في 2025/11/28
وكالات
تواصل دولة الكويت تنفيذ خططها لتحديث منظومتها الدفاعية وتطوير قدراتها الجوية، عبر استكمال مشروع استراتيجي طويل المدى يستهدف رفع جاهزية القوات المسلحة.
ويأتي تسلم دفعة جديدة من المقاتلات الأوروبية الحديثة "يوروفايتر - تايفون" ضمن هذا المسار، بما يعكس التزام الدولة بتعزيز أمنها وردع التهديدات في بيئة إقليمية متغيرة.
كما تعد هذه المقاتلات إحدى أبرز الطائرات الأوروبية المقاتلة الحديثة، إذ تشارك في تصنيعها دول مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، وتُعد خياراً مفضلاً للعديد من القوات الجوية حول العالم، لما توفره من توازن بين القوة التقنية والتكامل العملياتي.
تعزيز الجاهزية القتالية
وفي خطوة تؤكد المضي قدماً في برنامج التحديث العسكري، حطّت طائرتان من طراز "يوروفايتر - تايفون" في قاعدة سالم الصباح الجوية، في 6 نوفمبر 2025، ضمن الدفعة السابعة التي تتسلمها القوة الجوية الكويتية.
وأوضحت رئاسة الأركان الكويتية أن وصول الطائرتين يأتي "في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الجاهزية القتالية ورفع كفاءة القوة الجوية"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تمثل امتداداً لمشروع استراتيجي يهدف إلى تطوير قدرات الجيش وتعزيز منظومته الدفاعية.
وشهد آمر قاعدة سالم الصباح الجوية رئيس لجنة التوجيه المشتركة لطائرات "يوروفايتر" العميد الركن طيار ناصر عبد الله الشريدة، مراسم استقبال الطائرتين إلى جانب عدد من ضباط القوة الجوية، في تأكيد رمزي للأهمية التشغيلية التي تمثلها هذه الدفعة ضمن برنامج التسليم المتتابع.
ويعود بدء تسلم هذه الطائرات إلى ديسمبر 2021، ضمن مشروع استراتيجي شامل وصفته مصادر عسكرية بأنه "نقلة نوعية في جاهزية القوة الجوية الكويتية"، لما توفره الطائرة من قدرات متعددة المهام وأنظمة حرب إلكترونية متقدمة.
كما تتميز الطائرات الجديدة بقدرتها العالية على المناورة والاستجابة السريعة، وسرعتها الفائقة التي تمكّنها من تنفيذ مختلف المهام الجوية بكفاءة ومرونة.
جاهزية عالية
وتشكل القوة الجوية الكويتية أحد المكونات الرئيسة في بنية الدفاع الوطني، إذ تمتلك نحو 128 طائرة عسكرية موزعة بين المقاتلات والمروحيات وطائرات النقل والدعم، بما يعكس تركيبة متوازنة بين القدرات القتالية والوظائف اللوجستية.
كما تكشف البيانات الدفاعية، صورة متوازنة للقوة الجوية الكويتية بين الحجم والكفاءة، وسط سعي متواصل للحفاظ على جاهزية عالية.
ووفقاً تقرير موقع "Global Firepower" لعام 2025 تضم القوات الجوية الكويتية:
- 43 طائرة مقاتلة واعتراضية تمثل قرابة ثلث إجمالي الأسطول.
- 67 مروحية تشكل أكثر من نصف القوة الجوية، ما يدل على اعتماد واسع على الطيران العمودي في مهام النقل والإسناد والمراقبة.
- طائراتا نقل ثابتة الجناح، في مؤشر على اعتماد محدود على النقل الجوي الاستراتيجي.
كما يظهر التقرير أن معدل الجاهزية التشغيلية يبلغ نحو 77% من إجمالي الأسطول، وهي نسبة مرتفعة نسبياً تعكس كفاءة منظومة الصيانة والتشغيل.
