علمت «المدينة» من مصادر خاصة بأن فرع هيئة حقوق الإنسان بالمدينة، دخل على مسار التحقيقات في قضية التعنيف التي تعرض لها طفل وفتيات على يد والدتهم بخيبر، لمشاركة الجهات المختصة، فيما أشار فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمدينة المنورة إلى أنه خاطب إمارة المنطقة لبحث الجانب الجنائي والحقوقي لدى جهة الاختصاص.
ويأتي ذلك على خلفية واحدة من أبشع صور العنف الأسري، حيث تجردت أم أربعينية بمحافظة خيبر من كل مشاعر الرحمة والشفقة ومعاني الإنسانية عندما قامت بتعنيف أبنائها، فيما عجز والدهم المريض بالسكر عن حماية فلذات كبده، ومارست عليهم عنفا نفسيا وجسديا وذلك بحبسهم في غرفة في سطح منزلهم وتجويعهم لفترات طويلة مع الضرب المبرح.
وحسب الفتاتين المعنفتين فقد تم عزلهما وتجويعهما لفترات طويلة وضربهما بقسوة متناهية، وذلك على مدى عامين، فيما رفض الطفل العودة للمنزل مجددا لكنه آثر الصمت برا بوالدته. فيما لم تتضح الصورة الحقيقية التي دفعت تلك الأم إلى تعنيف أطفالها. فيما تشير المصادر إلى أن الأم تعاني من أمراض نفسية.
وكان مركز التأهيل الشامل بالمدينة المنورة، احتضن المعنفين الثلاثة بعد أن تم نقلهم من محافظة خيبر. فيما أوى مهجع دار الحماية للفتيات بالمنطقة فتاتين من ضحايا التعنيف، في حين استضاف مركز التأهيل الشامل الطفل الذي ظهر في مقطع الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي.
«المدينة» بدورها قامت بزيارة الأطفال المعنفين الذين يحتضنهم فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمدينة المنورة، والتقت الفتاتين واطمأنت على صحتهما واستمعت إلى شرح مفصل عن خطة التأهيل النفسي والعلاجي للحالتين.
تحسن حالة المعنف
كما التقت «المدينة» الطفل عبد الغني في مقر مركز التأهيل الشامل واطلعت على الخدمات التي يقدمها المراكز لضحايا التعنيف، وقد أفاد الدكتور المشرف على الحالة بأن حالة الطفل قد تحسنت بنسبة 70% ويحتاج إلى بعض الوقت لعودة العناصر التي فقدها من سوء التغذية، وبين أن الطفل يعاني من الإرهاق لسبب لما تعرض له من تعنيف.
عبدالغني: لن أعود ولا تعليق
وفي نبرات حزينة لما تعرض له الطفل عبد الغني من تعذيب وما يحمله من قيم ووفاء وبر بوالدته رغم ما حدث، قال لـ»المدينة»: «أريد أن أبقى هنا في المركز التأهيل الشامل ولا أرغب في العودة إلى منزل أسرتي» وفي محاولة لاستنطاقه حول الأسباب التي دفعت الأم لتعنيفه وأختيه وتعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي رفض الطفل التحدث والتعليق على والدته برا بها.
مشاهدات
جسد الطفل برزت أضلعه كضحايا المجاعات بسبب الحرمان من الطعام
إرهاق ظهر على الطفل والفتاتين
عناية فائقة من قبل منسوبي مركز التأهيل الشامل بالمعنفين
قدمت لهم ملابس جديدة وهدايا من منسوبي المركز
برزت علامات العنف الجسدي على الفتاتين وسوء حالتهما الصحية وهزال جسدهما بشكل لا تخطئه العين
تشويه شكل الفتيات من قبل الأم بحلق شعرهما والإهمال التام في ملابسهما.
من جانبه أوضح على الغامدي مدير فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمدينة المنورة لـ»المدينة» أن فرع الوزارة خاطب إمارة منطقة المدينة المنورة لبحث الجانب الجنائي والحقوقي لدى جهة الاختصاص. وقال: إنه تم تشكيل لجنة طبية في مركز التأهيل الشامل وإجراء تحاليل عاجلة والوقوف على حالة الطفل وأخواته الصحية، مبينا أن صحتهم لا زالت مستقرة وبعد الانتهاء من الإجراءات الطبية تم نقل البنات المعنفات للحماية الاجتماعية، أما الطفل بقي في مركز التأهيل الشامل لتقديم العناية التأهيلية والرعاية الطبية والنفسية له.
