دول » الكويت

رقمنة التجربة السياحية.. الكويت تخطو نحو اقتصاد متنوع ومستدام

في 2025/11/19

طه العاني - الخليج أونلاين

تسابق الكويت الزمن لإعادة رسم خريطتها السياحية عبر التحول الرقمي في ظل سعيها لتنويع مصادر الدخل وتعزيز حضورها الثقافي والاقتصادي في المنطقة.

ومع تطور تجارب السياحة الرقمية في الخليج، تسعى الدولة إلى تحويل هذا القطاع إلى رافد حقيقي للناتج المحلي، مستفيدة من التقنيات الحديثة التي تسهل الوصول إلى الفعاليات والمواقع الترفيهية والثقافية.

ويأتي إطلاق منصة "فيزت كويت" كمحطة مفصلية في هذا المسار، إذ تمثل البوابة الوطنية الموحدة التي تجمع الخدمات السياحية في واجهة واحدة، تتيح للزوار تخطيط رحلاتهم واكتشاف التجارب المحلية بسهولة، في خطوة تنسجم مع مستهدفات رؤية الكويت 2035 الرامية إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

التحول السياحي الرقمي

وتعتبر المنصة الجديدة خطوة نوعية نحو تعزيز مكانة الكويت وجهةً سياحية إقليمية، حيث أعلن وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، بدء العمل بالمنصة لتكون البوابة الموحدة للحصول على التأشيرات السياحية، والاطلاع على الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية عبر واجهة تفاعلية ذكية.

وأكّد الوزير بتصريح لوكالة الأنباء الكويتية "كونا"، في 1 نوفمبر 2025، أن المنصة الجديدة "تمثل نقلة نوعية في تطوير منظومة الاتصال السياحي الرقمي"، إذ توفر خريطة تفاعلية شاملة للأنشطة والعروض الحصرية.

وبحسب الوزير فإن المنصّة تمكّن الزائر من تخطيط رحلته بالكامل إلكترونياً، مع خاصية الإشعارات الفورية ودعمها الكامل للغتين العربية والإنكليزية، بما يجعلها تجربة رقمية متكاملة تسهّل التواصل وتعكس الوجه الحضاري للكويت.

وأشار المطيري إلى أن هذه المبادرة توحّد الجهود الترويجية تحت مظلة وطنية واحدة، وتُعدّ أداة استراتيجية لتنظيم قطاع الفعاليات السياحية والثقافية والترفيهية، من خلال منح الشركات المحلية والعالمية التراخيص عبر منصة واحدة.

ويرى أن الخطوة الجديدة ستعزز التشاركية بين القطاعين الحكومي والخاص وتواكب تطلعات الدولة لتطوير صناعة السياحة والترفيه، بما يسهم في تحريك الاقتصاد الوطني وزيادة الإيرادات غير النفطية.

كما شدّد الوزير على أن الكويت تمتلك مقومات ثقافية وفنية تؤهلها لتكون ضمن أبرز الوجهات السياحية في المنطقة، مشيراً إلى أن المنصة ستسهم في تحسين موقع البلاد على الخريطة السياحية الخليجية وتعزيز قدرتها على جذب الزوار من مختلف الدول.

شراكة استراتيجية

وتواصل الكويت توسيع شراكاتها لتعزيز حضورها السياحي، مع إعلان توقيع اتفاقية تعاون بين منصة "فيزت كويت" الوطنية وشركة طيران الجزيرة، بهدف رفع تنافسية البلاد على خريطة السياحة الإقليمية والعالمية.

وأشارت وكالة "كونا"، في 29 أكتوبر 2025، إلى أن الاتفاقية تمثل نموذجاً للتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص في تنفيذ مستهدفات رؤية "كويت جديدة 2035"، حيث إن تطوير السياحة الوطنية لا يتحقق إلا عبر شراكات حقيقية تقوم على الابتكار والمسؤولية المشتركة.

وبيّن المطيري لوكالة "كونا" أن التعاون مع طيران الجزيرة يعزز استخدام التكنولوجيا والمنصات الرقمية في تسهيل تجربة الزائر والترويج للفعاليات والمواسم السياحية والثقافية، مؤكداً أن نجاح المنظومة السياحية يعتمد على تكامل الأدوار بين مختلف الجهات والمؤسسات.

ودعا الوزير القطاع الخاص إلى الاستثمار في المنصة الوطنية والمساهمة في بناء تجربة سياحية متكاملة تُبرز الوجه المعاصر للبلاد وتثري تجربة الزوار.

من جانبه أشار رئيس مجلس إدارة طيران الجزيرة مروان بودي، إلى أن هذه الشراكة تُترجم عملياً توجه الدولة نحو تنويع مصادر الدخل وتنشيط الاقتصاد المحلي، لافتاً إلى أن الاتفاقية ستسهم في تقديم ما سماه "باقة التوقف"، وهي مبادرة تتيح للمسافرين التوقف في الكويت لعدة أيام والتعرف على معالمها وتراثها قبل متابعة رحلاتهم.