أما بيانات دليل الطائرات العسكرية الحديثة في العالم "WDMMA" لعام 2025، فتظهر تصنيف القوة الجوية الكويتية في المرتبة 72 عالمياً من بين 129 دولة، مع مؤشر أداء يبلغ 16.8 نقطة.
كما تُقدر عدد الطائرات العاملة في سلاح الجو الكويتي بنحو 131 طائرة، تشمل المقاتلات والطائرات العمودية ووسائط النقل والتدريب، وفق ما يلي:
- يُشكل الأسطول المقاتل نحو 31% يضم طرازات بارزة مثل نسخ من "إف/إيه-18 إي" و"إف سوبر هورنت" الأمريكيتين، و"تايفون 3A".
- تحتل المروحيات موقعاً محورياً بعدد 74 طائرة تشمل النسخ الهجومية والنقلية، مثل "أباتشي "AH-64D" الأمريكية.
- في مجال النقل الجوي تستخدم الكويت طائرات "C-17A" الثقيلة الأمريكية.
- يعتمد التدريب على طائرات "هوك 64" الأمريكية.
ووفق "WDMMA" تمضي الكويت في توسيع أسطولها الجوي العسكري عبر طلبيات تشمل نحو 67 طائرة جديدة، من بينها نسخ متطورة من "تايفون" و"سوبر هورنت" و"أباتشي"، في إطار خطة تحديث متسارعة تستهدف تكامل المنظومات الغربية متعددة المصدر.
اعتبارات استراتيجية
ويرى محللون أن تنوع مصادر التسليح بين الموردين الأمريكيين والأوروبيين، يمنح الكويت مرونة تقنية في تطوير قدراتها الدفاعية، لكنه يفرض تحديات لوجستية وتدريبية تتطلب تنسيقاً عالياً بين أنظمة الدعم الفني والتشغيل.
وفي هذا الصدد يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم دشتي: إن "صفقة طائرات (التايفون) تُسهم في تعزيز القدرات الجوية للكويت، إذ تمثل الطائرة مشروعاً أوروبياً مشتركاً بين عدة دول".
كما أشار لـ"الخليج أونلاين" إلى أن "هذه الطائرات يستخدمها العديد من الدول الأوروبية إلى جانب السعودية وعُمان والكويت، لكن في المقابل يوجد طائرات أخرى في أسواق السلاح العالمية تُعد أكثر تقدماً من حيث التجربة والقدرات"، مضيفاً:
- الولايات المتحدة وروسيا والصين تتنافس اليوم بشدة على سوق المقاتلات.
- تقدّم واشنطن مقاتلات "F-35"، فيما تطرح روسيا "سوخوي 57" من طائرات الجيل الخامس، وتدخل الصين بقوة عبر "J-20" و"J-35"، إضافة لتطويرها المبكر لمقاتلات من الجيل السادس، ما يعكس سباقاً دولياً للهيمنة على التفوق الجوي.
- الكويت تتجه لتنويع مصادر تسليحها لاعتبارات سياسية واستراتيجية، وهذا التنوع خيار محمود يخدم العقيدة الدفاعية الكويتية.
- بناء علاقات متوازنة مع الحلفاء الأوروبيين والأمريكيين، ومع الصين مستقبلاً، يفتح باب شراكات أوسع في المجالات الدفاعية.
- تنويع الموردين العسكريين ليس جديداً، إذ تتبعه جيوش عديدة، حتى داخل الدول الأوروبية المنضوية تحت حلف الناتو.
- تجربة الغزو العراقي للكويت رسّخت قناعة أساسية مفادها أن حماية البلاد تبدأ من الداخل، سواء عبر تطوير منظومات التسليح أو تعزيز اللحمة الوطنية.
- الأمن لم يعد مقتصراً على السلاح بل أصبح مفهوماً يشمل الجوانب الإنسانية والاجتماعية، ويعتمد على تماسك المجتمع وتحديث الأجهزة الأمنية.