والتفاخر والاستعراض فمنها انتهاكات نفسية وأخرى جسدية وعقلية والتي بدورها تؤثر تأثيرًا سلبيًا على الأطفال منها الإحباط وعدم الشعور بالانتماء وانتهاك خصوصيته واحتقار الذات وغيرها من التأثيرات.مشددة على انه لابد من معالجة هذه الظاهرة والحد من هذا التجنّي بوضع قانون بشأن حقوق الطفل حيث يمكن الأطفال الذين انتهكت حقوقهم من تقديم شكوى إلى الجهات المختصة وكذلك يمكن للأطفال التقدم بالشكاوى بشكل فردي أو ضمن مجموعات بشأن وقوع هذه الانتهاكات
وطالب باحشوان بتشديد القوانين والعقوبات على كل من يعرض الأطفال للخطر وسوء المعاملة، ولكل من استخدم طفلًا، أو استغله في تصوير، أو تسجيل وغيره سواء كان بمقابل أو بدونه.
مخاطر نفسية
وأوضحت وفاء السعدي موظفة سابقة في وزارة الشؤون الاجتماعية ورعاية الأيتام إدارة الحماية الاجتماعية للعنف ضد النساء والأطفال أن العنف نوعان جسدي ونفسي الجسدي بالضرب وإلى آخره أما النفسي فيكون بالإساءة لشخصية الطفل في مظهره أو وعدم قدرته على التعبير وهذا يسبب له عقدا نفسية فيما بعد حين يكبر ويكون ناتجها طفل غير سوي، يصعب عليه التمييز بين الصح والخطأ فإما يصبح مضطهدا أو سلبيا تمامًا يرضخ لكل شيء ويقول «حاضر..طيب» حتى وإن كان ذلك على حساب كرامته.
انعدام الثقة والإنطواء
واختتمت نوف محمد مغربل المدير التنفيذي والمؤسس لدليل أطفال جدة قائلة: تصوير الاعتداء على الأطفال و نشره خطر..
من الناحية النفسية والاجتماعية كونه يعدم الثقة نفسيا يجعله ضحية للخوف والجبن وانعدام التركيز، بل يؤثر كذلك بشكل كبير على علاقاته الاجتماعية مع محيطه الخارجي، ويتسبب في سخرية أصدقائه و المحيطين به منه مما قد يؤدي إلى انطوائه و عدم قدرته على مخالطة الناس و بناء علاقات سليمة كما يفضى إلى تدهور مستواه الدراسي.
لفت المستشار التربوي حمدان العويضي إلى ان السخرية بالطفل أو العنف النفسي كان محددا بخريطة الأسرة والمنزل,اضاف: هاهو اليوم يخرج من خلال كاميرات الهاتف للعالم كله،ليتضاعف الأثر السلبي على الطفل وعلى نفسيته وثقته وشخصيته،بإظهار الطفل من خلال عيوبه أو نقصه أو أخطائه الأمر الذي يسبب دمارا كبيرا لشخصيته فهو في طفولته يقول بالإشارة والدموع ولا يعبر عن نفسه، فإذا انصبت عليه السخرية في سن الإدراك وتم نشر هذه السخرية أمام الناس فهو يفقد الثقة وتقدير ذاته وإرادته،وهي المحرك الأساسي له في حياته، بينما الأصل هو تحفيزه بإظهار ايجابياته في سلوكه،وليس تحطيمه بإظهار سلبياته أو نقاط ضعفه أو تعنيفه بكاميرات الجوال ولاشك ان مستخدمي تلك المقاطع يرتكبون حماقة بحق أنفسهم وأطفالهم والمجتمع.
المدينة السعودية-