وأضاف بودي في تصريحاته لـ"كونا" أن تسهيلات الدخول الأخيرة التي أقرتها وزارة الداخلية جعلت استضافة السياح أكثر سهولة، ما يعزز فرص جذب شرائح جديدة من الزوار.

ولفت إلى أن قطاع السياحة بات محركاً رئيسياً للنمو في دول الخليج، حيث يبلغ متوسط إنفاق السائح في المنطقة نحو 2500 دولار أمريكي، وهو ما يشكل رافداً مهماً للاقتصاد الوطني.

ودعا بودي الشباب الكويتي إلى استثمار الفرص الواعدة التي يوفرها القطاع في مجالات الطيران والفندقة والخدمات السياحية، مؤكداً أن السياحة لم تعد ترفاً بل صناعة اقتصادية متكاملة تخلق فرص عمل واسعة وتعزز موقع الكويت كمركز جذب جديد في المنطقة.

وجهة سياحية واعدة

ويؤكد فرج الكبيسي، مدير شركة "جوهرة الأرض" للسفر والسياحة، أن دول الخليج أدركت أهمية تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، عبر الاستثمار في قطاعات جديدة، وفي مقدمتها السياحة.

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن دول الخليج قدّمت تجارب رائدة في تطوير السياحة؛ من خلال التطوير والمشاريع وبناء مدن ومرافق حديثة التي جذبت ملايين الزوار، وجعلتها وجهة عالمية.

ويقول الكبيسي إن الكويت بدأت بخطوات ملموسة للحاق بهذا المسار، خصوصاً بعد تنظيم "خليجي 26" عام 2024، الذي أظهر صورة إيجابية عن البلاد وساهم في تطوير تطبيق "حياكم" المعني بالترويج للفعاليات المحلية وإصدار التأشيرات الإلكترونية.

ويوضح أن منصة "فيزت كويت" تأتي اليوم كخطوة متقدمة نحو تطوير المنظومة السياحية الرقمية في البلاد، إذ تسهّل إجراءات الحصول على التأشيرات، وتجمع بيانات الفعاليات والمهرجانات، وتربط بين المؤسسات الحكومية المعنية بالسياحة والخدمات.

ويرى الكبيسي أن المنصة يمكن أن تغيّر معادلة الإيرادات السياحية في الكويت إذا جرى تطويرها بالشكل المطلوب، مشيراً إلى أنها تتيح فرصاً حقيقية لتفعيل الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتعزيز دور الشركات المحلية في تنظيم الفعاليات وجذب الاستثمارات.

ويعتقد أن إدخال أنواع جديدة من التأشيرات عبر المنصة سيُسهم في تنويع فئات الزوار، من السياح إلى رجال الأعمال والمشاركين في المعارض والبطولات، مما يزيد حجم الإنفاق ويثري الاقتصاد المحلي.

ويختم الكبيسي قائلاً إن مثل هذه المبادرات الرقمية لا تقتصر على جذب السياح فقط، بل تفتح آفاقاً جديدة للشباب في سوق العمل، من خلال مشاريع الضيافة، والتسويق الرقمي، وتنظيم الفعاليات، وهو ما يعزز مكانة الكويت تدريجياً كوجهة سياحية واعدة في الخليج.

تنويع التأشيرات

وتعزز منصة "فيزت كويت" التحول السياحي الرقمي من خلال توسيع نطاق التأشيرات الإلكترونية، إذ تتيح للزوار التقدم بسهولة للحصول على أربع فئات رئيسية من التأشيرات، تشمل السياحية والعائلية والتجارية والرسمية، وفق ما أوردته صحيفة جلف نيوز الإماراتية.

وتُعدّ التأشيرة السياحية الأوسع انتشاراً، حيث تتيح الإقامة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وتستهدف الأفراد الراغبين في استكشاف الوجهات الثقافية والترفيهية في البلاد. أما تأشيرة العائلة فتمكّن المقيمين في الكويت من دعوة أقاربهم للإقامة القصيرة لمدة 30 يوماً، ما يعزز الجانب الاجتماعي ويخدم شريحة الجاليات المقيمة.

وفي الجانب الاقتصادي تمثل تأشيرة الأعمال إضافة نوعية في دعم بيئة الاستثمار، إذ تسمح بدخول ممثلي الشركات الأجنبية لحضور الاجتماعات والفعاليات التجارية لمدة شهر، الأمر الذي يعكس توجه الكويت نحو تسهيل حركة المستثمرين وتعزيز التواصل المؤسسي مع الأسواق الإقليمية.

بينما خُصصت التأشيرة الرسمية للوفود الحكومية والدبلوماسية، ما يرسخ مكانة البلاد كمركز لاستضافة اللقاءات الإقليمية والدولية.

وبحسب صحيفة جلف، تجمع المنصة في واجهتها خدمات التأشيرات مع خريطة شاملة للمواقع والفعاليات، لتشكل بوابة رقمية موحدة تختصر الوقت والإجراءات، وتترجم عملياً توجهات رؤية الكويت 2035 في تطوير قطاع السياحة كأحد محركات النمو وتنويع الدخل.