في 2025/09/06
كمال صالح - الخليج أونلاين
في خطوة جديدة تعكس طموحاتها الثقافية وتوجهاتها نحو العالمية، أدرجت الحكومة الكويتية مشروعاً واعداً ضمن رؤيتها الاستراتيجية "الكويت 2035"، تحت عنوان "التعاون الدولي للتبادل الثقافي"، بهدف تعزيز مكانة البلاد كمنارة ثقافية إقليمياً ودولياً.
المشروع، الذي كشفت عنه وسائل إعلام كويتية، يهدف إلى تدشين منظومة متكاملة من المهرجانات الفنية والأدبية، لدعم الفنانين والموهوبين، وتنمية مهارات المطربين والعازفين، بما يعزز الدور الثقافي للكويت، ويرسّخ صورتها الحضارية على الساحة العالمية.
ويماثل المشروع تجارب خليجية أخرى، أبرزها "موسم الرياض" الذي انطلق عام 2019، ونجح في لفت نظر العالم إلى المملكة من خلال استقطاب فعاليات دولية كبرى، فكيف سينعكس هذا المشروع الكويتي على موقع ومكانة الكويت الثقافية والسياسية؟
أهداف ومضامين
وبحسب صحيفة "القبس" (30 أغسطس الماضي)، يركز المشروع على تعزيز سمعة الكويت الدولية ودعم نشر السلام العالمي والإقليمي، إلى جانب رفع الوعي الثقافي في المجتمع وتشجيع الإبداع الفني والأدبي، ورعاية الإنتاج الفكري والثقافي. كما يتضمن التوسع في تنظيم المهرجانات الفنية والأدبية داخل الكويت وخارجها.
ويرتكز المشروع على عدة محاور وأهداف، أبرزها "رفع مستوى الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات، وتطوير العلاقات الثقافية مع الدول العربية والأجنبية، وصقل المواهب وتنميتها وتحفيزها للمشاركة في المحافل الدولية، وكذا تنمية مهارات المطربين والعازفين ومؤدي الكورال.
ومن المتوقع أن يرى هذا المشروع الثوري في مجال الثقافة والفن والأدب النور في 2030، ويتضمن إقامة 5 أسابيع ثقافية عربية وأجنبية داخل الكويت، ومثلها كويتية في الخارج، سنوياً.
ووفق المعلومات المنشورة، فإن المشروع يشمل أيضاً "المشاركة في 5 مهرجانات ثقافية وفنية إقليمية ودولية، واستضافة 10 فرق فنية ومعارض تراثية، إلى جانب استقبال 150 باحثاً وأديباً وفناناً كل عام".
كوادر مؤهلة
ولا يقف المشروع عند حدود تنظيم الفعاليات، بل يسعى أيضاً لبناء كوادر بشرية قادرة على إدارة الأنشطة الثقافية والفنية، من خلال برامج تدريبية خارجية لنحو 20 إلى 30 باحثاً وفناناً وإعلامياً سنوياً، بما يعزز قدرات الكويت على تقديم نموذج متطور في إدارة الثقافة والفنون.
ونقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية (10 أغسطس)، عن مصادر مطلعة أن تكلفة المشروع تبلغ 14 مليون دولار، وسيكون له دور في رفع مستوى مقياس الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات، وتطوير العلاقات مع الدول العربية والأجنبية.
ويرى مراقبون أن المشروع يشبه في مضمونه تجربة "موسم الرياض" في السعودية، الذي نجح في إحداث نقلة نوعية على المستوى الثقافي والفني والترفيهي، ما يشير إلى رغبة الكويت في استثمار قوتها الناعمة لتعزيز حضورها على الخريطة الثقافية العالمية.
وبحسب مطلعين، فإن المشروع يمثل أيضاً وسيلة لحماية التراث الثقافي الكويتي المادي وغير المادي، وإبراز الهوية الوطنية في المحافل الدولية، إلى جانب توثيق جسور التعاون مع الشعوب العربية والأجنبية.
تجارب سابقة
ولدى الكويت تجارب ثقافية وفنية سابقاً، منها "المهرجان الدولي للموسيقى والفنون"، المستمر منذ عقود، ويهدف لتعزيز التواصل الثقافي مع الدول العربية والأجنبية، ودعم الفنانين المحليين، ونشر الموسيقى والفنون الكلاسيكية والمعاصرة.
وتمتلك الكويت أيضاً مهرجانات فنية أخرى، منها "مهرجان صيفي ثقافي"، الذي اختتم فعاليات دورته الـ17 يوم (29 أغسطس)، بعد فعاليات حافلة امتدت خلال الفترة من 9 يوليو حتى 29 أغسطس 2025.
إلا أن الكويت تسعى حالياً من وراء المشروع الجديد إلى تحقيق هدف أكثر تركيزاً بهدف تشكيل قوة نفوذ ناعمة، من خلال الفن والثقافة والموسيقى والأدب، والمحصلة تحسين السمعة الدولية للدولة الخليجية.
وتزخر دول الخليج بمشاريع وبرامج ثقافية وفنية مشابهة، منها "موسم الرياض"، ومهرجان البحرين الدولي للموسيقى والمسرح، ومهرجان الدوحة الثقافي، ومهرجان أبوظبي للفنون، وكذا صيف صلالة.
ريادة كويتية
وترى المدونة الكويتية ليلة القحطاني، عضوة مجلس إدارة جريدة "بوبيان نيوز"، أن الكويت كانت أول دولة خليجية تفتح أبوابها أمام المهرجانات الفكرية والفنية والثقافية والسياحية والتسويقية.
وأشارت القحطاني في تصريح لـ"الخليج أونلاين" إلى أن "مهرجان هلا فبراير يعتبر أشهر مهرجان خليجي استقطب الجمهور والشخصيات العربية من فنانين ومطربين وكتاب وإعلاميين وشعراء".
وأكدت أن هذا المهرجان وغيره من الفعاليات التي كانت تقيمها الكويت قدمت للكويت صورة متألقة في السابق لبلد يستضيف أنماط متعددة من الفنون والأنشطة العربية والعالمية ويعطيهم مساحة من التقدير والحرية.
وأضافت: "لذلك لا خيار أمام واضعي القرار في الكويت سوى تطوير مهرجان هلا فبراير ودعمه بفعاليات شتوية مختلفة لدخول خط المنافسة مع موسم خريف صلالة وموسم الرياض".
وأوضحت أن الكويت تتميز بالسياحة العائلية، ويلاحظ ذلك من إقبال الأسر الخليجية والعربية على زيارتها، مضيفةً: "والآن بعد توفير الفيزا السياحية لجميع الجنسيات تستعد البلاد لاستقبال عدد أكبر خلال الخريف والشتاء القادمين".
وأشارت إلى أن هناك عدداً من المشاريع في طريقها إلى التنفيذ، منها ما يتعلق بتعزيز سياحة المطاعم، وكذا افتتاح عدد من الشواطئ والأنشطة البحرية، وإيجاد فرق غنائية واستعراضات على امتداد شارع البلاجات، ومدن ألعاب متفرقة وموزعة في مختلف المحافظات، وكذا مهرجان الموسيقى والعزف وكافة المواهب".
تشريعات مرنة
وبينت القحطاني أن التشريعات التي تسنها وتستحدثها الدولة تتسارع، وهي تبدي مرونة وتعاون كبيرين في جعل الكويت ملتقى فكري وفني وثقافي كبير خلال السنوات القادمة.
وأشارت إلى أن العنصر البشري والكوادر الوطنية الكويتية عُرفت بالإبداع والابتكار في أغلب المجالات.