وأضاف أنه لن يتم التخلي عنهم ولن تتم إعادتهم لأسرتهم إلا بعد التأكد من وجود بيئة حاضنة وأسرة قادرة على رعايتهم والمحافظة عليهم من العنف والتجويع، وأشار إلي أن الفتاتين مشمولتان بإعانات شهرية لذوي الاحتياجات الخاصة، مبينا أن إحدى الفتيات تعاني من تخلف عقلي بسيط منذ ولادتها والأخرى تعاني من مرض الأنيميا الوراثي.
وتعود تفاصيل القضية والتي نشرتها «المدينة» أمس عن تعرض عدد من الأطفال للتعنيف والحبس داخل غرفة خاصة في السطوح من قبل والدتهم، وأكد عم الأطفال أن سبب تعنيفهم هو المال حيث قامت الأم بحبس أبنائها الذين لا تعجبها تصرفاتهم بقطع الطعام عنهم لتحويلهم من أصحاء إلي معاقين لكي تستلم إعانة المعاقين والضمان الاجتماعي من الدولة.
فيما التقت «المدينة» الفتاتين المعنفتين من قبل والدتهما وفي نبرة حزن وخوف لما تعرضتا له من عنف جسدي ونفسي قالتا: «إن والدتهما قامت بحبسهما في غرفة منعزلة سطح المنزل وتعنيفهما عن طريق الضرب بسلك حديد وبالأحذية وبالأيدي وبأدوات خشبية ومنع أي شخص من عائلتهم الحضور إلى المنزل أو التواصل معهم.
وكذلك منع الأبناء من التواصل مع أي شخص خارج المنزل حتى مع أخوانهم من الأب والذين يبلغ عددهم أحد عشر.
وأضافتا:عندما تدخل أحد الأقارب قامت والدتنا بزيادة العنف علينا ومنعنا من تناول الطعام والشراب لعدد من الأيام.
وتابعت علياء والبالغة من العمر 20 سنة والتي حرمتها والدتها من إكمال دراستها الثانوية بسبب فضح والدتها بالتهديد التي تتعرض له هي وأخوتها من العنف للجهات المعنية. مما أدى إلى مضاعفة العنف، وأشارت إحدى الفتيات إلى أنهم عند حضورهم إلى دار الحماية التابعة لشؤون الاجتماعية كانوا يرتدون ملابس بالية.
انقسم المغردون على منصة «تويتر» بين مطالب بإنزال العقوبة على الأم وبين معرفات طالبت بالتريث واستيضاح الحقائق التي تعمل الجهات المختصة لمعرفة الأسباب التي دفعت الأم إلى ارتكاب مثل هذا السلوك عبر وسم ( #طفل_معنف_بمحافظة_خيبر). في حين دعا مغردون إلى ضرورة تقديم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة للأبناء وتقويم السلوكيات، لتعويضهم عما لحق بهم من أضرار نفسية وجسدية خلال السنوات الماضية. حيث قلل المغرد محمد العنزي عبر تويتر من مستوى تفاعل الجهة المختصة مع الحالة، حيث قال إن للحادثة سوابق وشكوى للأب والبنت من قسوة الأم لكن الجهة المعنية تكتفي فقط بأخذ تعهد خطي، وأضاف نتعطش لإيقاع العقوبة الرادعة والعاجلة لمن قست قلوبهم ولمن يظنون بأن الولاية تسمح لهم بالظلم والجور لمن وقع تحت رحمتهم.
واقترح المغرد عبدالعزيز الهاشمي بوضع قانون قصاص للردع وعيادات للعلاج المسبق، وقال: لقد سئمنا بتقبل هذه الأخبار دون رادع والسماح لمرضى غير مؤهلين لإنشاء أسرة. فيما دعا مغرد وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تخصيص محامين لمتابعة مثل هذه النوعية من القضايا، وتساءل قائلا: لماذا لا يتم وضع محام يتولى مثل هذه القضايا ويترافع بها أمام المحاكم الشرعية. فيما طالب المغرد راكان بوضع قوانين صارمة تجرم العنف الأسري وقال نحتاج إلى قانون حازم ضد العنف الأسري وعقوبات صارمة.
المدينة السعودية-