في 2025/09/27
عمر محمود - الخليج أونلاين
مشهد سنوي بات جزءاً من حياة القطريين مع اعتدال المناخ وانخفاض درجات الحرارة، حيث تنتشر الخيام والبيوت المتنقلة (الكبائن والكرافانات) في المناطق الشمالية والجنوبية والوسطى.
التخييم في قطر هو امتداد حيّ للموروث الثقافي، وجسر يربط الأجيال الجديدة بعادات الآباء والأجداد الذين اعتادوا حمل تفاصيل حياتهم المدنية إلى البر والبحر.
ويبدأ موسم التخييم في قطر رسمياً مطلع نوفمبر من كل عام ويستمر حتى نهاية أبريل، غير أن اعتدال الطقس في السنوات الأخيرة جعل من أواخر سبتمبر وبداية أكتوبر موسماً فعلياً لعشاق الطبيعة.
وفي تقليد سنوي متوارث، يحرص سكان قطر على ممارسة هواية التخييم، أو ما يُعرف شعبياً بـ"الكشتة"، حيث ينطلقون إلى أحضان الطبيعة خلال فصلي الشتاء والربيع للعيش في خيام تُنصب بعيداً عن مناطق العمران أو في بيوت متنقلة مجهزة بجميع سبل الراحة.
موسم التخييم الشتوي
سينطلق موسم التخييم الشتوي اعتباراً من 15 أكتوبر 2025 وحتى 15 أبريل 2026 في ثلاث مناطق: الوسطى، والشمالية، والجنوبية، حيث أعلنت وزارة البيئة والتغير المناخي فتح باب التسجيل وفقاً للتوزيع الجغرافي ابتداءً من 1 أكتوبر وحتى 14 أكتوبر 2025.
وقد شهد موسم التخييم في العام الماضي إقبالاً لافتاً، إذ بلغ إجمالي عدد المخيمات 2860 مخيماً، منها 1315 مخيماً برياً، و433 مخيماً بحرياً، و1112 مخيماً في المحميات الطبيعية، وهو ما يعكس حجم التفاعل المجتمعي مع هذه الفعالية السنوية.
وأكد مدير إدارة الحماية البرية ورئيس لجنة تنظيم شؤون موسم التخييم الشتوي، حمد سالم النعيمي، خلال مؤتمر صحفي عُقد بتاريخ 21 سبتمبر 2025، أن الوزارة اعتمدت هذا العام جدولاً زمنياً منظماً لتسهيل عملية التسجيل وضمان عدالة الإجراءات لجميع الراغبين في التخييم.
وأوضح أن أبرز شروط وضوابط الموسم الحالي تشمل ما يلي:
أن يكون طالب التصريح قطري الجنسية وألا يقل عمره عن 25 عاماً.
أن تكون رسوم التصريح غير قابلة للاسترداد بعد سدادها.
دفع رسومٍ قدرها 1000 ريال قطري عند تعديل موقع المخيم من منطقة إلى أخرى بعد صدور التصريح وقبل التثبيت.
التزام المصرّح له بالمحافظة على النظافة العامة، وعدم الإضرار بالبيئة البرية أو البحرية، والتخلص من النفايات في الحاويات المخصصة.
تحمّل المصرّح له المسؤولية الكاملة عن المخيم وسلامة الأرواح والممتلكات داخله.
احتفاظ الوزارة بحقها في سحب التصريح في حال عدم الالتزام بالضوابط.
عادة سنوية راسخة
المواطن القطري خالد فخرو يرى أن التخييم، الذي كان في الماضي قائماً على تنقل الأجداد بخيامهم البسيطة فوق ظهور الإبل بحثاً عن أماكن الرزق، تحوّل اليوم إلى نشاط عصري يشهد تطوراً متسارعاً، خصوصاً مع إدخال تقنيات حديثة على تجهيزات المخيمات.
ويوضح فخرو، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، أن أنماط التخييم الحالية تتنوع بين الخيام التقليدية، والخيام المكيّفة المجهزة بمستوى خدمات يقارب الفنادق الفاخرة، إضافة إلى البيوت المتنقلة (الكبائن) التي لاقت انتشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة، لما توفره من حماية من الظروف المناخية المختلفة وراحة أكبر للعائلات.
ويشير إلى أن التخييم أصبح عادة سنوية راسخة لدى الأسر القطرية وسكان المنطقة، تختلف في مدتها وطريقتها؛ فبعض العائلات تفضّل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في المخيمات، بينما يكتفي آخرون بالزيارات اليومية، في حين يختار البعض الإقامة لفترات طويلة تصل إلى عدة أشهر متواصلة خلال الموسم.
تعزيز السياحة الداخلية
من جهته يرى مدير شركة "خبرة قطر" للمغامرات والتخييم، رؤوف دراد، أن التخييم في قطر أصبح أكثر من مجرد نشاط ترفيهي، بل تحول إلى تجربة اجتماعية وثقافية تعزز التواصل بين الأفراد وتساهم في تعزيز الهوية الوطنية.
ويوضح دراد في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن موسم التخييم، الذي يمتد حتى أبريل، يشهد إقبالاً متزايداً من المواطنين والمقيمين، حيث توفر المخيمات بيئة مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية والتواصل مع الطبيعة.
ويضيف أن الاحتفاء بموسم التخييم يعكس التزام المجتمع القطري بالحفاظ على تراثه الثقافي وتعزيز قيم التعاون والتضامن بين الأفراد.
ويشير إلى أن التخييم في قطر يشهد تطوراً ملحوظاً عاماً بعد عام، حيث يتم تجهيز المخيمات بأحدث التقنيات والمرافق لتوفير تجربة مريحة وآمنة للزوار، مؤكداً أن الحكومة القطرية تولي اهتماماً كبيراً لهذا القطاع من خلال توفير التصاريح اللازمة وتطوير البنية التحتية للمخيمات.
واختتم حديثه بأن التخييم في قطر لا يقتصر على الترفيه فحسب، بل يسهم أيضاً في تعزيز السياحة الداخلية وجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني.
مناطق التخييم الساحلي
تُعد منطقة سيلين من أبرز وجهات التخييم الساحلي في قطر، حيث تمتد مساحات واسعة عند خور العديد أو ما يُعرف بـ"البحر الداخلي"، وسط كثبان رملية بتشكيلات طبيعية فريدة تشكّل مشهداً استثنائياً يجمع بين الصحراء والبحر في لوحة طبيعية نادرة.
وخلال موسمي الشتاء والربيع، ينظم محبو التخييم ورحلات السفاري البرية أنشطة متنوعة، أبرزها قيادة المركبات فوق الكثبان الرملية، وركوب الخيل والجمال، بالإضافة إلى الدراجات الشاطئية الصغيرة "البطابط" أو "البيتش باجي"، فضلاً عن حفلات الشواء التي تضفي أجواء مميزة على الأمسيات.
أما في شمال البلاد، فيبرز شاطئ الغارية كأحد أفضل مواقع التخييم، حيث يوفر بيئة مثالية لقضاء عطلة نهاية أسبوع هادئة بعيداً عن ضوضاء المدينة، أمام مياه نقية ورمال ناعمة.
كما يُعد خليج المجرة من المواقع المفضلة لعشاق التصوير، لما يتيحه من مشاهد خلابة لغروب الشمس فوق البحر، فضلاً عن إمكانية رصد وتصوير مجرة درب التبانة في بعض فترات السنة وهي تعانق الأفق في مشهد طبيعي يأسر الأنظار.